مثّل الجنس عاملاً مشتركاً في عدد من أعياد بعض الشعوب، فأبيح دون اعتراض مجتمعي، لأهداف معينة، اختلفت من شعب لآخر.
الرومان، آلهة الخصب والينابيع
كانت السنة الرومانية تزدان بأكثر من مئة يوم مقدس من أيام الأعياد. قال بول فريشاور في كتابه "الجنس في العالم القديم"، الذي ترجمه إلى العربية فائق دحدوح، إن معظم هذه الأعياد كانت تمنح الفرصة للممارسات الشهوانية بكل حرية، وكان لكل عيد ميعاده وطقسه المحددان.
"اللوبر كوسيات"، هو عيد سنوي داعر كان يقام في روما في 15 شباط تكريماً لإلهة الخصب لوبر كوس. وكان الكهنة يجلدون بصورة رمزية جميع النساء الحاضرات بسياط اقتطعوها من جلود الحيوانات المُضحى بها، ليصرفوا الذئب ويبعدوه عن المراعي. وكان الضرب بالمقرعة يستثير الرغبة الجنسية، التي تعد ضمان الخصب لدى الرومان، بحسب ما ذكر الكتاب.
وأثناء "الفلورالي"، وهي احتفالات تقام على شرف فلورا، إلهة الأزهار والينابيع، كان هواة الحب يتلاقون في حفلات شراب ومجون تدوم زمناً طويلاً.
عرف الرومان أيضاً أعياد الإله ساتورن، التي تعد من أكثر الأعياد الرومانية مجوناً وعربدة. وهي تدوم سبعة أيام، وتحتفي ببذار السنة الجديدة الميمونة. وتزول الفروق بين الأشراف والعامة والعبيد، فيأكلون حول مائدة واحدة، ويتقاسمون الأسرّة نفسها، ويُسمح بجميع ضروب المجون لكل راغب. وكان كل فرد يتحلل كلياً من مظاهر الاحتشام والتحفظ، لتسود دون قيد يذكر، السعادة بالحرية المطلقة والاستسلام لمسرات الحياة ومتعها.
الإغريق وقطف العنب
كان إله الخمر ديونيسوس يحتل المقام الثاني بعد إله اليونانيين المفضل زيوس، وكان له تأثير في أخلاقهم أكثر من الآلهة الأخرى جميعاً. فكان عنواناً للعربدة والفجر، وكانت أعياده لا تبدأ إلا عندما تبرعم الكرُمة ويتذوق الرجال والنساء عصير العنب المختمر، فيثملون ويغيبون عن المكان ويصيرون مأخوذين بالحمية الإلهية، كما ذكر فريشاور في كتابه.
واحتفاءً بديونيوس وتكريماً له، كان قاطفو العنب يحملون على رأس الموكب إبان أعياد قطف العنب قضيباً مقدساً هائل الحجم رمزاً للخصوبة. وكانوا يخفون وجوههم خلف أقنعة على شكل رؤوس التيس وهم يصدحون بأغانيهم الماجنة ويمتدحون ملذات الخمر والحب والجسد. وبعد الانتهاء من طقوس الاحتفالات ينخرط الرجال والنساء، أو الرجال في ما بينهم، أو النساء مع النساء، في علاقات حميمة.
شعب أسام وعيد البيهو
تقع أسام في الجزء الشمالي الشرقي من الهند. وقال إدوار ويسترماك في كتابه "موسوعة الزواج" إن سكانها كانوا يحتفلون بعيد البيهو، الذي يصادف شهر أبريل من كل سنة، مع الموسيقى والرقص والمرح، وينغمس الجميع في تناول المشروبات المسكرة ويمارسون كل أنواع "الفسوق". وكان موسم هذا العيد الربيعي مطلباً نسائياً دائماً لفترة من الحرية المطلقة، ولم تكن ممارسة هذه الحرية تعود عليهن بالملامة أو التأنيب أو التأثير على سمعتهن. ومن بين العادات التي مورست في هذا العيد، واحدة مفادها أن الشاب الذي لم يكن قد نجح في الحصول على موافقة أهل الفتاة التي يريدها زوجة له، يمكن أن يستغل العيد في تحقيق هدفه. يختبئ قرب الطريق إلى أن تمر الفتاة مع أهلها للمشاركة في العيد، وعندها يخطفها مع رفاقه، بينما تتظاهر هي بالمقاومة، ثم يتزوجها سراً. بعدها بأيام يعلن الأهل موافقتهم على الزواج العلني.قبيلة البهويا وعيد ماغ بوراي
عند البهويا، وهي قبيلة جبلية في أوريسا الهندية، كان يقام في شهر فبراير من كل عام، عيد يدعى "ماغ بوراي"، ينغمس خلاله السكان في مختلف أنواع المجون والسُكر. وذكر ماك أن العيد يدوم ثلاثة أيام، وتتوقف خلاله كل أنواع التقيد بروابط الدم والزواج، حتى بين الإخوة والأخوات.
قبيلة البونجا ومشاعية النساء
كان لدى قبيلة البونجا التي كانت تقطن في منطقة جيبور بالهند عيد في أول شهر من السنة الجديدة، يدوم شهراً، ويشارك فيه الرجال والنساء والعامة والخاصة. ويعيش فيه الجميع فترة مشاعية يختار فيها الرجل رفيقته حسب مزاجه ورغبته، بحسب ما جاء في "موسوعة الزواج".شعب هو والميل إلى الرذيلة
كان الشعب البنغالي يقيم عيداً في يناير من كل عام، حين تكون المخازن والسقائف مليئة بالحبوب والناس زاخرة بالشيطنة، بحسب تعابيرهم. ولدى شعب هو فكرة غريبة، تقول إن الرجال والنساء يكونون في هذه اللحظة مثقلين بالميل إلى الرذيلة لدرجة يغدو عندها من الضروري جداً، لضمان استقرار الفرد، تخليصه من أبخرته السامة بإعطائه كامل الحرية للنزوات والأهواء. هكذا يتحول العيد إلى حفل دعارة بكل معنى الكلمة، فينسى الخدم واجباتهم تجاه أسيادهم، والأبناء تجاه أهلهم والرجال تجاه زوجاتهم، والنساء كل مفاهيم ومظاهر العفة، وفق ويسترماك.هولي: عيد آلهة الفسوق
ذكر ويسترماك أن هناك عيداً واسع الانتشار يدعى "هولي" أو "فاغ" أو "فاغوا" في الهند الشمالية، و"شيمغا" أو "هوتاسانا" في دكان والهند الغربية، و"هامان - بانديكاي" في الجنوب. يصادف في شهري فبراير ومارس، ويدوم ثلاثة أيام على الأقل. وقد يستمر في بعض الأماكن أسبوعين أو أكثر، تكون خلالها الأيام الثلاثة الأخيرة هي الأهم. ويقال إنه عيد آلهة الفسوق.مجون وطقوس خلاعية ميزت أعياد الكثير من الشعوب... وكانت هذه الأعياد تبيح الممارسات الشهوانية بكل حرية في أيام محددةوخلال أيام العيد كان يقام تمجيد للإلهة "هويكا"، أو "فاشانتي" وتسود "الفاحشة" بكل أنواعها، ولا يشعر الرجال ذوو المهابة والمكانة، مهما كان مركزهم ونسبهم، بأي حرج من المشاركة في حفلات الدعارة الجماعية التي تجري في ذلك الموسم. وعلى أبواب المدينة، وفي مختلف ساحاتها، تعلق شعارات تنم عن أقصى تعبيرات الإباحية. ويتدافع النساء والأولاد محتشدين حول تماثيل عيد هوليكا الماجنة ليكسوها بالأزهار. ولا يزال هذا العيد مستمراً إلى اليوم، رغم اندثار الممارسات الماجنة.
شعب البيسيسي وحصاد الأرز
شعب البيسيسي ينتمي إلى قبائل الجاكون في ماليزيا، وكان لديه احتفال منتظم في نهاية حصاد الأرز، يكون له الحق من خلاله بتبادل الزوجات. هذه الاحتفالات، لم يكن يأمل منها شعب البيسيسي تأثيراً إيجابياً على زيادة المحاصيل الزراعية فقط، إنما على مختلف وسائل التغذية أيضاً.الشعوب السلافية وإله الربيع الذكوري
كانت توجد أعياد سنوية لدى ثلاث قبائل سلافية هي الراديميتش والفاياتيتش والسيفيريس، تسود فيها الاحتفالات الماجنة، وكانت تقام بصورة منتظمة على حدود منطقة "نوفغورد"، عند ضفاف السواقي، وكان كل رجل ينتقي خلالها امرأة يمضي معها فترة العيد بعد موافقتها. وأوضح ويسترماك في كتابه أن موعد تلك الاحتفالات كان بوجه العموم في أواخر يونيو، أي قبيل عيد سان جان – باتيست، الذي حل مكان عيد باريلو الوثني، المعادل لعيد بربابوس إله الخصب والذكورة عند الإغريق. هذه الاحتفالات كانت لا تزال سائدة إلى أمد قريب في مقاطعة كالينين، فكانت صبايا الطبقات الشعبية تذهب يوم عيد باريلو (إله الربيع الذكوري)، للمشاركة في حفلات ماجنة شبيهة باحتفالات الأسلاف قديماً، أملاً في إيجاد خطيب.هنود بورورو وبيت الرجال
عند هنود بورورو في البرازيل كان يُقام عيد في وقت محدد من السنة، يتميز بالمجون، ويقام في مكان اسمه "الباهيتو" أي "بيت الرجال". خلال هذا العيد يخطب الشباب الفتيات اليتيمات ويحتفظون بهن في "الباهيتو".
أفريقيا الوسطى وموسم الحصاد
كانت هناك أعياد مجون جنسي جماعي في أفريقيا الوسطى البريطانية خلال أوقات معيّنة من السنة. خصوصاً عند بعض قبائل بحيرة نياسا، وفريتش، ولدى الهوتانتوت وهاولي عند شعب الكافريس، في موسم الحصاد. ولوحظ أن الولادات لدى الكافريس تكثر في أغسطس وسبتمبر، وهما شهرا الربيع في أفريقيا الجنوبية. وهذا مرده إلى الأعياد المصحوبة بالمجون والحرية الجنسية المطلقة بين العازبين من الجنسين، والتي تقام بين ديسمبر ويناير.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ 3 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ اسبوعينتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه