%14 من سكان العالم فقط يتمتعون بصحافة حرة، أي فقط شخص واحد من أصل سبعة في العالم، يعيش في دولة تكون فيها الصحافة حرة في ما تنقله من أخبار، من دون أن يمارس عليها ضغط سياسي أو اقتصادي، وتكون فيها سلامة الصحافي مكفولة بالقانون، بحسب تقرير حرية الصحافة العالمي بنسخته الأخيرة لعام 2015. تقرير حرية الصحافة هو تقرير تصدره منظمة (فريدوم هاوس) منذ عام 1980، ويحظى بسمعة عالمية، ويعتبر مرجعاً يستخدم من قبل الحكومات والمنظمات الدولية والأكاديميين والشبكات الإعلامية حول العالم، وفيه يتم تصنيف الدول إلى 3 فئات حسب درجة حرية الصحافة فيها: دول حرة، دول حرة جزئياً، ودول غير حرة.
خلص التقرير أيضاً إلى أن منطقة الشرق الأوسط شهدت هبوطاُ كبيراً في حرية الصحافة في السنوات الأخيرة، وانعكس ذلك على قيمة المؤشر العالمي العام، الذي انخفض عام 2015 لأكبر قيمة له منذ 10 سنوات. من أصل 19 دولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا شملها التقرير، 2% فقط من شعوب المنطقة يتمتعون بصحافة حرة، 16% يتمتعون بصحافة حرة جزئياً، و79% يعيشون في بلدان لا يوجد فيها حرية صحافية.
حرية الصحافة في الشرق الأوسط نسبةً لعدد السكان وعدد الدول
باستثناء فترات محدودة جداً تبعت استقلال بعض الدول العربية أو تأسيسها، فليس مبالغاً القول إن حرية الصحافة لم تكن موجودة في أي من بلدان العالم العربي. حتى في تلك الدول التي كانت توصف بأنها الأكثر حرية وليبرالية في المنطقة مثل لبنان، فإن جميع وسائل الإعلام كانت وما زالت مملوكة لجماعات ضغط سياسية ودينية، ممولة من دول أخرى كدول الخليج العربي أو إيران. أما بقية الدول العربية، فغالب وسائل الإعلام كانت إما مملوكة مباشرة للدولة، مثل: دول الخليج ومصر وسوريا والعراق، أو مملوكة للدولة ولأحزاب المعارضة الرسمية مثل: دول المغرب العربي واليمن والسودان وموريتانيا. في كل هذه الدول، وبالرغم من أن إعلامها كان يمول من أموال دافعي الضرائب أو من خزائن الدولة، لم يكن إعلاماً عمومياً يقدم خدمة عمومية، إنما كان وما يزال إعلاماً رسمياً يخدم الدعاية الرسمية للأنظمة أو الأسر الحاكمة. أما الإعلام الخاص فيها فمعظمه مملوك من قبل رجال أعمال مقربين من الطبقة الحاكمة، قاموا باستخدام نفوذهم لصقل شكل الأخبار التي تُنقل للمشاهد وتوجيهها بما يدعم الأنظمة أحياناً، أو لدعم حزب سياسي معين، أو حتى لتحقيق مصالح شخصية معينة لصاحب القناة. وأخيراً، وبالرغم من القفزات التي حققها المؤشر في بعض الدول العربية منذ عام 2011، فإن ما تعرض له الصحافيون من اعتقالات والصحف من رقابة في مناطق النزاع وغيرها، جعل الأمر يزيد سوءاً في دول الشرق الأوسط، وقلّص الأمل بالحصول على مرتبة متقدمة في مؤشر حرية الصحافة.مؤشر حرية الصحافة في الشرق الأوسط
شمل التقرير 199 دولة، جاءت في مقدمتها النرويج، باعتبارها الدولة التي تتمتع بأقصى درجة من حرية الصحافة في العالم، تلتها السويد وبلجيكا. وضمت الدول العشر الأسوأ عالمياً إيران وسوريا وكوبا وكوريا الشمالية. الجدول التالي يعرض قيم المؤشر لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.تونس
حققت تونس منذ عام 2010 قفزة كبيرة عالمياً في حرية الصحافة، فهي الدولة الوحيدة التي قفز فيها المؤشر 37 نقطة، وهذا أفضل من التقدم الذي حققته جميع الدول العربية مجتمعةً في السنوات العشر الماضية. في العام الماضي ارتفع المؤشر من 53 إلى 48 بسبب المصادقة على دستور عام 2014، الذي ضمن حرية التعبير والصحافة، فضلاً عن تحسن ملحوظ في تخفيف الرقابة على الصحف، وحالات الاعتداء المادي والمعنوي على الصحافيين. لكن تونس ما تزال مصنفة على أنها حرة جزئياً وليست حرة.إسرائيل تركيا وإيران
بالنسبة إلى دول المنطقة من غير الدول العربية فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة المصنفة حرة في المنطقة، وجاءت تركيا ضمن أكثر الدول التي شهدت هبوطاً في مؤشر حرية الصحافة للعام الماضي، بسبب عدة تشريعات أعطت السلطات صلاحيات واسعة في فلترة المحتوى وحجب المواقع الإلكترونية، كذلك إجراء بضعة تعديلات على القانون الرقمي منع الصحافيين من نشر أي معلومات لها علاقة بالأمن القومي، ومنحت الاستخبارات صلاحيات أكبر في الولوج إلى أي نوع من المعلومات. وجاءت إيران في المرتبة التاسعة في قائمة الدول العشر الأسوأ عالمياً، بسبب سمعتها في ممارسة الاعتقالات الواسعة للصحافيين الإيرانيين أو الأجانب، كان أشهرها اعتقال الصحافي في صحيفة واشنطن بوست عام 2014، الذي أُطلق سراحه حديثاً على هامش الاتفاق الإيراني النووي مع الولايات المتحدة.مصر
شهدت مصر تطوراً ملحوظاً في حرية الصحافة عام 2011 ، لكنه لم يستمر، فبدأ المؤشر بالهبوط مجدداً عام 2012، ليصل في 2014 إلى 73 نقطة، وهو الأسوا لمصر منذ 11 عاماً. السبب يعود للعدد الكبير من الاعتقالات، والدعاوى القضائية التي شهدها عام 2014 بحق الصحافيين والإعلاميين، أدت إلى عقوبات قاسية بحق الكثير منهم. الرقابة الشديدة على الصحف ووسائل الإعلام أدت لإغلاق بعضها، ما أفضى تدريجياً إلى ظهور اللون الواحد لوسائل الإعلام وجعل معظمعها مؤيدة للنظام الحاكم.ليبيا
انخفضت درجة المؤشر في ليبيا من 62 إلى73، نظراً لاستمرار تدهور الوضع الأمني، الذي يمنع الصحافيين من الوصول إلى العديد من المناطق المتنازع عليها. كان العاملون في وسائل الإعلام في ليبيا عام 2014 من أكثر العاملين عرضةً لعمليات الاختطاف والاغتيالات، وواجهوا النيابة العامة أيضاً بتهمة التشهير وتسريب معلومات عن الأمن القومي، وأخيراً تعرض الصحافيون أيضاً للضغط والابتزاز من الميليشيات المسلحة في المناطق التي يعملون فيها.سوريا العراق ولبنان
بسبب الحرب الأهلية في سوريا تأثرت حرية الصحافة في العراق سلباً، بسبب ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية، والاعتقالات والإعدامات العديدة التي نفذها في حق صحافيين محليين وأجانب بتهم مختلفة. وأثرت الحرب السورية سلباً على معدل حرية الصحافة في لبنان، الذي وصل إلى أدنى معدل له من 5 سنوات (55 نقطة)، بسبب كثرة قضايا التشهير التي رفعت ضد صحافيين عام 2014، تنوعت عقوباتهم بين السجن والغرامات المالية الطائلة. في أحيان عديدة في لبنان، تم تسجيل حالات تحيز ضد وسائل الإعلام، وكان هناك تأثير سياسي على القرار. أما في سوريا فجميع الصحف مملوكة من النظام الحاكم، أو من رجال أعمال يعملون لصالح النظام، ولا يوجد طريقة معروفة للحصول على المعلومات. كما أن الحرب زادت من حالات الاعتداء والاعتقالات والإعدامات بحق صحافيين ونشطاء محليين وأجانب، ما جعل سوريا تقفز إلى المرتبة الثامنة عالمياً كأسوأ دولة في حرية الصحافة.قطر
صادقت الحكومة القطرية على قانون الجريمة الإلكترونية الجديد عام 2014، الذي يتضمن عقوبات مرهقة ضد من يثبت أنه ينشر أخباراً كاذبة، أو ينشر أخباراً من شأنها أن تعرض الدول للخطر، والنفاذ إلى المعلومات الحكومية من دون إذن مسبق. في البحرين لا تزال وسائل الإعلام تعاني من الرقابة والاضطهاد، وتعرض الصحافيون المواطنون الذين تجرأوا على نقل أخبار الاحتجاجات إلى انتقامات متنوعة من قبل الحكومة. أما الإمارات العربية المتحدة، فهي واحدة من أكثر البيئات الإعلامية قمعاُ في المنطقة، وهو يتعارض مع صورتها التي تحاول التسويق لها دوماً بأنها واحة في صحراء من الأنظمة الاستبدادية المحافظة في المنطقة.قطاع غزة
تصنيف قطاع غزة نقص بمقدار نقطتين، ليصبح 48 بسبب الحرب. السلطات الإسرائيلية والفلسطينية فرضت الكثير من العوائق على حركة الصجافيين في غزة والضفة.السعودية واليمن
هبط المؤشر في اليمن نقطتين بسبب استهداف القوات الحكومية والحوثيين للصحافيين، وواجهت وسائل الإعلام ضغوطاً مستمرة لخدمة مصالح سياسية لكلا الطرفين. وفي المملكة العربية السعودية، زاد من القيود المفروضة على الإعلام مع تمرير قانون مكافحة الإرهاب، الذي زاد الاعتقالات بحق الصحافيين والمدونين في المملكة.الجزائر
انخفضت قيمة المؤشر في الجزائر من 59 إلى 61، فتم تصنيفها غير حرة بعد أن كانت مصنفة حرة جزئياً، بسبب القيود التي فرضت على وسائل الإعلام خلال فترة الانتخابات الرئاسية عام 2014. في العام نفسه تم فرض قانون لمراقبة محتوى القنوات التلفزيونية المملوكة للقطاع الخاص، وانسحبت الحكومة من جميع البرامج الإعلانية في القنوات، التي ساهمت بتغطية نشاطات الأحزاب المعارضة. وجرى منع الصحافيين من الحصول على تأشيرات دخول، وفرض الكثير من القيود على أولئك الذين منحوا الإذن بالدخول.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...