شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
نابوليون، طوني مونتانا، المرأة القطة... هالوين في

نابوليون، طوني مونتانا، المرأة القطة... هالوين في "مجلس نبلاء بيروت"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

السبت 29 أكتوبر 201609:56 ص
تحت سماءٍ ملبّدة بالتلوث، تقع مدينة في الشرق الأوسط اسمها بيروت. مساحتها 20 كم مربع، يسكنها نحو 360 ألفاً، موزعين على 17 طائفة. بضع مئات من الكلاب والقطط الهزيلة، تتغذى من أطنان النفايات المرمية على جوانب الشوارع، وأحياناً وسطها، في أكياس نايلون سوداء وزرقاء، قبل أن تداس تحت دواليب شاحنات "5 بعيون الحسود"، أو شاحنات: "لا تسرع يا بابا الماما ناطرتك"، التي تجول في بيروت كحلبة فورمولا، محملةً قمحاً وذخائر وحشيشة وبقراً للمسلخ وإسمنتاً، وأحياناً بشراً. بيروت، منزل مسكون عملاق كتلك المنازل المخيفة التي كنا ندخلها في صغرنا في مدينة الملاهي، لنصرخ مرتعشين من التجربة، وكل شارعٍ منها يقدم تجربة مختلفة للرعب. تركب سيارتك لتدخل المدينة المسكونة المعتمة في الليل، لا شيء ينيرها إلا أعين قطط برتقالية، وتقود طريقاً معرجة تهتز بك حتى تنيمك في مهدك، إلى أن تقع في فخ لعبة "جورة أم مطب"، على أمل أن تفوز بالجولة الأولى. الجولة الثانية، طريق سريع تتسارع فيه الشاحنات، حولك سيارات "مفيمة"، تركن جنب الطريق أحياناً لأسباب مجهولة، شأنها أن تضع "الأمبيانس" في عتمة الليل. تصل الكرنتينا ورائحة الموت تتسلل إلى مسامك، تلمح جثة مرمية على الطريق، تشعر أنك تعيش فيلم "ماد ماكس" الصرخة الأولى! اسرع وادخل شارعاً آخر، رايات حزبية وطائفية تلون السماء ألواناً داكنة، تشعرك بالشهادة في عظامك، تشعرك أن الحرب لن تنتهي يوماً في ذلك الجحيم الإنساني المؤبد، يعلو ضغط الدم قليلاً، هذا جزءٌ من اللعبة. خذ أول طريق على اليمين، تعود الألوان الطبيعية للحياة، إلى أن تقع عيناك في عيني تمثال عملاق من الحجر، يلبس لباس الرسل كما يصورونهم، ولكنه يحمل سيفاً بإمكانه أن يقطع رأسك إذا وقع عليك، اهرب! عد إلى بيتك، أقفل الباب بإحكام، أنت في أمان. اخلع ملابسك وارمِ نفسك تحت المياه الساخنة، لتزيل إرهاق الحياة، حسناً لا مياه ساخنة، ربما المياه الباردة أفضل للبشرة، تنفس. تتنفس بعمق، إلى أن يتلاعب نور اللمبة فوق رأسك، ويتسارع يتسارع، تنقطع الكهرباء، وتسمع طقطقات في الغرفة المجاورة، تنقطع المياه كلياً، وتحوطك غيمة من ذرات المازوت التي نفختها المولدات الكهربائية الملاصقة لمبناك. تشعر أنك في دوش فيلم سايكو، وألفرد هيتشكوك خطط لمشهد جريمة هنا والآن، اهرب! اذهب إلى فراشك، وغط رأسك باللحاف، وستلاحقك أفكار سوداء خطتها الحروب ومشاهدها الدموية في دماغك، كيف تفرّ الآن؟ الأحمر اللبناني هو الحل، تكتشف أنك مقطوع منه، لأنه ممنوع ومسيّس ومهرّب، وغيرها من حركات أمنية شأنها أن تحمي سلامة عقلك، طبعاً. بيروت، يتحكم بها عشرات السياسيين، ينتمون إلى عدة أحزاب وميليشيات ومافيات ومنظمات، ينتخبهم الشعب البيروتي بنفسه، من دون أن يضع أحداً مسدساً في رأسه، وجيشٌ وأمنٌ. هؤلاء هم أنفسهم الـ"عشرة عبيد صغار"، الذين خططوا وخاضوا وشاركوا بالحرب اللبنانية، بأعوامها الخمسة عشر ومجازرها وجرائمها، سيقيمون أكبر حفل تنكري بمناسبة حلول هالوين في تاريخ 31 أكتوبر الحالي. المكان: "مجلس النبلاء" وسط بيروت، لينتخبوا ويقدموا للشعب اللبناني العظيم، رئيساً للجمهورية، بعد أكثر من عامين على اختفائه من الكواليس. ذلك الحفل التنكري الضخم، الذي ستعيشه بيروت ولبنان والعالم، يأتي بعد سلسلة من الحفلات التنكرية المصغرة والخاصة، التي استمرت أشهراً طويلة. تنوعت خلالها الأزياء التنكرية من جلسة لأخرى، حتى ولو كان الموضوع نفسه، الاتفاق على رئيس للجمهورية. التحضيرات الأخيرة للحفل المنتظر كانت شيقة ومثيرة، تخللتها لقاءات واجتماعات عدة للبحث في الأزياء التنكرية التي سيلبسها كل سياسي. أي زي يليق بأي شخصية، وطبعاً لم تخلُ من مشاجرات وشد شعر، لأخذ زي أعطي لأحد آخر، وزيي أجمل من زيك، وزيك ليس فيه جيوب كبيرة، وزيي يعطيني قوة خارقة، وزيك ليس مرعباً كفاية، وإلخ. الشعب اللبناني لا يعرف بعد كافة تفاصيل الحفل التنكري، من سيدخل مع من، ومن سيرقص مع من، وحتى من سيلبس أي زي. لكن رغم ذلك، بعض الأزياء أصبحت واضحة، وهي فعلاً شيقة ورائعة ومستوحاة من شخصيات الأفلام التي نعشقها ونتمثل بها، ورسمات الكرتون التي تربينا عليها، منها ما أعاد رسم التاريخ، ومنها تم ابتكاره بفن لا مثيل له فعلاً.

أقنعة منها مرعبة ومنها "كيوت"

من ضمن أفضل الأزياء التنكرية التي ستتوج أضخم حفلة هالوين لهذا العام في بيروت، وشعارها "انتخاب رئيس الجمهورية":

طوني مونتانا:

أراد تحقيق حلمه بأي ثمن، وهو أن يعرف الناس من هو وماذا بإمكانه أن يفعل. أن يكون رجلاً يحترمه الجميع، رغم كل ما يقوم به في الكواليس. جغل، تليق به الملابس، رجل عصابات VIP، ولكن في العمق، قلبه رقيق وتحب النساء ابتسامته، وأمواله. طوني مونتانا في فيلم "سكارفيس"، يقتله خصومه بعد مهاجمة قصره بمشهدٍ رائع، لن ينساه تاريخ السينما. ولكن مونتاننا لا يموت. The World is Yours طوني.

نابوليون:

المجد والشرف، سمتان قد يضحي بحياته من أجلهما. شخصيته فذّة ولا أحد يفهمه في هذه الحياة، نابغة في التكتيكات السياسية والإستراتيجيات، وهو مستعد لخوض أي شكلٍ من أشكال الحروب، ليحتل بأي طريقة ذلك البلد الصغير جداً على الخارطة العالمية. استعان مؤخراً بمساعدٍ شخصي "كتكوت"، يدعمه في مشاريعه السياسية الكبيرة، وهو ليس إلا ريمي، فأر "خلطة بيطة بالصلصة"، الذي يحلم أن يكون طباخاً ماهراً.

