تختلف دول العالم في جاذبيتها للاستثمار، وتأسيس المشاريع فيها. في حين نجد أن بعض الدول تسهل الإجراءات للغاية، لدرجة أنك تستطيع تأسيس شركة من غرفة منزلك، وعبر موقع واحد، هناك دول تعقد الأمور وتحتاج منك إلى العديد من الزيارات لمختلف الدوائر الحكومية، ولعدة أيام، والحصول على الكثير من الموافقات لتأسيس شركة.
لو كنت رجل أعمال عربياً محلياً، تريد تأسيس مشروع خاص بك في بلدك، أو مستثمراً تود تأسيس عمل في إحدى الدول العربية، إلى أين تتجه؟ ضع العامل الأمني جانباً، ولنتحدث من زاوية عملية بحتة، ما هي أسهل دولة عربية لتأسيس المشاريع فيها؟
هذا السؤال أجاب عنه تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2017، الصادر عن البنك الدولي. استعرض التقرير 190 دولة من العالم، وبحث فيها عدة معايير، ثم رتبها بحسب سهولة تأسيس الشركات.
ويأخذ تقرير البنك الدولي عشرة عوامل حيوية لتأسيس المشاريع، في عدد الإجراءات اللازمة، والوقت المستغرق والكلفة، وهي بدء النشاط التجاري، استخراج رخص البناء، الحصول على الكهرباء، تسجيل الملكية، الحصول على التمويل، حماية المستثمرين الأقلية، دفع الضرائب، التجارة العابرة للحدود، تنفيذ العقود، وأخيراً تسوية حالات الإعسار.
وتتنوع مزايا دول العالم بهذه المعايير العشرة، فتجد أن دولاً تسهل إجراءات الترخيص والتسجيل، والحصول على الكهرباء، بينما تصعب على المستثمرين إخراج أرباح أعمالهم للخارج، أو يكون الحصول على القروض فيها صعباً، ويحتاج للكثير من الضمانات والدراسات.
إصلاحات
يدرس التقرير مدى الإصلاحات، التي نفذتها دول العالم في تسهيل تأسيس الأعمال والمشاريع، وإزالة العقبات. والملاحظ أن وتيرة الإصلاحات ارتفعت في بعض دول الشرق الأوسط، خصوصاً البعيدة عن الصراعات. وخلص التقرير إلى أن 15 دولة عربية نفذت إجمالاً 35 إصلاحاً، وهو أعلى من المتوسط السنوي 19 إصلاحاً خلال السنوات الخمس الماضية. وأبرز تلك الإصلاحات في مجال الحصول على التمويل والقروض، إذ تعد المنطقة العربية من أصعب الأماكن من ناحية الائتمان وتمويل المصارف للمشاريع. ولا يزال هناك الكثير من الجهود، التي يجب أن تبذلها الدول العربية، في مجال الحصول على التمويل والقروض، فيعد ترتيب دول المنطقة في المتوسط أدنى من أي منطقة أخرى حول العالم. وبصورة عامة لا تزال المنطقة العربية تقدم أداءً ضعيفاً في مجال بدء المشاريع والنشاط التجاري، إذ يكلف بدء أي نشاط 26% من دخل الفرد، مقارنة بـ3% في دول منظمة التعاون الاقتصادي ذات الدخل المرتفع. ولأول مرة تناول التقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2017 الفروق الجنسية في معاييره، فلوحظ أن 70% من الدول العربية تفرض عقبات تنظيمية إضافية على النساء رائدات الأعمال مقارنة بالرجال. وبحسب البنك الدولي، فإن المملكة العربية السعودية تتطلب ثلاثة إجراءات إضافية من النساء المتزوجات، لبدء أي نشاط تجاري وإدارته، من بينها ضرورة توظيف مدير ذكر لإدارة الشركة. وتفرض 23 دولة حول العالم خطوات إضافية على النساء المتزوجات لبدء أي نشاط تجاري مقارنة بالرجال. كما تحد 16 دولة من قدرة المرأة على التملك ونقل الملكية.70% من الدول العربية تفرض عقبات تنظيمية إضافية على النساء رائدات الأعمال مقارنة بالرجال!
لو كنت رجل أعمال تريد تأسيس مشروع خاص بك، أو مستثمراً تود تأسيس عمل في إحدى الدول العربية، إلى أين تتجه؟كما أشار التقرير إلى الفجوة في الأجور بين الجنسين، إذ تتقاضى النساء وسطياً 77% من رواتب الرجال على مستوى العالم. وتختلف هذه الفجوة بحسب البلد، والقطاع الوظيفي، والمنصب الذي تشغله. كما تفرض 100 دولة في العالم قيوداً على النساء، مثل ساعات العمل، أو منع عملهن في وظائف معينة، وهذا يساعد في توسيع الفجوة أكثر. ومن الإصلاحات الملحوظة، ما قدمته البحرين في دعم رواد الأعمال وتأسيس الشركات الناشئة، إذ خفضت الحد الأدنى لرأس المال المطلوب لإطلاق الشركة بنسبة كبيرة من 190% من الدخل القومي للفرد إلى 3% فقط. أما المغرب فاستخدمت التكنولوجيا لتبسيط الإجراءات، فيمكن حجز اسم تجاري للشركة عبر بوابة إلكترونية خاصة، وخفضت رسوم التسجيل. وكان أداء الدول العربية إجمالاً جيداً في مجالي الحصول على تراخيص البناء والكهرباء. إذ تستغرق الإجراءات 140 يوماً وسطياً وهو أقل من المعدل العالمي، الذي هو 160 يوماً. ونفذت نصف دول المنطقة العربية إصلاحاً واحداً على الأقل لتسهيل القيام بأعمال التجارية، وكان مجال الحصول على الكهرباء الأكثر إصلاحاً، وبعده يأتي بدء النشاط التجاري والحصول على تراخيص البناء والتجارة عبر الحدود. في حين لم تبذل الدول أي إصلاحات في مجال تسوية حالات إعسار المقرضين. وتميزت الإمارات من خلال تنفيذ العقود عبر تطبيق إلكتروني للتبليغ، وأوجدت مكتباً لإدارة القضايا داخل المحكمة المختصة، وتابعت تطوير خدمة الالتماسات الذكية، التي تسمح بتسجيل العرائض والاحتجاجات القضائية عبر الإنترنت. وكانت سلطة عمان حققت أفضل تحسن عالمي، في مؤشر الحصول على الكهرباء، إذ تحسنت إمكانات الدولة في متابعة انقطاعات التيار، وتسهيل إجراءات الحصول عليه. إجمالاً على مستوى العالم، 137 دولة أجرت ما مجموعه 283 إصلاحاً في زيادة 20% عن العام الماضي. كما ارتفع عدد الدول التي أجرت إصلاحاً واحداً على الأقل. ومعظم الإصلاحات كانت في مجال بدء النشاط التجاري، من ناحية تقليل الإجراءات اللازمة، واختصار الوقت والكلفة، التي يجب أن تتكبدها الشركات حتى تبدأ عملها. ويستغرق بدء النشاط التجاري الآن 21 يوماً في المتوسط، حول العالم، مقارنةً بـ46 يوماً منذ 10 سنوات.
ولكن ما هي أفضل الدول العربية لممارسة الأعمال؟
درس التقرير 190 اقتصاداً في العالم، وحلت نيوزيلندا للعام الثاني على التوالي، في صدارة الترتيب، وجاءت بعدها كل من سنغافورة والدنمارك وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية. أما في المراكز الخمسة التالية، فكانت النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والسويد ومقدونيا. نلاحظ أن الدول التي تراجع ترتيبها في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال هذا العام عن السابق، هي: الجزائر، البحرين، جيبوتي، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، قطر، سوريا، فلسطين، اليمن. وتباين تراجع الدول بين مركز واحد في بعضها وعدة مراكز في أخرى. بينما حافظت بعض الدول على ترتيبها بين العامين الماضيين مثل ليبيا، وكذلك تحسن ترتيب عدد قليل من الدول مثل: المغرب، عمان، السعودية، تونس، والإمارات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...