تتباين أرباح الحج من عام لآخر، إلا أن الحكومة السعودية تعول على مواسم الحج كأحد الروافد الاقتصادية المهمة للبلاد. إذ تستقبل المملكة أكثر من 6 ملايين معتمر، و3 ملايين حاج كل عام.
ولكن قد يكون موسم حج هذا العام مختلفاً عن الأعوام الأخرى، لأن العديد من حجاج الداخل، السعوديين والأجانب، قد يعجزون عن تأدية هذه الفريضة، بسبب الأوضاع الاقتصادية التي أفرزها انخفاض أسعار النفط، وما صاحبها من تداعيات على شركات القطاع الخاص. تداعيات كان لها أثر سلبي في قرار تلك الشركات، التي ما فتئت تسرّح موظفيها من السعوديين والأجانب، حتى أن بعض هؤلاء لا يزال ينتظر الحصول على رواتبه المتأخرة.
تلك الأزمة، بحسب التقارير المختلفة، قد تسهم في خفض أعداد حجاج الداخل إلى نحو 30%، لا سيما مع وجود عوامل أخرى، أشار إليها التقرير، تعزز من تراجع نسب الإقبال على حملات الحج، التي تتهم في بعض الأحيان بثبات أسعارها. ويأتي ذلك بالرغم من سفر عدد كبير من الأسر السعودية والمقيمة إلى الخارج، بسبب موسم الإجازة، إضافة إلى مرابطة كثير من العسكريين الذين يمثلون شريحة كبيرة من الحجاج.
يأتي ذلك في الوقت الذي زاد الإقبال على ما يُطلق عليه الحملات المخفضة، وحملات تقدم خدمات للحاج الذي يرغب بتأدية الحج بأقل كلفة. إذ يقدر متوسط حملات الحج المخفضة 3500 ريال (ألف دولار)، للحاج الواحد، بينما تراوح أسعار الحملات الأخرى بين 6500 - 10000 ريال (أي بين 1750 و2700 دولار للحملات التابعة للمخيمات. يضاف إليها 3000 ريال (نحو 810 دولار) للسكن في العمائر المخصصة للحجاج في المشاعر المقدسة.
وهو الأمر الذي يؤكده عبد اللطيف الصيعري، المشرف على تسجيل بيانات الحجاج في إحدى مؤسسات الطوافة، مبيّناً أن معظم حجاج الداخل يفضّلون تأدية فريضة الحج عبر حملات الحج المخفضة. فقد تواجه العديد من شركات الحج (حجاج الداخل) انخفاضاً في حصيلة أرباحها، في ظل ضعف الإقبال على حملات الحج ذات الكلفة المتوسطة أو المرتفعة، مضيفاً لرصيف22: "رغم الجهود التي تبذلها السلطات الأمنية في إغلاق أبواب الحج بدون تصريح، إلا أن مستوى الإقبال على الحملات، هذا العام أقل من المتوقع، حتى لو أنه من المبكر تقدير مستوى الأرباح".
وتسعى الحكومة السعودية، في سياق رؤيتها الجديدة، للاستفادة من موسم الحج كمصدر اقتصادي ينافس النفط، إذ تهدف المملكة إلى زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليوناً. كما سيحقق العديد من الفوائد الاقتصادية الكبيرة، التي ستنعكس على الاقتصاد السعودي، مؤكدين أن تصل عائدات هذا العدد من الحجاج والمعتمرين، إلى أكثر من 50 مليار ريال سنوياً (13.3 مليار دولار).
الأرقام تتحدث عن نفسها
قُدرت إيرادات الحج لعام 2014 بنحو 31.73 مليار ريال (8.4 مليار دولار)، أي بنسبة زيادة 3% عن عام 2013، وفقاً لدراسة صادرة عن الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة. وعام 2012، قدرت إيرادات الحج والعمرة بأكثر من 62 مليار ريال (16.5 مليار دولار)، بزيادة نسبتها 10%، مقارنة بالعام 2011، والتي بلغت حينها 57 مليار ريال (15.2 مليار دولار). مشيرين إلى أن تلك الإيرادات تمثل 3% من الناتج المحلي للسعودية. وفي السياق نفسه يؤكد سعد القرشي، عضو لجنة الحج والعمرة في غرفة الصناعة والتجارة بمكة، أن السعودية بمقدورها الاستفادة من موسم الحج عبر استيعاب الملايين من الحجاج والمعتمرين، وعبر التوسع في مشاريع البنية التحتية في المشاعر المقدسة. موضحاً لرصيف22 أن تلك الأعداد المليونية للحجاج والمعتمرين أسهمت بشكل فعال بإنعاش الأسواق المحلية في مكة، وبات العديد من سكان مكة والمدينة معتمدين في تجارتهم بشكل أساسي على تلك الوفود. ويستبعد القرشي تأثر عائدات حج هذا العام، نتيجة الأزمات الاقتصادية أو تزامن موسم الحج مع موسم العطلات الصيفية، عازياً السبب إلى المعدلات شبه الثابتة لأعداد الحجاج. فهي تتأرجح بين مليونين ونصف المليون وثلاثة ملايين حاج سنوياً. ومن المبكر الحكم على مدى التأثر، خصوصاً أن شركات الحج لا تزال تسجّل الحجاج في حملاتها الموسمية. لكن الأهم من تلك العائدات، هو انتعاش الأسواق المحلية في مكة والمدينة، من ضمنها الفنادق والمواصلات، والمطاعم وغيرها من المرافق التي تقدم خدماتها للحجاج والمعتمرين طوال أيام السنة، خصوصاً في شهري رمضان وذو الحجة. إذ تسجل أرباح تلك القطاعات أرقاماً قياسية، فقدرت نسبة إشغال الفنادق في مكة، خلال موسم العمرة، بأكثر من 80% داخل المنطقة المركزية القريبة من الحرم. أما في ما يتعلق بقطاع المواصلات في موسم الحج، فإن نحو 65 شركة نقل ستتقاسم 400 مليون ريال (106 مليون دولار) كأرباح متوقعة للحج هذا العام.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...