المرأة القطة:

تمزق وتشطب كل ما يقع تحت يديها ولا يعجبها، تهوى التقاط "الباد بويز" وتلقينهم درساً أخلاقياً. وهي في الداخل تستمتع بذلك إلى أقصى الحدود. تحضر حالياً لبذلة جلدية جديدة، تليق بمغامراتها المستقبلية في غابة السياسة اللبنانية.

شرشبيل:

"سأنال منكم ولو كان هذا آخر عمل في حياتي!". حسناً، ربما عدة سياسيين اختاروا ذلك الزي لهالوين.

الرجل الخفي:

يتحدّر من عائلة تعتبر نفسها عريقة، ويتمتع بقوة خارقة بإمكانها أن تعيد الزعامة إلى بيتها. ولكن ما حصل هو أنه بظروفٍ غامضة أصبح رجلاً خفياً، لا أحد يراه. برأيكم ما مستقبل الرجل الخفي الذي يحمل إرث العراقة والزعامة، في دنيا لا تتسع لشفافيته؟ هل عرض العضلات والباديغاردات سيجعل أحداً يلتفت له؟

البومة البيضاء:

تظهر في الليالي غير المقمرة فقط، لونها أبيض طاهر لدرجة الرعب، تكون نائماً في فراشك بهدوء وتفاجأ بها تتأملك من الشباك. كمشهدٍ من فيلم الرعب "النوع الرابع"، لا تعرف ما تريد، فقط تتأملك بعينيها المدورتين اللتين لا تبشران بالخير كثيراً...

كارلوس الثعلب:

يهوى ارتداء النظارات المفيمة، ربما لأنها تعطيه أسلوباً مافيوياً سكسياً. أرعب الأمن والمافيات والمصارف والشركات والعقارات والخدمات في زمانه، وغيّر القوانين وتلاعب بالبنود، وأقام الدنيا وأقعدها، ببساطة لأنه مافيوي سكسي. وراك وراك والزمن طويل، فالغابة لا تخلو من الثعالب.

الأميرة النائمة:

ما أن تحاط بالأمراء الوسيمين داخل جدران المجلس وأجوائها الحميمة، حتى تفقد السيطرة على نفسها وتقع في نومٍ عميق... بانتظار أن يختارها أميرٌ ما ويتجرأ على وضع قبلة على شفتيها، لعلها تستيقظ في عالمٍ خيالي أرقى وأجمل. هذا كل ما نعرفه عنها، طموحة من نوعٍ آخر.

جوني برافو:

يظن أن كل النساء يردنه، لذلك لا يتردد في إقامة حفل ستربتيز أمام الجمهور الكبير، وعرض عضلاته المفتولة، التي أخذت بالتضخم مع الوقت. أليس هذا كل ما يملكه اليوم؟ تسريحة شعر "خزّيقة"، حركات كاراتيه سريعة يظن أنها ترعب خصومه. جوني برافو وحش الشاشة بامتياز. لو كان لكم الخيار بين الجمال والفلوس، ربما قد تختارون الجمال بدوركم أيضاً، لمَ الثرثرة إذاً!

المعلم سبلينتر:

فأر ماهر في فنون النينجا القتالية من سلسلة سلاحف النينجا، تعلم فن القتال من خلال تقليد معلمه هاماتو يوشي، عندما كان يمارس التمارين، حتى وقعت يوماً المصيبة، وتقاتل معلمه مع خصمه، وبعد مراحل ثأر وانتقام، توفي الاثنان وهرب سبلينتر إلى الحياة السفلى للمدينة، إلى أن تعرض لمواد كيميائية عن طريق الخطأ مع بضع سلاحف صغيرة، فتحولت هذه إلى كائنات خارقة الذكاء والقوة، وأسست حزباً خارقاً يركّع الجميع، هدفه... لم نعد ندرك ما هو الهدف فعلاً، فهل من أحد يعرفه؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image