على عكس التوقعات، لم تصدم زيارة نتنياهو للسفارة المصرية في ذكرى عبد الناصر، أي متابعٍ للشأن الإسرائيلي المصري، عدا بعض الناصريين الذين أيّدوا الانقلاب العسكري في مصر في 30 يوليو. فالسيسي ونظامه كرّسا صورةً متطوّرةً عن النظام المصري الأسبق، أي نظام مبارك، في علاقاته مع إسرائيل وتضييقه على الفلسطينيين.
تناول شكري، وزير الخارجية المصري، طعام العشاء مع نتنياهو سابقاً، تسامر مع نتنياهو وزوجته سارة، شاهد المباراة النهائية من اليورو، قبل أن يجلس إلى مائدة "السلام" المزمع. فردّ الأخير الزيارة، سحب نتنياهو برضى إقليمي من قبّعته أرنباً كان قد أهمل في الماضي، وهي خطة الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، جئورا آيلاند. خطة آيلاند غير قابلةٍ للتطبيق، أو هكذا كانت. أما اليوم، وبعد هدم البيوت شمال سيناء، والتنازل المصري عن السيادة على جزيرتي تيران وصنافير ومضيقهما، فأصبح المستحيل في الخطة ممكناً.
وقد وافق مجلس النواب المصري، في 26 حزيران 2016، على مذكرة الاتفاق المصري - السعودي بشأن برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية سيناء، الذي يتضمن في مرحلته الثانية، إنشاء طريق بين سيناء (مصر) وصحراء النقب (إسرائيل). للوهلة الأولى يبدو الخبر عادياً، ومشروع الطريق ليس إلا مشروعاً تنموياً وهبة سعودية لمصر، لكن طريق سيناء - النقب لا يمكن أن ينشأ إلا بموافقةٍ إسرائيليةٍ صريحة. الطريق البالغة تكلفته حوالي مليار ريال سعودي، أي 266 مليون دولار، سيكون طريق العبور السياسي - الدبلوماسي نحو تسوية سلامٍ إقليمي شاملة، بناءً على خطة آيلاند.
ما يجري الآن يمهد لما سيكون طريق العبور السياسي - الدبلوماسي نحو تسوية سلام إقليمي شاملة مع إسرائيل...
تعرّفوا على خطة الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جئورا آيلاند، التي لم تعد مستحيلة "بفضل" السيسيطريق "برية فاران" المُزمع إنشاؤه على مسافة 70 كيلومتراً مربعاً في صحراء النقب، بحسب خطة جئورا آيلاند، ستمنح "إسرائيل" هذه المساحة لمصر مقابل تنازل مصر عن 600 كيلومتراً مربعاً في رفح والشيخ زويد، تُضمّ على إثرها الأراضي المصرية المُتنازل عنها لقطاع غزّة، بهدف توسيع القطاع وإعلانه دولةً فلسطينيةً خالصة. تنازل مصر - السيسي سابقاً عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، جعل من مضيق تيران مضيقاً دولياً لا تتحكم فيه مصر، بعدما كان خاضعاً لسيطرتها. أي أن مصر لم تعد تهدّد حرية الملاحة من إسرائيل وإليها، علماً بأن حربي 56 و67 كانتا بسبب ممارسة مصر حقها في إغلاق المضيق. وبما أن إخلاء شمال سيناء يعني مشكلةً سكانيةً كبيرة، كان لا بد من إيجاد حلٍ لهذه المعضلة، والحل تكفّلت به السعودية، فتزامناً مع تمويل طريق "برية فاران"، أقرّ البرلمان المصري مذكرة لقبول تمويلٍ سعودي جديد، بقيمة 1.125 مليار ريال، أي ما يعادل 333 مليون دولار، لإنشاء جامعة الملك سلمان في الطور، ومدينة سكنية في أقصى جنوب سيناء، بهدف تأمين مساكن وبنى تحتية للمصريين المهجّرين من شمال سيناء إلى جنوبها الأقصى. عملية تغيير الوجه الجغرافي لسيناء وقاطنيها الحاليين كما المستقبليين بدأت منذ آذار الماضي، لا منذ توقيع إتفاق نقل ملكية الجزر، إذ وافق البرلمان المصري على قرار رئيس الجمهورية الرقم 181 لسنة 2016، ويمثّل هذا القرار اتفاقاً بشأن برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء، وقد جرى التوقيع عليه في الرياض بتاريخ 20 مارس الماضي بين حكومتي مصر والسعودية، بقيمة تمويل يعادل 1.5 مليار دولار، وبسعر فائدة يبلغ 2 في المئة سنوياً على كل قرض، تمتدّ فترة سداده 20 عاماً منها 5 فترة سماح. ومشاريع تنمية سيناء الموقّع عليها، هي طريق سيناء النقب، وجامعة سلمان في طور، أي أن السيسي عند إعلانه آخر مرحلة من الخطّة، أي التّمهيد للسلام، سيبيع المصريين أوهاماً عن الطريق والجامعة والتنمية، علماً بأن مصر مُجبرةٌ على تسديد المبالغ المصروفة للسعودية. طرحت خطّة جئورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بين عامي 2004 و2006، تسوية الصراع مع الفلسطينيين، في إطار دراسة عنوانها: "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين"، "مقترحات وطن بديل للفلسطينيين في سيناء"، نشرها مركز "بيغن - السادات للدراسات الإستراتيجية" منتصف يناير 2010. وبيّنت الدراسة أن خطة آيلاند ركّزت على أن حل القضية الفلسطينية ليس مسؤولية إسرائيل وحدها، بل مسؤولية 22 دولة عربية أيضاً، داعياً إياهم لصوغ "حل إقليمي متعدد الأطراف". وتتلخص خطة آيلاند بتزويد الدولة الفلسطينية المستقبلية بمساحة شاسعة من الأراضي المقتطعة من شمال سيناء، تصل مساحتها إلى 720 كيلومتراً مربعاً، تبدأ من الحدود المصرية مع غزة إلى حدود مدينة العريش، على أن تحصل مصر على 720 كيلومتراً مربعاً أو أقل قليلاً داخل صحراء النقب الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. وبالتالي فإن السّيسي حقّق حلم آيلاند، وتعاون بغطاءٍ سعودي مع إسرائيل لإجهاض القضية الفلسطينية ومحوها من الوجدان العربي، إضافةً إلى تكريس وجود إسرائيل وكيانها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت