شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
المَثَل ونقيضه: ازدواجية الشخصية المصرية

المَثَل ونقيضه: ازدواجية الشخصية المصرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 20 أكتوبر 201612:54 م
اعتاد المصريون الاستعانة بالأمثال الشعبية خلال حديثهم عن تجاربهم الشخصية، أو توجيه نصيحة لأحدهم. فلا يكاد يمر موقف مهم في حياة المصري إلا تبعه بمثل للتدليل على وجهة نظره. ويعرّف الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، في كتابه "الفلسفة المصرية من الأمثال الشعبية"، المثل بأنه "قول مأثور يتضمن نصيحة شعبية أو حقيقة عامة أو ملاحظة تجريبية، أو حتى موقفاً ساخراً من عادة اجتماعية أو أسلوب سياسي معين. ويصوغ المثل الشعبي شخص على درجة عالية من الحكمة، ولديه قدرة على التركيز، وموهبة خاصة في استخدام اللهجة الشعبية، وجودة اختيار ألفاظها". الأمثال الشعبية المتوافرة لدينا الآن ترجع إلى مختلف العصور التي مرت بها مصر منذ الحضارة المصرية القديمة، مروراً بالعهد القبطي، ثم العصر الإسلامي في مرحلتي ازدهاره وتعثره. ومن غرائب المصريين، أن أمثالهم الشعبية، التي تعتبر جزءاً من التراث المصري وقيمه، يتضح منها تناقض كبير. كما أن البعض يتعامل مع تلك الأمثال على أنها نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية. رصد رصيف22 أبرز تلك الأمثال التي تمثل القيمة وعكسها، في تباين صريح يعلن مواقف المصريين من تجارب بعينها. واللافت أيضاً أننا قد نجد الشخص يستخدم المثل نفسه ونقيضه في موقفين مختلفين، بالرغم من كون مبادئ المثلين مختلفة. Egyptian contradictionEgyptian contradiction

ازدواجية التراث الثقافي

يفسر أستاذ علم الاجتماع الراحل سيد عويس التناقض في الأمثال الشعبية، بأن وجود تلك القيم المتناقضة يرجع إلى ظاهرة التغير الثقافي الاجتماعي، التي واجهها المجتمع المصري على مدار قرون عديدة. بالإضافة إلى التغيرات في الحكام من غير المصريين والتغيرات في اللغة، فضلاً عن التغيرات في الدين، ما نتج عنه وجود ازدواجية في التراث الثقافي المصري والأمثال الشعبية التي تعد جزءاً أساسياً منه.
"الغايب ملوش نايب" و"الغايب حجته معاه"، أي المثلين نصدّق؟
التناقض في الأمثال الشعبية المصرية وما يعكسه عن شخصية المصريين

المصري مراوغ

الكاتب والمفكر المصري يوسف زيدان وصف ذلك التناقض في الأمثال الشعبية بالتميع، رافضاً التحجج بأن كل مثل يقال في سياق منفصل. فهو يرى ذلك التناقض كدليل على طريقة التفكير العامة في المستويات الشعبية. يوضح زيدان أن طريقة التفكير في المستوى الشعبي هي طريقة حادة التناقض، ولا تدل إلا على الرغبة في المراوغة وقبول الأحوال أياً كانت، وتفصيل الأقوال وفقاً لما يُرضي جميع الأطراف.

تأثير الحالة النفسية

الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، يرى أن التناقض في الأمثال الشعبية هو أمر طبيعي. فيقال كل مثل حسب الموقف، مثلاً قد تكون هناك أمثال تدعو إلى الخير، لكن حين يتم ظلم إنسان بسبب خير فعله، يتم قول مثل عكسي. وأوضح فرويز لرصيف22 أن تلك المتناقضات في الأمثال تعود للحالة النفسية التي يقال فيها المثل. وهو ما ينطبق على جميع أمور الحياة، فإذا استيقظ الإنسان سعيداً فسيستيقظ ويوزع الابتسامات على كل من يراه، والعكس صحيح، فإذا استيقظ على ضيق، فسيفعل كل المواقف العكسية. ويرى فرويز أن الخطورة ليست في تناقض الأمثال الشعبية، ولكن في طريقة التعامل معها على أنها ثوابت لا تقبل الجدال، وربطها بالدين في جميع الأحوال. مشيراً إلى أن ذلك الأمر يرجع إلى وجود انحدار ثقافي منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد تزايد حتى وصل ذروته حالياً، منتقداً مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت مصدراً للمعلومات بدلاً من الاعتماد على المراجع الموثوقة.

حسب المزاج

وقال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، لرصيف22، إن الأمثال تقال نتيجة قصص وظروف معينة. مثلًا إذا كانت المرأة تريد تحذير أخرى تقول لها: "يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال"، أما إذا أرادت تهدئتها في موقف آخر، تقول: "ظل راجل ولا ظل حيطة". وأكد صادق أن كل مثل شعبي يتم تفصيله لموقف معين، وحسب المزاج الشخصي، وبعض الأمثال قد تكون مفيدة جداً في حال التصديق التام بها، مثل "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد". أو قد تضر، إذا تم فهمها أو تفسيرها بطريقة خاطئة، مثل "اجري يا ابن آدم جري الوحوش، غير رزقك لن تحوش"، فقد يجعل ذلك الشخص لا يعمل، لافتاً إلى أنه أحياناً يتم ربط الأمثال الشعبية بالدين لتحصينها وإقناع الناس بها.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image