شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هل تصبّ سياسات ترامب العنصرية في مصلحة المسلمين؟

هل تصبّ سياسات ترامب العنصرية في مصلحة المسلمين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 1 يونيو 201712:08 ص
لوهلة أولى يبدو أن سياسات وقرارات الرئيس الاميركي دونالد ترامب العنصرية والمعادية للمسلمين ستحمل أضراراً جمة تتعلق بحقوق وحريات الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة، وتنذر بمخاطر كبرى تداهم أمن ومصير بلدان العالم الإسلامي. لكن تلك المخاوف والاخطار المحدقة بالإسلام والمسلمين في العالم قد تحمل تأثيرات إيجابية. فهي ستحمل فرصاً يمكن استثمارها للدفاع عن الحقوق والقضايا الإسلامية داخل أمريكا وخارجها، لتعزيز مكانة وصورة الدين الذي يوصم حالياً بالتطرف والإرهاب. ولعل أول ثمار سياسات وقرارات ترامب المعادية للمسلمين، قد صبت في مصلحتهم، ذلك أن العالم انتفض ضد قراره بمنع مواطني سبع دول إسلامية من دخول الأراضي الامريكية. فأوروبا، باستثناء بريطانيا، نددت بقرار ترامب، كما سارعت المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية إلى إدانة القرار المعادي للمسلمين، فيما رحبت كندا بإيواء اللاجئين على أراضيها. ولكن الأهم بدا في موجة التعاطف الضخمة داخل مختلف شرائح المجتمع الأمريكي وبين رموز نخبته السياسية والثقافية مع المسلمين. فمن كان يصدق أن نجمة تلفزيون الواقع الشهيرة كيم كاردشيان سيأتي يوم ونراها تدافع عن المسلمين وترفض وصمهم بالإرهاب؟ ومن كان يتوقع أن تبدي وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبريت استعدادها لإشهار إسلامها في حال قام ترامب بتسجيل قاعدة بيانات خاصة بالمسلمين فقط؟ قائمة التأييد والتضامن مع مسلمي أمريكا، ضمت فنانين ومشاهير وكتاباً وعلماء وسياسيين وصحفاً كبرى ومؤسسات أكاديمية وجمعيات حقوقية ورجال أعمال وشركات كبرى، منهم المغنية ريهانا والمخرج مايكل مور وجامعة ميتشغان وأعضاء الكونجرس الديمقراطيون ومؤسس فيسبوك وشركات تويتر وغوغل وأبل. حتى أن متظاهرين يهوداً انضموا إلى الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها محيطات عدد من المطارات الأمريكية مؤخراً. هذا عدا الأحكام القضائية المعارضة لتنفيذ قرارات ترامب الأخيرة. وقد أبدى عدد من رموز الجاليات الإسلامية في حديثهم لرصيف22 تفاؤلهم بشأن مستقبل المسلمين هناك، مؤكدين أن الأيام القادمة ستحمل مؤشرات إيجابية لصالح المسلمين وأنهم على استعداد للتعاون مع القوى المناوئة لترامب لمواجهة عنصريته.

