شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
إفلاس وحزن حتى الموت... عن فنانين غير التأميم حياتهم

إفلاس وحزن حتى الموت... عن فنانين غير التأميم حياتهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 27 يوليو 201712:39 م

في بداية حقبة الستينيات من القرن الماضي، أصدر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عدداً من القرارات الاشتراكية، وبدأ في تغييرات وإصلاحات تحديثية، كان من بينها "التأميم". ويقصد بالتأميم تحويل ملكية المشروعات أو المؤسسات الاقتصادية إلى "الشعب"، فتكون ملكيتها عامة وتديرها أجهزة الدولة والحكومة. وبتنفيذ التأميم، وضعت الدولة يدها على العديد من الممتلكات الخاصة، وهو ما أثر بالسلب على العديد من صناع الفن في مصر فطاردهم الإفلاس. فمنهم من مرض ومات بحسرته على ممتلكاته الضائعة، وآخرون اضطروا للبدء مرة أخرى من نقطة الصفر لتكوين ثروة من جديد، ومنهم من تم تأميم ممتلكاته بعد وفاته فلم ترثه عائلته.

محمد فوزي

المطرب محمد فوزي الذي ولد في محافظة الغربية عام 1918، وهو ذات العام الذي ولد فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عانى في طفولته من الفقر، حيث كان ابناً لأب يعمل قارئاً للقرآن، متزوجاً من 3 نساء، وذلك بحسب التمثيلية الإذاعية شحات الغرام، عن قصة حياة محمد فوزي، عن كتاب محمد السيد شوشة. كان فوزي واحداً من بين أكثر من 20 أخاً وأختاً. وعمل فوزي منذ صغره في الموالد والأفراح لكي يساعد والده مادياً، حتى سافر للقاهرة التي بدأت رحلته فيها بمعاناة مادية أيضاً. كانت والدته ترسل إليه جنيهاً واحداً يومياً ولم يكن يكفيه، ما دفعه للعمل بالملاهي الليلية لكي يتمكن من الإنفاق على نفسه، ثم التحق فوزي للعمل بفرقة بديعة مصابني، ومن هنا بدأت انطلاقته الحقيقية في عالم الفن. توالت نجاحات محمد فوزي في مجالي التمثيل والغناء، وكون ثروة، فقرر حينها إنشاء شركة إنتاج إسطوانات سماها "مصر فون" عام 1958 مع طليقته (زوجته حينها) الفنانة مديحة يسري والتي أنفق عليها كل أمواله حتى إنه اضطر إلى بيع بعض العقارات التي كان يملكها.

وقد كانت أول شركة مصرية شرق أوسطية لإنتاج وصناعة الإسطوانات. وقف محمد فوزي أيضاً مع ثورة 23 يوليو عند قيامها، حيث شارك في فعاليات "قطار الرحمة"، التي كان هدفها جمع تبرعات من المواطنين في سائر المحافظات لدعم الجيش المصري عام 1952، بل وغنى للثورة "كان وإن".
وبالرغم من ذلك، فوجئ فوزي بتأميم مصنعه. وروت مديحة يسري قصة التأميم للإعلامي عمرو الليثي في برنامج بوضوح، قائلة: "عملوا فوزي لمدة شهر مستشار فني للمصنع اللي احنا عملناه عشان نوفر عملة صعبة لمصر، بدل ما كان الفنانين بيسافروا للندن واليونان لتسجيل إسطواناتهم". وتضيف يسري: "راح فوزي آخر مرة لقى ضابط على مكتبه قاله إحنا استغنينا عن خدماتك. رد فوزي متشكر، وبعدين راح البيت، رقد 4 سنين جاله السرطان لحد ما ربنا افتكره سنة 1966".
ووصفت يسري ما حدث بالظلم، وقالت: "المصنع ده يتأمم ليه؟ إحنا فنانين ومعملناش حاجة. طيب ممكن يأمموا اللي عندهم كذا ألف فدان لكن إحنا ليه؟".
بسبب التأميم وضعت الدولة يدها على ممتلكات خاصة، ما أثر على بعض صناع الفن في مصر فطاردهم الإفلاس
"المصنع ده يتأمم ليه؟ إحنا فنانين ومعملناش حاجة. طيب ممكن يأمموا اللي عندهم كذا ألف فدان لكن احنا ليه؟"
وتؤكد يسري أن ذلك المصنع أصبح يطلق عليه فيما بعد شركة صوت القاهرة، وقد علق مدير صوت القاهرة السابق لافتة كبيرة مكتوب عليها أن ذلك المبنى كان ملكاً للفنان محمد فوزي.

مديحة يسري

لم تشاركه فقط سبع سنوات زواج، بل شاركت محمد فوزي في أعماله السينمائية والإنتاجية وفي تأسيس شركة "مصر فون". خسرت أيضاً كل أموالها جراء التأميم، إلا أنها كانت أكثر تحملاً من فوزي، حيث أكدت في برنامج بوضوح أنه تم تأميم أيضاً فيلتها في منطقة الهرم والتي كانت مقامة على مساحة فدانين، وتم بيعها لوزير مالية سعودي متزوج من مصرية مقابل مبلغ 25 ألف جنيه.

