شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
مجلس النّواب وسلسلة الرّتب والرّواتب... سلسلة حول عنق الموظّف

مجلس النّواب وسلسلة الرّتب والرّواتب... سلسلة حول عنق الموظّف

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 28 فبراير 201705:48 م
اكتسبت شخصيتا حنّا غريب ونعمة محفوض، نقيبيّ التّعليم الرّسمي والخاص شهرةً غير مسبوقةٍ في السّنوات الماضية. الرّجلان جمعا أضّداد السّياسة في اعتصاماتهما المشتركة. شعار سلسلة الرّتب والرّواتب كان الأساس، والأساس المطلبي أشعر الطّبقة السّياسية بتهديد لأساسها الوجودي، أي إيقاظ العمل النّقابي المطلبي، الذي عملت هي على تنويمه واستغلاله منذ سبعينييات القرن الماضي، عبر مصادرة العمل النّقابي والطّلابي، وتعيين أزلامٍ يتبعون للأفرقاء السّياسيين في لبنان، لكن تحرّك غريب – محفوض أُجهض، وأُجّلت السّلسلة مجدّداً. من النّادر أن يشهد مجلس النّواب اللبناني في جلسات إقرار القوانين إجماعاً شاملاً. في الجلسة الأخيرة، تحقّقت المعجزة، أقرّ المجلس بإجماع الحاضرين  القانون رقم "55"، الذي طرحه النّائب أنطوان زهرة. القانون المُقرّ يرمي لزيادة استفادة النّواب الحاليين والسّابقين من المعاش التّقاعدي، بغضّ النّظر عن عدد دورات انتخابهم كنوّاب، في وقتٍ لا تزال سلسلة الرّتب والرّواتب التي تعني الموظفين والطّبقتين المتوسطة والفقيرة محطّ نقاشٍ ومماطلةٍ بحجّة عدم توفّر السّيولة اللازمة في الخزينة. السّيولة توفّرت عندما تعلّق الامر بالنّواب ومخصّصاتهم. بموجب القانون "55" سيستفيد 112 نائباً، منهم الحيّ ومنهم المتوفّي من مخصّصات تقاعدية، ترتب على الخزينة أعباء إضافية ستبلغ 2.5 مليار ليرة، تُضاف ل 27 مليار ليرةٍ يدفعها اللبناني سنوياً وتٌفرز لجيوب المتقاعدين. مرّر المجلس النّيابي القانون النّفعي لأعضائه بسلاسة، لم يعترض او ينتفض أحد، حان وقت إقرار الموازنة بالنّسبة للطبقة السّياسية، زالت فجأة الخلافات السّابقة حول قطع الحساب، واختفاء 11 مليار دولار من الخزينة بشكلٍ مشبوه، فلبنان دخل عهداً جديداً يجب ان يحمل نفساً تغييرياً إصلاحياً، والإصلاح يفرض وجوب موازنة، وعليه، تمدّ الحكومة يدها إلى جيب المواطن اللبناني لتجبي ضرائب جديدة، في بلدٍ تبلغ نسبة الفقر فيه 30% قياساً على عدد السّكان. يعتبر المواطن العادي الحلقة الأضعف في الدّائرة الإقتصادية التي يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني، فهو محرومٌ من الخدمات الأساسية كالكهرباء، والتأمين الصّحي، والسّلامة البيئية وغيرها، في ظلّ وجود استثمارٍ أجنبي، وقطاعٍ مصرفي يُصنف كواحدٍ من أبرز القطاعات الخدماتية في الشّرق الاوسط. بدل أن تتجه الحكومة لصرف موازنة تدعم فيها القطاعات الإنتاجية المغيّبة، كالزّراعة والصّناعة، بُغية زيادة الإقبال على هذه القطاعات المهمّشة، قرّرت تجاهل وجودها، في خطوةٍ مشابهة لخطوات الحكومات السّابقة، والتي كرّست غياب التّنمية والإنماء المتوازن. فضّلت الحكومة في مشروعها الجديد، أي الموازنة، عدم فرض ضرائب على المستثمر الأجنبي، حرصاً على استثماراته ووجوده، وكأن لبنان جمعية خيرية لا تبغي الرّبح من استثمار من يستغلها كسوقٍ تجارية. القطاع المصرفي محصّن ضدّ الضّرائب أيضاً، من يجرؤ على المسّ بقطاعٍ يشكّل عصب الاقتصاد، وقادرٌ على شلّ البلد نهائياً إذا أضيفت أي ضريبة عليه. مشروع الموازنة المطروح يستهدف الفقير أولاً وأخيراً، فالحكومة/الدّولة غير مستعدّةٍ حتّى للتفكير بمعالجة مكامن الفساد فيها، ولو أنّها عيّنت وزيراً لمكافحة الفساد، وهي غير معنيةٍ بضبط حدودها الجمركية ولا تحمّل مسؤوليّاتها فيما خصّ الهدر وسوء الإدارة في معظم المؤسّسات والصّناديق التّابعة للحكومة ووزاراتها. الحكومة غير منوط بها إجراء مناقصاتٍ عادلةٍ تضمن أموالها في أيٍّ من القطاعات الحيوية كالكهرباء والنّفايات، فلكل فريق سياسيٍ متعهّده الخاص، يتسلّم الأخير المشاريع تبعاً للمنطقة والتّقسيم الطّائفي. لو أن الضّرائب المستجدّة ستؤّمن للمواطن تأميناً صحّياً بدل الموت على أبواب المستشفيات، كحال 80% من اللبنانيين، لو أنها ستؤمّن تغذيةً كهربائيةً متواصلة لما اعترض احد. مواصلة الأفرقاء السّياسيين انتهاج سياسة تفقيرٍ للمواطن لا تهدف إلّا لضمان مستقبلٍ سياسيّ لهم ولورثتهم، لأنهم يعتاشون على تبعية المواطن وفقره، فتفقير المواطن يعني تلقائياً  فرض أنفسهم منقذاً له، وتحويله لتابعٍ مدينٍ لهم.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image