فرص متعاظمة

الدكتور ياسر أبو شبانه أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، ومنسق الدعوة والشؤون الدينية بالمركز الإسلامي في ولاية تكساس، أكد لرصيف22، أن فرص استفادة المسلمين من سياسات ترامب العدائية والعنصرية لصالحهم كبيرة ومتعاظمة إذا أحسنت الجالية المسلمة التعامل معها بطريقة علمية ومنظمة. وأضاف "لدينا تجربة سابقة كانت أشد قسوة وضراوة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، إذ كانت هناك بالتوازي حرب أشد ضراوة على الإسلام والوجود الإسلامي في الولايات المتحدة، لدرجة امتناع بعض الناس عن الذهاب إلى المساجد لفترة وخلع كثير من فتيات وسيدات الجالية الحجاب". وتابع: "ولكن بعد فترة اندفع كثير من الأميركيين للقراءة عن هذا الدين والتعرف عليه، وسجلت إحصاءات المكتبات الأمريكية الشهيرة ارتفاع نسبة توزيع الكتب التي تتحدث عن الإسلام تلك الفترة". وهذه المرة تزداد فرصة المسلمين من ناحية تعاطف قطاعات كبيرة من الشعب الأميركي معهم، بعكس ما حدث بعد هجمات سبتمبر، فترامب هاجم إلى جانب المسلمين، المرأة والسود واللاتين، مما أدى إلى هذه الحالة من الغضب والنفور حتى في صفوف الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه.
من كان يصدق أن نجمة تلفزيون الواقع كيم كاردشيان سيأتي يوم ونراها تدافع عن المسلمين وترفض وصمهم بالإرهاب؟
في حال استمر العالم في اعتراضاته ومواقفه الرافضة... الأيام القادمة ستحمل مؤشرات إيجابية لصالح المسلمين
وأشار أبو شبانة إلى إمكانية استثمار مواقف بعض الساسة والحقوقيين والفنانين الذين عبروا عن تعاطفهم مع المسلمين ضد تصريحات وقرارات ترامب الأخيرة، بدعوة هؤلاء إلى المساجد والاحتفالات الكبرى في الأعياد للحديث عن هذا الأمر في وجود وسائل الإعلام الكبرى التي تتبع أخبار هؤلاء المشاهير. وبرأيه، ستسهم سياسات ترامب العدائية في توحيد مسلمي أميركا وتعاونهم لمواجهة تلك الموجة العنصرية، وعلى المنظمات الإسلامية الأمريكية الكبرى أن تتواصل مع خبراء في السياسة والقانون والإعلام لبحث أنجع وأسرع الوسائل لاستغلال هذه الأحداث الحالية بطريقة احترافية.

احترام القانون

"بالنسبة للرئيس الاميركي وسياساته ضد المسلمين، دعك من الإعلام، فهنا القانون فوق الجميع، وترامب يحاول جس النبض فقط لكي يرى ردود الفعل، فهذه هي سياسة الجمهوريين منذ عشرين عاماً، لكن ترامب بالنهاية يخضع للقوانين وللكونغرس". بتلك النبرة الواثقة يتحدث الدكتور وليد عثمان رئيس مركز الدعوة الاسلامي بولاية كنتاكي، وعضو هيئة كبار العلماء بأمريكا وكندا. وأضاف عثمان لرصيف22: "على مدار السنوات الماضية اكتسبنا خبرة في التعامل مع الشعب الأمريكي، فاليوم تتوفر لنا طرق التواصل الاجتماعي ووسائل توصيل المعلومة وتصحيح الأخطاء والمفاهيم". وتابع أن الخطاب الديني اختلف عن السنوات الماضية، فالآن "لدينا إذاعات وفضائيات إسلامية ندلي خلالها برأينا وخطبنا، وندعو المسلمين دائماً للتوحد والصمود، ونعقد مؤتمرات إسلامية وندوات ثقافية، ونجري مقابلات مع كبار المسؤولين، وكل ذلك يجعلنا في ثبات". ويلخص الداعية الإسلامي الانعكاسات والتأثيرات الإيجابية لعنصرية ترامب ضد المسلمين في أنها ستؤدي إلى توحيد المؤسسات الدينية والإسلامية والعربية وتوحيد الخطاب الديني والعمل على مؤتمرات إسلامية تدعو إلى التوحد والالتزام بالقانون الأمريكي وإنشاء مؤسسات اجتماعية ضد العنصرية، وإمكانية إنشاء لوبي من اجل الدفاع عن حقوق المسلمين ومصالحهم.

البحث عن حلفاء

يوضح الدكتور أوميد صافي، مدير مركز الدراسات الإسلامية التابع لجامعة ديوك والخبير في الأديان والعدالة الاجتماعية، إمكانية مواجهة سياسات ترامب والبحث عن حلفاء في المجتمع الأمريكي، لافتاً إلى أن التحدي الأكبر هو وجود منظمات إسلامية فاعلة والحاجة الماسة لإيجاد الدعم المالي لمراكز الدراسات الإسلامية لمكافحة ومواجهة سياسات ترامب. وأضاف صافي لرصيف22: "نحن نعمل طوال الوقت على بذل الجهد لمزيد من التعاون والتنسيق بين الجاليات الإسلامية في الولايات المختلفة، كما نعمل على كسب تأييد أطياف من المجتمع الأمريكي وصفوته من المشاهير في عالم الفن والسياسة والإعلام ونقوم بالتواصل مع الباحثين والنخب ووسائل الإعلام وصناع القرار في المجتمع الأمريكي".

معركة القوى الناعمة

وأوضح الدكتور كمال حبيب استاذ العلوم السياسية، أن السياسات العنصرية لترامب خارجة عن إطار الثقافة الأمريكية التي تعزز قيم الحريات واحترام حقوق الأقليات والمرأة. واعتبر أن تبنيه لإعادة إحياء تفوق الرجل الابيض واحتقار باقي الاعراق الأخرى، ستدفع القوى المناوئة لسيد البيت الأبيض إلى الخروج بشكل مستمر لتقاوم سياساته وهو ما يمكن ان يستفيد منه المسلمون. فبرأيه، سيواجه ترامب صعوبات شديدة في تطبيق سياساته، إذا كونت القوى الناعمة المكونة من كبار الإعلاميين والكتاب والفنانين والتيارات الليبرالية جبهة واحدة ضده. وأكّد لرصيف22 أنه "إذا استطاعت هذه الجبهة تحقيق الانتصار لن يستفيد المسلمون فقط من ذلك بل أيضاً السود وأنصار الحقوق المدنية".

من كان يتوقع أن تبدي وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبريت استعدادها لإشهار إسلامها

أمريكا أرض اللاجئين والمستضعفين، تدور على أرضها حالياً معركة ضد رئيس جديد يعيد أشكال العنصرية البغيضة ويحيي نظريات صراع الحضارات، مما أوجد انقساماً شاسعاً داخل المجتمع الأمريكي. وبرأي حبيب فإن القوى التي تنتصر للحريات والحقوق ستدخل معه في صدام عنيف وقد تتحالف مع أوروبا التي ترفض جميع دولها، ما عدا بريطانيا، سياسات سيد البيت الابيض الجديد، واذا خاض العالم معركة انتصر فيها على تلك العنصرية المقيتة فسينعكس الأمر بشكل إيجابي على الجاليات الإسلامية داخل أمريكا التي لا تستطيع أن تخوض المعركة ضد ترامب وحدها. لا يتجاوز عدد المسلمين في الولايات المتحدة 10 ملايين مشتتين داخل مختلف الولايات، ونسبتهم 3% من سكان أمريكا. وفي رأي حبيب يمكن أن يستفيد المسلمون من تلك الاجواء والصراعات والانقسامات والمعركة المقبلة والانضمام للقوى الليبرالية والناعمة في صراعها مع ترامب، وعدم انتظار مساندة زعماء العالم إسلامي، ذلك أن غاية ما يمكنهم فعله لمساندة مسلمي أمريكا هو بيانات الشجب والادانة.

تخفيف العداء الطائفي

سياسات ترامب المعادية قد يكون لها تأثيرات إيجابية على الدول العربية والإسلامية، وفق رؤية حبيب. ذلك أن السعودية من ضمن الدول التي أشار إليها ترامب بشكل عدائي ويرغب في أن تدفع من نفطها ثمناً لحماية أمريكا لأمنها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى باقي الخليج، كما أن إيران هي الأخرى مستهدفة بقوة من قبل ترامب. وشعور تلك الدول بالخطر الذي يهددها قد يدفعها إلى التنسيق في ما بينها. ولعل زيارة أمير الكويت مؤخراً لطهران تصب في اتجاه هذا التنسيق لمواجهة خطر ترامب، وهو ما قد يسهم في تخفيف العداء الطائفي في المنطقة وإعادة تحجيم الدور الإيراني في العالم العربي. وتوقع حبيب حدوث نوع من التعاون والتعقل لسد أبواب الفتنة الطائفية في المنطقة، وهو الدور الذي ستجد الدول نفسها مجبرة عليه من أجل الدفاع عن وجودها وكيانها. فحالياً جميع دول المنطقة قلقة للغاية على مصيرها ومستقبلها ومن ثم من المتوقع أن ينخفض التوتر السني الشيعي لمواجهة الخطر الأمريكي المشترك ومن المرجح وجودة صياغة للتفاهم بين السعودية وإيران. وتركيا أيضاً تشهد تحولات في سياساتها الخارجية تجاه سوريا وروسيا ومصر، وباتت تخشى استخدام الأمريكيين لورقة الأكراد، وتحاول فتح علاقات مع مصر ربما تصل إلى تجاوز الخلافات حول جماعات الإسلام السياسي.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image