لا شك في أن مشاركة المرأة على الساحة السياسية في العالم العربي لا تزال ضعيفة. عوّل البعض على ثورات الربيع العربي لتحدث تغييراً على المستوى السياسي والاجتماعي يعطي النساء زخماً في الحياة السياسية، لكن ذلك بقي بعيد المنال في أي من البلدان العربية حيث ما يزال يربط بين الرجولة والقيادة السياسية.
هذه القاعدة لا تخلو مع ذلك من استثناءات، ففي بعض البلدان العربية مثل الجزائر وتونس وموريتانيا ينشط العديد من النساء في العمل السياسي وقد ترأس بعضهن أحزاباً سياسية.
في تونس مثلاً ثلاثة أحزاب تترأسها نساء. برغم أهمية هذا الأمر، يبقى الحضور النسوى خجولاً إذا ما قيس بوجود 162 حزباً في تونس اليوم.
في مصر ما بعد ثورة 2011 برزت عدة نساء منهن رئيسة حزب الدستور المنتخبة خلفاً لمحمد البرادعي هالة شكر الله ورئيسة حزب الحق مريم ميلاد بالإضافة إلى رئيسة الحزب الاجتماعي الحر عصمت الميرغني المرشحة لجائزة نوبل للسلام عام 2006.
أمّا في الجزائر فبرزت رئيسة حزب العمال التروتسكية لويزة حنون لنشاطها في مجال السياسة والنضال الاجتماعي والحقوقي وهي المعروفة بكفاحها الطويل، وبكونها أول امرأة تترشح للرئاسة في بلد عربي عام 2004.
في المغرب العربي أيضًا، وبالعودة إلى تونس تحديداً، برزت كل من ميه الجريبي أمينة عام الحزب الجمهوري التونسي ورئيسة حزب الحركة الديمقراطية للإصلاح والبناء آمنة منصور، فيما شهدت الساحة الموريتانية بروز رئيسة حزب الحراك الشبابي لاله بنت الشريف ورئيسة حزب موريتانيا الحديثة نفيسة منت محمد الحسين.
وفي سورية ترأست سناء ناصر المعروفة بمواقفها الموالية للرئيس بشار الأسد حزب سوريا الحديثة فيما نشطت رئيسة حزب الخضر ندى زعرور في لبنان، وهي التي أعلنت نيتها الترشح للانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر أن تجري في الصيف الماضي قبل أن يتم تأجيلها.
إليكم في ما يلي لمحة عن أبرز النساء الناشطات سياسياً في المجال الحزبي.
لويزة حنون - الجزائر
كافحت زعيمة حزب العمال التروتسكي لويزة حنون المناضلة لمبدأ المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل في الجزائر طوال 15 سنة ضد نظام الحزب الواحد في ثمانينات القرن الماضي وتعرضت للاعتقال والتعذيب عام 1983 مع مجموعة من النساء وحوكمت أمام محكمة أمن الدولة بتهمة المساس بالمصالح العليا للدولة و"الانتماء لتنظيم من المفسدين" وقبض عليها في أكتوبر عام 1988 خلال الحوادث الدامية في البلاد. انضمت إلى لجنة المسيرة لرابطة حقوق الإنسان عام 1985 بعد سنة من انضمامها إلى منظمة المساواة أمام القانون بين الرجال والنساء. بعد عام من الإعلان عن التعددية الحزبية في الجزائر عام 1989، أعلنت عن تأسيس حزب العمال. دخلت التاريخ عام 2004 لكونها أول امرأة تترشح لرئاسة بلد عربي لكنها حصلت على 1% من أصوات الناخبين.
هالة شكر الله – مصر
بعد استقالة محمد البرادعي من المنصب، فازت هالة شكر الله برئاسة حزب الدستور لتكون أول سيدة وأول قبطية تفوز برئاسة حزب سياسي في مصر بعد أن شغلت منصب أمين التثقيف والتدريب بالحزب وكانت عضواً مؤسساً فيه. إلا أن هذا الإنجاز ليس الأول بالنسبة للمرأة البالغة من العمر 60 عاماً والتي لديها تاريخ سياسي حافل وخبرة طويلة في العمل كناشطة حقوقية شاركت كعضو مؤسس في عدد من منظمات المجتمع المدني منذ ثمانينات القرن الماضي. شغلت شكر الله منصب المدير العام والاستشاري الرئيسي لمركز دعم التنمية للتدريب والاستشارات الذي أسسته عام 1997 قبل إسهامها في تأسيس رابطة “مصريون ضد التميز الديني”. وتولت شكر الله التي حصلت على شهادة الدكتوراه من معهد الدراسات التنموية في جامعة ساسكس Sussex في بريطانيا في موضوع "تأثير تحرير الإقتصاد على العاملات من النساء في مصر” المنصب في الحزب بعد استقالة البرادعي الذي غادر مصر في أغسطس الماضي عقب حملات شُنّت عليه على إثر اعتراضه على فضّ اعتصامين داعمين للرئيس المعزول محمد مرسي.
ميه الجريبي – تونس
أصبحت ميه الجريبي أول امرأة تقود حزباً سياسياً في تونس والثانية في المغرب العربي بعد الجزائرية لويزة حنون سنة 2006 بعدما انتخبت على رأس الحزب الديمقراطي التقدمي خلفاً لأحمد نجيب الشابي. وفي عام 2012، انتُخبت أمينة عامة للتحالف الجديد الذي سمّي "الحزب الجمهوري" خلال المؤتمر الخامس والأخير للحزب الديمقراطي التقدمي إثر الإعلان عن التحالف بين الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب آفاق تونس والحزب الجمهوري. الجريبي لها تاريخ طويل في السياسة منذ أوائل الثمانينات حينما كانت تناضل في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس وانضمت إلى فرع الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان بصفاق. شاركت في الجريدة الأسبوعية المستقلة "الرأي" وجريدة "الموقف". وشاركت عام 1983 مع أحمد نجيب الشابي في تأسيس التجمع الاشتراكي التقدمي الذي تغير لاحقاً ليصبح اسمه الحزب الديمقراطي التقدمي وانضمت إلى مكتبه السياسي سنة 1986.
آمنة منصور القروي – تونس
آمنة منصور القروي رئيسة الحركة الديمقراطية للإصلاح والبناء أصبحت أول امرأة تترشح للرئاسة في تاريخ تونس. أكدت القروي أن أحد أهم أهدافها في الترشح إلى سدّة الرئاسة هو كسر الحاجز النفسي في تونس أمام وصول المرأة إلى الرئاسة معبرة عن تطلعاتها لخدمة الشعب التونسي. دخلت جامعة ستراسبورغ Strasbourg سنة 1982 حيث درست الاقتصاد وحصلت على الأستاذية في الاختصاص نفسه سنة 1986. تحدثت عن أهمية تحسين الوضع الاقتصادي التونسي "الكارثي" كما وصفته بفعل تزايد القروض على المصارف المحلية وضعف القدرة الشرائية في البلاد.
عصمت الميرغني – مصر
عصمت الميرغني هي عضو المجلس المحلي في محافظة القاهرة منذ عام 1994 ومحاضرة في لجنة البيئة بأمانة العاصمة منذ عام 1995 ومرشحة لجائزة نوبل للسلام عام 1996. تاريخ الميرغني حافل بالإنجازات في المجال الاجتماعي والسياسي والحقوقي في مصر والعالم. تترأس الميرغني اتحاد المحامين الأفرو-آسيوي لحقوق الإنسان منذ عام 1998 حتى اليوم وتشغل منصب الأمين العام في الاتحاد نفسه. كما أنها عضو في المعهد الدولي لحقوق الإنسان واتحاد المحاميين الدوليين ونائب رئيس منظمة النجدة الشعبية الفرنسية ممثلة لمصر منذ عام 2000 وتعمل كمراقبة في اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان. أسست الحزب الاجتماعي الحر عام2007 الذي تترأسه لتكون أول امرأة بادرت إلى تأسيس حزب، لكنّ اللجنة البائدة لشؤون الأحزاب جمّدت عمله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...