هذه المذكرات مبنية جزئياً على أحداث حقيقية مع توظيف الخيال في بعض تفاصيلها مراعاةً لخصوصية شخوصها.
تفاصيل من هذه البقعة المكتظة التي يسمع فيها الجار شخير جاره ومناكفاته مع زوجته.. حتى وهو يختبئ تحت لحافه
أخوانها سمعوا ما ضل فيهم عقل، دعسوها بباص لصارت عجين.. ماتت سحر وطلعت بنت لما ماتت.. بتعرف شو يعني بنت؟ولكن اللغز وجد من يفكّه لي عندما كنت في السادسة عشرة من العمر، عائداً من منزل صديقي الوحيد الذي يحبّني ويدعوني إلى حارته على الرغم من أنه ينتمي إلى "حارة البدو"، وأنا من "حارة الفلاحين". حتى هذا التقسيم لم أكن أفهمه، ولكنه بدا راسخاً في عقول الناس الذين جاءوا إلى هذه البقعة بعد أن اقتلعوا من وطنهم الأصلي بنكبةٍ ونكسةٍ وكل توابعهما! آه، كنت عائداً إلى منزلنا، وصادفت بالطريق سيدة ما زلت أذكر ما قالته لي بالحرف: "بتعرف يا خالد... والله أنك مسكين ومالك ذنب! بس أمك سبب دمار أختي... أختي كمان انعمت قد ما بكيت على بنتها... أمك مرة أجت وقالت أنه بنت أختي سحر كاينة فايتة على بيت عند جيران النا بس بعيد ساكنين، وقال عندهم واحد ويمكن سحر بتروح عشانه... أخوانها سمعوا ما ضل فيهم عقل، دعسوها بباص لصارت عجين... ماتت سحر وطلعت بنت لما ماتت... بتعرف شو يعني بنت؟ يعني ما حدا لمسها بس أمك افترت عليها! يوم ما عرفنا أنه كلكم طلعتوا خرس... زغردنا زي ما نكون بعرس أهل النا... انبسطنا من قلبنا مش رح أكذب عليك. قلنا هاي جزاتك يا هادية! الله لا يسامحك لا دنيا ولا آخرة!" وصلت إلى المنزل يومذاك بعد أذان المغرب بقليل، ووجدت أمي منكبةً على سجادتها، غارقة في دموعها، تماماً كما خُيّل لي أن سحر غرقت في دمها، وهي تتفرّج. لم تعُد دموعها تؤلمني منذ ذلك الحين، وأفكاري لم تعد منطقية... فكّرت أن أبرم عهداً مع الله، وأن أتخلى طوعاً عن حاسة أخرى من حواسي فتعود سحر إلى الحياة، بكراً أو ثيباً، لا يهم!
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...