تحالفت أحزاب السلطة في لبنان لخوض انتخابات نقابة المهندسين. اجتمعت الأضداد، فحزب الله والقوات والمستقبل سمّت مرشّحيها على لائحةٍ يترأسها المهندس عن التيار الوطني الحر بول نجم، واحتفل المتحالفون قبل صدور النتائج. أحزاب السلطة واثقةٌ من "أتباعها"، لكن حساب الحقل السلطوي لم يطابق حساب البيدر النقابي هذه المرة.
المجتمع المدني وبصيص الأمل... هل نفعلها؟
صرخ المهندسون فرحاً ملوّحين ببشائر التغيير. فتح إعلان النتائج وفوز مرشح "نقابتي" المدعوم من المجتمع المدني المهندس جاد تابت الباب أمام معطياتٍ لبنانية جديدة.
المهندسون بتحقيقهم مفاجأة مدوّيةً فاز على إثرها مرشح مستقلّ على حساب مرشح "العهد الجديد" وتحالفاته، بول نجم، أكملوا مسيرةً بدأتها لائحة "بيروت مدينتي" التي خاضت الانتخابات البلدية في بيروت، وأثبتت وجودها وحجمها التمثيلي.
نجحت الكتلة الهندسية في التماهي مع الرأي العام، المستقل والحزبي الرافض لتحالف الأحزاب الهجين. فالأخيرة تعاملت مع المهندسين كمجموعةٍ مسيّرةٍ لا قرار فعلي لها، مما استدعى توجيه صفعةٍ ستخلط دون شكّ حسابات القوى السياسية الانتخابية في النقابات أو البرلمان مستقبلاً.
يمكن للأحزاب أن تسيطر على معظم مؤيّديها بخطابٍ ديني أو طائفيٍ او وجودي، وهي تفعل ذلك في لبنان منذ ما بعد الـ2005، لكن إستراتيجيتها هي سيفٌ ذو حدّين، فالأحزاب بخطاباتها تعيش على تهشيم صورة الخصم في تجاهلٍ تامٍ لاحتمال التحالف معه لاحقاً.
سيف الأحزاب قطع آمالها في نقابة المهندسين وفشل التحالف الهجين في الفوز. المهندسون كانوا واضحين، العصي المجموعة من وديانٍ متباعدةٍ مصيرها التكسر أمام حزمة عصي مستقلة تعي ما تريد وما تفعل.
"بلّش التّغيير" أم سحابة صيفٍ عابرة؟
لا شكّ أن الانتصار النقابي يمثل نقطة تحولٍ مهمة على صعيد الرأي العام، لكن لا يمكن للمراقب التفاؤل حدّ الانفصال عن الواقع، فالمجتمع المدني حصد منصب النقيب ولكن الأحزاب نجحت في الفوز بالأعضاء.
المجتمع المدني ملزمٌ بالعمل على مراكمة الجهود لكسب تأييدٍ أكبر خاصةً بين الطبقات والشرائح البراغماتية من حيث الرأي والتصويت.
سيفكّر السياسيون مرتين بعد الانتخابات البلدية والنقابية، فلا يمكن لشركة تدقيق ومحاسبة انتهى عقدها قبل 5 سنوات في كازينو لبنان الاستمرار في العمل، وبغطاءٍ سياسي خالص يخالف نظام شركة "كازينو لبنان" سنداً للمادة 36.
الشركة تتقاضى أتعاباً سنوية قدرها 300 مليون ليرة لبنانية، والتي استولت على مليار ونصف المليار ليرة دون وجه حق مع أنها لم تقم بواجباتها طوال السنوات السابقة، لا بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد طبقاً للمادة 39 من نظام الشركة ولا بمكافحة الفساد المالي والضريبي، ومثلها شركاتٌ ومخالفاتٌ عديدة.
مصطلح "المحاسبة الشعبية" على ما يبدو دخل حيّز التنفيذ، وهذا ما استدعى حميّة مفاجأة في جلسة البرلمان لمساءلة الحكومة، ففضح السياسيون بعضهم بعضاً، الوزير بعد الوزارة يدخل نادي المليارديين والمفاتيح "السّماسرة" يحرمون الخزينة من ملايين الدولارات، وبواخر الكهرباء غير المجدية تزيد تكلفتها عن المعدل الطّبيعي للسوق بـ800 مليون دولار، كلها فضائح وفظائع لم نكن لنسمعها لولا أن السلطة خائفةٌ من انفراط العقد الشعبي حولها.
"التّمديد" قادم لا محالة؟
الجدل بات محسوماً، خيار التمديد أصبح واقعاً ثابتاً في ظل المشاكل الأمنية في عين الحلوة، وعدم التوافق السياسي على قانون انتخاب يضمن للأحزاب حصصهم ومكتسباتهم، تُضاف إليه الصفعات الشعبية المتتالية، من الحراك المدني وصولاً لانتخابات النقابات.
فبعد عقودٍ اعتادت فيها السلطة وجود نقاباتٍ مرتهنة، تواجه اليوم صوتاً أو أصواتاً نقابيةً جديدة تؤسس لحالةٍ ستتنامى في المستقبل، مما يستدعى تمديداً برلمانياً على أمل خفوت الغصب الشعبي، أو إيجاد قانونٍ يسمح للطبقة السياسية بالبقاء، ولو لمرةٍ واحدة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين