شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ليلة الهرب من الموت حرقاً...

ليلة الهرب من الموت حرقاً... "أقباط المنيا" يروون لرصيف22 وقائع اضطهادهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 23 أغسطس 201607:03 م
"تركنا منازلنا وأغراضنا وهربنا خوفاً من الموت حرقاً". كلمات قالها أحد أبناء الأسر التي تم تهجيرها من منازلها بسبب شائعة تحويل منزل إلى كنيسة في قرية كوم اللوفي في محافظة المنيا، جنوب القاهرة. ثلاثة أشقاء من العائلات الأربع المهجّرة رووا لرصيف22 تجربتهم بداية من "ليلة الحرق" حتى جلسات الصلح العرفية وصولاً إلى تهجيرهم.

"هنبني مكانه جامع"

وقال أيوب إبراهيم خلف، 42 عاماً: "نحن عائلة من 4 أشقاء وأسرهم. وصلتنا يوم 27 مايو الماضي، أخبار حول تجهيز الأهالي لحرق منزل نبنيه بدعوى أنّه سيحوَّل إلى كنيسة، لكنّي أكدت لأكثر من شخص أن ذلك المبنى ليس سوى منزل". وتابع أن جلسة صلح عرفية أقيمت في البداية لحلّ الأزمة، وحضرها شيخ البلدة وقال: "لو منزل هيتهد ولو كنيسة هتتهد وهنبني مكانه جامع". وأضاف: "ذهبت يوم 29 يونيو إلى مركز الشرطة وكتبت ورقة تعهّدت فيها بأن هذه الأرض سيتم بناء منزل عليها وليس كنسية، وإذا كانت كنسية فإن الأهالي لهم الحق في هدمها". وشرح: "كتبت الورقة خوفاً من اعتداء بعض المتشددين على أسرتي، وقمت بطباعة 1000 نسخة عنها ووزعتها على أغلب أهالي القرية". وروى أنه في "يوم 30 يونيو، في الساعة الواحدة صباحاً، خرج صوت من مكبّر صوت المسجد القريب منّا يقول إن هنالك حريقاً في منزل مقابل منزلنا، فخرجنا لنشاهد ونساعد فلم نجد أي حريق. كان الأمر مجرد خدعة لتجميع أهالي القرية أمام منازلنا ليسهل الهجوم علينا". جمعَت الأسرة القبطية كل الأطفال والنساء في غرفة واحدة، وأغلقت الباب جيداً، وبدأ أيوب وإخوته يستعدّون للتصدّي للهجوم. وقال: "بعدما أيقنّا أن المواجهة ستكون في مصلحة المتشددين، أخرجنا الأطفال والنساء بمعجزة من البيت، وأرسلناهم إلى قريب لنا في شارع مجاور وهرولنا في الأرض الزراعية لنصل إلى مركز الشرطة لنطلب المساعدة".

الله أكبر وحيّ على الجهاد

بدوره، روى يونان خلف أن الهجوم بدأ بهتافات "حي على الجهاد، الله أكبر، لا إله إلا الله". وقال: "كان العدد كبيراً أمام منازلنا. هاتفنا الأمن الوطني لكنه لم يبالِ بنا. وبعدما رُشقنا بالحجارة وزجاجات المولوتوف، اتصلنا بشرطة المركز، وبعد نصف ساعة علمنا أن الأهالي أحرقوا سيارات الشرطة واعتدوا على عناصرها وعلى المأمور". وتابع: "كانت لحظات عصيبة لا توصف، فأنت ترى الموت أمام عينيك ولا تعرف كيف تحمي نفسك أو عائلتك". وأضاف: "كنا بملابس المنزل، خرجنا في الأراضي الزراعية هرباً من الموت المقرر لنا حرقاً". وأشار إلى أن الشرطة وفرّت لهم مرآباً مساحتة أربعة أمتار بخمسة كي تبقى فيه الأسر الأربع المكوّنة من 24 فرداً. وقال: "جلسنا هنالك حتى يوم 7 أغسطس، فقد اضطررنا للبقاء فيه حفاظاً على حياة الأسر". ولفت إلى أنه كانت تصلهم يومياً تهديدات بالقتل، "ونحن بدون منزل، بدون مال، بدون أي شيء"، ودعوات للتصالح. وأضاف "كنا نخشى أن يحدث مكروه لأطفالنا، فانتظرنا حتى مساء 7 أغسطس، وأخذنا حصيرتين وأربعة بطاطين واستقدمنا سيارة نقل ركبنا بها جميعاً لنذهب إلى الكاتدرائية في العباسية، في القاهرة، لطلب العون والمدد، وبتنا ليلة على سلم الكاتدرائية حتى صباح يوم 9 أغسطس، ولكن أمرنا بالعودة إلى المنيا حتى لا تحدث أزمة"، أكّد يونان.

"كبيركم خزنة رصاص وهنصفيكم"

أمير خلف، الشقيق الأصغر في العائلة، أشار إلى أن كل جلسات الصلح العرفية كانت مجرد تهديدات ووعيد بالقتل والحرق "إذا لم نتنازل عن البلاغات المقدمة ضد من حرّض وحرق منازلنا”. وقال إن "أبرز الكلمات التي ما زالت في ذهني خلال جلسة الصلح العرفية الأخيرة هي: أنتم كبيركم خزنة رصاص وهنصفيكم. هذه الكلمات جعلتني أشعر أنني في غابة لا في دولة".

80 واقعة اعتداء منذ ثورة 25 يناير

في هذا السياق، قال الباحث في الشأن القبطي والمتحدث الإعلامي لمبادرة "مصريون ضد التمييز الديني"، نادر شكري، إن آخر ثلاثة أشهر شهدت ثمانية حوادث اضطهاد ديني في المنيا تحديداً. أما بعد ثورة 25 يناير 2011 فقد وقع أكثر من 80 اعتداء طائفياً ضد الأقباط، ومعظم هذه الحوادث لم يتم معاقبة الجناة فيها قانونياً، وكانت تنتهي بجلسات صلح عرفية. وأضاف لرصيف22: "لكن هنالك ثلاث حالات فقط لم يحدث فيها صلح حتى الآن، وهي: تعرية سيدة في قرية الكرم بالمنيا، وحرق خمسة منازل في قرية كوم اللوفي بسبب شائعة تحويل منزل إلى كنيسة، والاعتداء على أقباط في قرية الفشن بمحافظة بني سويف بسبب تحويل منزل إلى كنيسة أيضاً". وأشار الباحث في الشأن القبطي إلى أن السبب الأساسي لحدوث أيّة مشكلة بين المسلمين والمسيحيين ينحصر في نقطتين: علاقة عاطفية بين مسيحي ومسلمة، أو بناء كنيسة وتحويل منزل إلى كنيسة. وأشار إلى أن الحل ينحصر بثلاثة نقاط، أولاها تطبيق القانون على الجميع، حتى يُغلق الباب أمام المتطرفين، وثانيتها إعادة النظر في قانون دور العبادة وبناء الكنائس، أما ثالثتها فيكون بإيقاف إهدار كرامة الدولة والمواطن في جلسات الصلح العرفية التي تجري بمباركة جهات أمنية ونواب من البرلمان. وبخصوص قانون دور العبادة، قال شكري: "القانون بالشكل الحالي يشكل أزمة، فنصوصه عامة وغير واضحة، ويتجاهل الكنائس المغلقة منذ عقود، ويعتبر أنه يتم بناء أي كنيسة بناءً على نسبة الأقباط في القرية، بالرغم من عدم وجود أي إحصاء للأقباط داخل مصر". وأضاف: "إذا كانت لدينا ثلاث طوائف مسيحية أرثوذوكسية، كاثوليكية، وإنجيلية، في قرية واحدة فكيف ستصلّي هذه الطوائف في كنيسة واحدة؟".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image