بعد التتويج باللقب الأوروبي السابع عام 2007، لم يكن عشاق نادي ميلان AC Milan الإيطالي يتخيلون أن يصل الحال بفريقهم إلى مرحلة يكون فيها الهدف الرئيسي هو ضمان مقعد مؤهل للمنافسات الأوروبية، والفشل في تحقيق ذلك في النهاية.
ثماني سنوات مضت منذ أن قاد فيليبو إنزاغي Inzaghi أبناء الروزنيري للثأر من ليفربول وتحقيق اللقب السابع في الملعب الأولمبي بأثينا. إنزاغي الذي تحول من لاعب إلى مدرب، فشل في تكرار إنجازه وبقي داخل النفق المظلم الذي لا يبدو أن الميلان سيخرج منه قريباً.ماذا حصل بعد اللقب السابع ؟
ضمنت التشكيلة المرعبة التي كانت بين يدي أنشيلوتي Ancelotti عام 2007، إحراز اللقب الأوروبي السابع، لكن إدارة بيرلسكوني Berlusconi لم تواكب تطور سوق الانتقالات وتضاعف الأرقام المدفوعة من قبل إدارات أندية النخبة في أوروبا، حتى أن الميلان لم ينتدب أي لاعب في الموسم التالي.
لم يختلف الموسم التالي كثيراً، فاكتفى النادي بانتداب كل من زامبروتا Zambrotta وفلاميني Flamini، في صفقات لم تكلف خزينة النادي شيئاً، فكانت النتيجة الخروج من دور الـ32 أمام فيردر بريمن Werder Bremen في اليوروبا ليغ، والاكتفاء بالمركز الثالث محلياً خلف الإنتر واليوفي.
استمر بيرلسكوني بسياسته التقشفية التي ترافقت مع فضائحه ومشاكله السياسية، فباع في الموسم التالي كاكا Kaka إلى ريال مدريد واشترى الهولندي هنتلار Huntelaar منهم، ليكتفي الفريق كما الموسم السابق بالحلول ثالثاً خلف الإنتر ميلان وروما، بالإضافة للخروج من ثمن نهائي الأبطال بعد الخسارة أمام مانشستر يونايتد.
في موسم 2010/2011، استبشر عشاق أحمر إيطاليا خيراً، إذ قام النادي بالعديد من الصفقات، واستقدم نجوماً مثل فان بومل van Bommel وإبراهيموفيتش Ibrahimović وبواتينغ Boateng وروبينيو Robinho وكاسانو Cassano. تمكن نتيجة ذلك من الظفر بلقب السكوديتو بعد غياب، لكنه فشل في فك طلاسم العقدة الأوروبية، وخرج من ثمن النهائي أيضاً، بعد الخسارة أمام توتنهام.
حافظ الميلان على نسقه في الموسم التالي، فنافس على لقب الدوري حتى الرمق الأخير، ليخسره في نهاية الأمر لمصلحة اليوفي، بالتزامن مع انتهاء مشواره الأوروبي عند حاجز ربع النهائي هذه المرة، ليودع البطولة على يد البارسا.
يصف عشاق الميلان موسم 2012/2013 بـ "موسم النكسة"، كيف لا وهو الذي شهد خروج كل من إبراهيموفيتش وتياغو سيلفا Thiago Silva وسيدورف Seedorf وكاسانو وفان بومل وغاتوسو Gattuso وباتو Pato، فيما لم يستقدم المدرب أليغري Allegri سوى صفقات متوسطة الجودة، كان أبرزها استقدام بالوتيلي Balotelli ودي يونغ de Jong. في هذا الموسم حل الميلان ثالثاً بفارق 15 نقطة عن اليوفي البطل، بينما شاءت الأقدار أن يصطدم ببرشلونة مجدداً ويخرج من ثمن نهائي دوري الأبطال.
لم تكن صفقات الموسم الماضي أفضل من سابقتها، فلا الداخلون إلى السان سيرو ولا الخارجون منه يمكن اعتبارهم من نجوم الصف الأول في أوروبا، هذا إذا ما استثنينا عودة كاكا Kaká من ريال مدريد. لم يكن أشد المتشائمين بهذه العودة يظن أنها ستنتهي بهذا الشكل، إذ احتل الفريق المركز الثامن، وغادر كاكا إلى الدوري الأمريكي.
ومع بقاء 4 مباريات على نهاية الموسم الحالي، لم تتمكن صفقات مينيز Ménez وأليكس Alex وتوريس Torresمن إضافة أي جديد ليقبع ميلان إنزاغي في المركز العاشر بفارق 7 نقاط عن أقرب مركز مؤهل للمشاركة الأوروبية.
مشروع باربرا
عندما اشترى بيرلسكوني نادي ميلان عام 1986، عين أدريانو غالياني Galliani نائباً له ومديراً تنفيذياً ذا صلاحيات واسعة، وتشارك الإثنان في نجاحات منقطعة النظير على الصعيدين المحلي والأوروبي خلال مشوارهما الطويل.
ومع تدهور الوضع الاقتصادي وتراكم الديون، إلى جانب بقية الإشكالات التي عصفت بحياة بيرلسكوني، دخلت ابنته باربرا على خط العمل الرياضي، وحاولت فرض اسمها كمنافس يسعى لإزاحة العجوز غالياني، ويهدف إلى ضخ دماء جديدة وأفكار تسويقية مواكبة للتطور.
قدمت باربرا مشروعها الإصلاحي لجماهير النادي، وأكدت أنه سيقوم على ثلاث ركائز أساسية هي التسويق ورعاية المواهب ثم النتائج الرياضية الجيدة، واضعة معارضتها لسياسة والدها ومساعده غالياني كخط هجوم أول تحاول من خلاله استمالة قلوب عشاق اللومبادري إليها.
مشروع باربرا الذي كان يهدف أيضاً للعمل على إنشاء ملعب خاص بالنادي، ما لبث أن فشل بعد اصطدامه بتعنت والدها وتحكمه بمقاليد الأمور وسيطرته على مفاصل الإدارة، فبقيت الأوضاع المادية المزرية سيدة الموقف، ولم تنجح عملية استنساخ تجربة غوارديولا Guardiola مع برشلونة، عبر تعيين النجم الهولندي السابق سيدورف Seedorf مدرباً للفريق، إذ فشل اللاعب المتوج بدوري الأبطال مع ثلاثة فرق مختلفة، فشلاً ذريعاً، وسار خليفته إنزاغي على دربه.
حقبة جديدة
قبل عام ونيف، أبدى باولو مالديني Maldini أسطورة النادي الحية أسفه حيال وضع الفريق الذي حصد معه 26 لقباً خلال 24 عاماً، مؤكداً أن الإدارة دمرت الفريق، ومن الصعب إعادة بنائه إن استمرت في سياستها الحالية.
انتظرت جماهير الميلان عاماً كاملاً بعد تصريحات مالديني، قبل أن تنفجر غاضبة في وجه الرئيس بيرلسكوني، مطالبة إياه ببيع النادي أو إنقاذه بأي طريقة يختارها. حيال هذا الضغط، إلى جانب العوامل الأخرى من تدهور رياضي واقتصادي، أصبح كلمة "ميلان للبيع" أمراً واقعاً.
وبرغم موافقته على فكرة البيع، فقد أصر بيرلسكوني على احتفاظه بحصة الأغلبية من أسهم النادي كي يبقى متحكماً به. وبعد دراسة عدد من العروض، وجد الميلاني العجوز ضالته بالملياردير التايلندي بي تايشاوبول Bee Taechaubol.
لم تعرف بعد النسبة التي سيتمكن تايشاوبول من امتلاكها، لكن المؤكد هو موافقته على بقاء 51 % من أسهم النادي باسم برلسكوني، وهذا ما يجعله شريكاً ومستثمراً لا أكثر.
بيرلسكوني وصف الملياردير التايلندي بالشخصية الجادة عقب الاتفاق الذي لم يصبح رسمياً بعد، في الوقت الذي تجاوزت فيه خسائر النادي العام الماضي الـ100 مليون دولار، في موسم هو الأسوأ في تاريخ الفريق.
تجربة محفوفة بالمخاطر
برغم تفاؤل جماهير الميلان بهذه النقلة النوعية الأولى منذ امتلاك برلسكوني للنادي، فهي لا تزال متخوفة من استمرار سيطرة الرئيس على الروزنيري، في ظل إصراره على الاحتفاظ بالنسبة التي تضمن بقاءه خلف دفة القيادة.
من جهة أخرى، تطل تجربة الجار إنتر ميلان مع الميلياردير الأندونيسي إيريك توهير Thohir برأسها لتؤكد أن الملايين وحدها لا تكفي لاستعادة المجد، فرغم كل ما قدمه توهير منذ امتلاكه الحصة الكبرى في النيراتزوري أواخر عام 2013، فهو لم يزل ضمن دائرة التخبط التي قد تبعده هو الآخر عن دوري الأبطال للموسم الرابع على التوالي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...