&t=1759s وتضيف أنه تم أخذ كل محتويات الفيلا بما فيها ملابسها الشخصية، حيث لم تحصل منها سوى على صورة كان رسمها لها الفنان التشكيلي صلاح طاهر، ومصحف مكتوب بماء الذهب. تعرضت لصدمة كبيرة، ولكنها سرعان ما استجمعت قواها وتذكرت مصوغاتها الذهبية التي اضطرت إلى بيعها، وكان لديها مكتب حولته إلى شقة صغيرة، وبعدها عُرض عليها العمل في دولة الكويت في برنامج إذاعي للمرأة والطفل، بعد توقيعها على عقد بـ10 آلاف دينار. تقول يسري: "هذه كانت بدايتي بعد التأميم. ومن هنا كان رأس مالي الجديد، ثم توالت عليّ العروض من دول عربية للعمل هناك في مجال الإذاعة".

ماري كويني

الفنانة اللبنانية ماري كويني، والتي لمع نجمها في مصر، حيث كانت فنانة شاملة تعمل بالتمثيل والمونتاج والإنتاج. وهي ابنة شقيقة الرائدة في مجال الإنتاج السينمائي آسيا داغر، وزوجة المخرج الراحل أحمد جلال الذي أنجبت منه المخرج نادر جلال. لم تشارك كويني المخرج أحمد جلال حياتهما الزوجية فقط التي بدأت في بداية الأربعينيات، بل شاركته أيضاً العمل في مجال الإنتاج حيث أسسا في الأربعينات أول استوديو للأفلام الملونة في مصر، وذلك بعد انفصالها عن شراكتها مع خالتها آسيا داغر.
وكان الاستوديو الذي تم إنشاؤه في منطقة حدائق القبة شمال العاصمة، من أضخم الاستديوهات في البلد بعد "استوديو مصر". توفي جلال عام 1947 لكن استمر مشروع الاستديو الذي تفرغت له كويني تماماً مع الإنتاج بعدما اعتزلت التمثيل، حتى لُقبت بـ"رائدة السينما المصرية". وفي أول الستينات تم تأميم الاستديوهات، وكان "استوديو جلال" من بينها، فلم تجد كويني حلاً سوى العمل كمنتج منفذ لحساب القطاع العام ما بين آخر الستينات حتى عام أول السبعينات. ثم عادت بعدها للعمل في الإنتاج الخاص، بحسب ما قاله الناقد السينمائي كمال القاضي لرصيف22. توفت كويني عام 2003 تاركة العديد من الأعمال المحفورة في ذاكرة جماهير الوطن العربي. وقد كان من أبرز الأفلام التي أنتجتها نساء بلا رجال، وإسماعيل ياسين في جنينة الحيوانات، والمليونير الفقير وفجر يوم جديد، وبدور، وأقوى من الأيام.

نيللي مظلوم

راقصة الباليه الشهيرة نيللي مظلوم المصرية ذات الأصول اليونانية، من مواليد عام 1925. ولدت مريضة بشلل الأطفال، وعالجها طبيب يوناني كانت زوجته صاحبة مدرسة لتعليم فن الباليه، حتى تمكنت من الشفاء، فتبنتها زوجة الطبيب فنياً وعلمتها الرقص حتى ذاع صيتها، ثم انطلقت للعمل في مجال السينما. ويقول الناقد السينمائي كمال القاضي، إنها شاركت في عدد من الأفلام أشهرها ابن حميدو، من بطولة الفنان الكوميدي إسماعيل ياسين، وفاطمة وماريكا وراشيل وإسماعيل ياسين في جنينة الحيوانات. ثم أنشأت أكاديمية للرقص الشعبي الفلكلوري.
طال التأميم في الستينيات الأكاديمية، وتم الاكتفاء بصرف معاش رمزي لها، ما أدى إلى معاناتها المادية، حيث ساءت ظروفها كثيراً. سافرت للعمل في اليونان وتمكنت من إنشاء مدرسة للرقص الشرقي والفرعوني هناك.

زكي رستم

ينتمي الفنان زكي رستم إلى طبقة أرستقراطية، وقد ولد عام1903 في قصر جده اللواء محمود رستم باشا بحي الحلمية، الذي كانت تقطنه الطبقة الارستقراطية في تلك الفترة، وكان والده محرم بك رستم عضواً بارزاً بالحزب الوطني، ومن كبار ملاك الأراضي الزراعية. وورث رستم عن عائلته العديد من الأطيان الزراعية، فكان مصدر ثروته الميراث الذي حصل عليه من والده. وكان وضع زكي رستم مختلفاً، حيث تم تأميم ممتلكاته بعد وفاته، فورثته الدولة بدلاً من أسرته. وتقول ابنة شقيقه، المذيعة ليلى رستم مقدمة برنامج نجمك المفضل، والذي حاورت فيه معظم نجوم زمن الفن القديم، في لقاء تليفزيوني لها مع الإعلامي مفيد فوزي، إن عمها الراحل أنفق نصف ثروته على الفن حيث كان عاشقاً له حتى إنه كرس حياته للعمل الفني، فرفض الزواج بسببه. وبعد وفاة زكي رستم، وضعت الدولة المصرية يدها على كل أملاك زكي رستم، وتقول ليلى رستم عن ذلك: "عبد الناصر ورثه... خد أطيان كتير جداً".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image