رغم أنها كانت تبلغ الرابعة والعشرين من العمر، فإن روتانا، الفتاة السعودية التي عاشت في المملكة المحافظة، وكانت تعمل في إحدى شركات النفط الكبيرة، أحست أنها لم تختر الحياة التي تعيشها، وأن هذه الحياة ليست لها، فرحلت باحثةً عن ذاتها، إلى لوس انجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية. هناك أكملت دراستها، وإلى جانب ذلك، اختارت طريقاً جديداً في الحياة، هو الغناء.
هذا ما قالته روتانا، وهذا هو اسمها الحقيقي، الذي هو نوع من أجود أنواع التمور في المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، على هامش الحفلة التي أقامتها مساء الخميس على مسرح ألهامبرا في باريس. لتكون أولى حفلاتها في أوروبا، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والكويت. هذا ليس الغريب في الأمر، بل الغريب أن من دعاها للغناء في فرنسا هو حكومتها، حكومة السعودية التي تواصلت مع الجهات المعنية في المسرح، لدعوة روتانا لإقامة الحفلة.
عن ذلك قالت روتانا: "تعمل الحكومة السعودية على الترويج للفن السعودي ولفنانيها، ربما لإدراكها بأن الفن والموسيقى هما الطريق الأسرع للتغيير، وهذا أمر مهم".
أستغنين في السعودية يوماً؟
ردت روتانا: "لا يمكنني أن أغني اليوم، فهذا أمر غير مسموح به هناك، ولكنني لا استبعد أن يأتي هذا اليوم". درست روتانا العلاقات العامة والتسويق وعلم النفس، قبل أن تتخرج وتعمل في إحدى كبريات شركات النفط. وبعد فترة قصيرة، كان المجتمع خلالها يرى أنها ناجحة، وحققت الكثير من الإنجازات، وتنال راتباً ممتازاً، لكنها غير سعيدة لأنها بحاجة إلى البحث عن نفسها. تقول: "بدأت الاستماع للصوت الذي في داخلي، وهو أمر مميز، لأن الصوت الداخلي يخبرك ما عليك فعله ويجد الإجابات لكل الأسئلة، إلا إننا نتجاهله عادةً لأننا نخاف من المجتمع ونخاف من العقاب والنظرة الخارجية التي لا علاقة لنا بها". وتضيف روتانا: "دائماً عبرت عن مشاعري بالكتابة، منذ صغري، كنت أكتب وأغني بيني وبين نفسي. اليوم وجدت الغناء طريقة للتعبير عما في داخلي، وقد أخذت القرار وأنا في الرابعة والعشرين. أعتقد أن هذا كان عمراً متأخراً بعض الشيء، أتمنى لو اخترت أن أكون من أنا منذ كنت طفلة، ولكن المجتمع والنظام والبيئة لا تدعم هذا التوجه". &feature=youtu.beالانتقال
روتانا البالغة من العمر اليوم 28 عاماً، تعيش في لوس أنجلوس. تكتب الأغاني، وتغني، وتصدر أغانيها على شكل “Single”، تذهب إلى السعودية أحياناً لتزور عائلتها، التي قدمت لها الدعم الكبير في مسيرتها، عندما اختارت الفن. تقول: "اعتقدوا عندما أخبرتهم أنني أريد أن أصبح مغنية أنني غير جادة، وكان والداي قلقين كأي والدين، ولكن لأنني آتية من بقعة ما على الأرض كان ذلك يستدعي أن يقلقوا علي بشكل مكثف، لأنه في كل مرة يقوم شخص بأمر غير متعارف عليه في المجتمع، يكون مصيره مصدر قلق أو ربما خطر، إذ يأتي مع نقد المجتمع، وهذا أمرٌ لم يرده والداي لي". وتواصل روتانا، التي وصفت عائلتها بأنها داعمة ومتحررة: "خلال السنوات الثلاث والنصف السنة الماضية، تغيروا، كما تغيرت أنا. كانوا لا يؤمنون بالفن والغناء، وهم الآن يؤمنون بي ويدعمونني، وكأنهم يؤمنون بالسحر، فقد وجدوا أنني جادة وأحقق تطوراً". عندما وصلت روتانا للوس انجلوس من أجل دراسة الماجستير في جامعة ساوثرن كالفورنيا في إدارة الاتصال، بدأت تأخذ دروساً في الغناء مع مدرس صوتيات اسمه "ديفيد ستراود"، لكنها توقفت بعد 8 أشهر، لأنها تريد أن تفهم صوتها بنفسها، وتغني في العلن وليس في حصص الغناء، "وكذلك لأنني عنيدة وأتمسك برأيي"، كما أوضحت. &feature=youtu.beأستعودين إلى بلادك؟
"لم أكن أعلم ما مدى احتمال أن أنجح في مجال الموسيقى والغناء، كما أنني لا أحس بأنني تركت كل شيء عندما سافرت، أنا متصلة بعائلتي وببلدي وفخورة بهما، وبالتطور الذي أود أن أراه في داخلي. لذا أنا لم أرحل، لكنني مقيمة في الولايات المتحدة بشكل مؤقت، لأقوم بعمل لا أستطيع القيام به في بلدي".ماذا يعني لك الغناء؟
"الغناء والموسيقى هما كل شيء بالنسبة إلي، فأنا عاطفية، ولا أعرف ما الذي يمكن أن أعمله من دون الموسيقى، وأنا أيضاً رمز لأختي الصغيرة (19عاماً) ولكل الشباب والشابات في المملكة العربية السعودية، الذين يشعرون أنهم ولدوا ضمن حدود معينة. فأنا أوصل لهم رسالة تفيد بأن الحدود موجودة في عقولنا، وعندما نقرر أننا نستطيع، فلا حدود جغرافية توقفنا، وأعتقد أن وجودي على هذه الأرض هو لإيصال هذه الرسالة".رسالة معينة؟
وعن الرسالة التي تريد إيصالها وهي على المسرح، تغني، مرتدية ملابس لا تستطيع ارتداءها في العلن في بلدها، أوضحت روتانا: "كامرأة سعودية، أريد أن أقول لفتيات بلدي، إن ما أقوم به لا يعني أنني لست خائفة. أنا خائفة واخترت أن أقوم بهذا الأمر في كل الأحوال. أريد أن استيقظ صباحاً وأقوم بما أريده وأحبه، وهي الرسالة الأكبر التي أريد إيصالها". &feature=youtu.be حالياً، روتانا بصدد إطلاق المزيد من الأغاني على شكل "سنغل"، أو أغنية فردية، وقد كتبت كلماتها بنفسها. فهي منذ دخلت عالم الفن، تغني من تأليفها، "لا أعرف أن أغني كلمات لم أكتبها".ماذا تريدين بعد؟
"الحرية. الحرية. الحرية للجميع".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين