لو عدتَ إلى أيام السبعينيات من القرن الماضي، وسألت النجمات اللبنانيات والعربيات، الأميرات والملكات، أو حتى المشهورات في هوليوود، من هو مصفف الشعر الألمع، لرددن بصوتٍ واحد: نعيم. نعيم عبود ليس مجرّد مصفف شعر، بل كَتَب بتسريحاته التاريخ الأنثوي العربي العريق المتحرر، على مدى عقود.
كارول قرم تقدّم اليوم الساعة السادسة مساءً بلندن في Venue Rose Issa Projects, 82 Great Portland Street، صورةً عن تلك المرآة التي تمعّنت في ملامح كبار الشخصيات العربيات، في كتابٍ يحيي ذكريات العقود الخمسة الأخيرة التي عاشت نهضة الشرق الأوسط.
Naïm: A Brush With History (نعيم: فرشاة ذات تاريخ) هو كتاب التاريخ الجديد الذي يعيد رسم حقبة الستينات وصولاً إلى اليوم، بشفافية تزيل الحجاب بدقة أنيقة عن شعرٍ لم تعد تعرف الأزمنة الحالية تسريحه، وعن ملمسٍ لم يعرف التفريق بين الأديان يوماً، يوم كان همّ الشعب التألّق للقاء شعوب أخرى. كتابٌ تتدفق فيه صورٌ لملامح عريقة، متلاصقة كبورتريه لوجهٍ بيروتي عربي عالمي متحدّ، في عصر النهضة الشرقية الكوزموبولوتية. ربما الاستقلال اللبناني، إذا صحّ القول، بدأ بتلك الخصل المتداخلة بفرشاة نعيم الحية والحرة.
من أم كلثوم، فاتن حمامة، مي عريضة، صباح، فيروز، هند رستم، وردة الجزائرية، مروراً بشيرلي باسي Shirley Basi، جاين مانسفيلد Jayne Mansfield، أنيتا أكبرغ Anita Ekberg، ليندا كريستيان Linda Christian، وصولاً إلى أفراد العائلات المالكة من الأردن والسعودية وبريطانيا، رسم نعيم مسيرته العريقة في عالم التسريحات وتكريم الشعر ورمزيته.
بدأت الحكاية عندما نادى واجب الجمال نعيم عبود، فأخذ وهو فتى، يتعلّم لغة الشعر في الصالونات إلى أن أتقن الحوار معه بإشراف "قيصر المقص" الفرنسي Alexandre de Paris الذي افتتح صالوناً في بيروت منتصف الستينيات، ليكتب له قصائد راقية تنحني قبعات الرجال أمامها.
عروض أزياء، سهرات راقصة، حفلات بورجوازية، كلها شهدت على براعة نعيم عبود، الذي افتتح صالونه الخاص وسط بيروت في السبعينيات. لكن اندلاع الحرب جعل نعيم يحزم الحقيبة ويمضي بأحلامه إلى الكويت فمصر ثم إلى بولندا فباريس ليستقر أخيراً في لندن.
تخبر كارول قرم في كتابها عن تلك الحقبة الثرية، فتذكر كيف "استولت" النساء الأجنبيات على تلك الموهبة اللبنانية الأصل، في حين لم تعد تعرف نساء بيروت سوى تسريحات الشعر بالأيادي المرتجفة. السيدات الأوليات، نجمات السينما العالمية، سيدات المجتمع الراقي، تدفقن جميعهن إلى صالونات نعيم ليحملن شعار الأناقة القصوى لدى خروجهن منها. بقي نعيم يجري رحلات نحو السعودية وجوارها، لأن صفة الملوكية ما كانت لتكتمل دون تلك اللمسة من فرشاته.
نعيم هو ذلك الشغوف بجمال المرأة وأنوثة الشعر، هو تلك الشخصية المرموقة البالغة من العمر 73 عاماً، والتي حرصت الكاتبة والصحافية كارول قرم (ماجيستر في الدراسات الشرق أوسطية من جامعة هارفرد)، على إعادة ترميم قصتها الغنية، بالاستناد إلى صور وحكايات ومقالات من أرشيف الهواة ومن أفراد ومؤسسات من بلدان عدّة، في كتابٍ يمكن اعتباره “haute histoire” أكثر مما هو “haute coiffure”.
Naïm: A Brush With History، كتابٌ بديع صادر عن Darya Press، يجمع صور نساء لهن حضور ساطع، كلّ منهن في مضمارها، إضافة إلى رسوم ابتكرها نعيم عبود من وحي المرأة ورمزية أنوثتها وجمالها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع