سجلت الأعوام الثلاثة الأخيرة أعلى درجات حرارة على سطح كوكب الأرض منذ بدأ التسجيل، وفقًا لمعطيات وكالة الفضاء الأميركية ناسا. بهذا تصاعدت الأصوات المحذّرة من ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ أصبح شبه مستحيل إنكار هذه الظاهرة، ما بقي موضع شك هو دور البشرية في هذه النتيجة، دور زادت التسجيلات من صعوبة إنكاره، ويبدو أنه اقترب الإجماع بين علماء البيئة على حقيقة مسؤوليتنا كبشر عن الصعود الدرامي في حرارة سطح الأرض.
منذ مؤتمر باريس للمناخ نهاية عام 2016، بدأت دول العالم باتخاذ إجراءات احترازية للوقوف عند اتفاقيات المناخ، وبلوغ المعايير العالمية المتفق عليها. بدورها، تقوم حكومة إسرائيل بالاتجاه لطاقة الرياح كبديل من الطاقة الكهربائية الناتجة عن الوقود. ولكن، كما عودتنا هذه الحكومة دائمًا، يلقى العبء بأكمله على المجتمع العربي، ويتم استغلال موارد الأراضي المحتلة بشكل مجحف، وخطير، ويتميز بالسرقة والتخريب بينما يقطف الثمار بعض من رؤوس الأموال في المجتمع الإسرائيلي.
مؤخرًا، بدأت لجنة التخطيط والبناء في الحكومة الإسرائيلية بمناقشة خطة لإقامة توربينات رياح في أراضي السكان السوريّين في الجولان المحتل. تهدف الخطة لإقامة عشرات التوربينات، على أراض خاصة، بعضها مهدد بالمصادرة إن لم يوافق أصحابها على العقد المطروح، بهدف إنتاج الطاقة من الرياح.
يحد المشروع من القدرة التوسّعية للقرى المحتلة، ويحاصر الشعب في بؤر سكنية خانقة وكثيفة. كما يقوم بإلحاق الضرر بمصدر معيشة مركزي لسكان الجولان السوريين ألا وهو الزراعة، لأن التوربينات سوف تقام على أراض زراعية، وتأثيرها على البيئة المحيطة وتأثير سيرورة بنائها سوف يلحق خسائر جمّة في القطاع الزراعي.
لماذا الجولان؟
تنص قوانين الأضرار، عالميًا، أن تعويض ضرر معين، بهدف إعادة الحال لما كان عليه قبل وجود هذا الضرر، يلقى على مسبب الضرر نفسه، وتكون المسؤولية كلها عليه. منذ مؤتمر باريس، نشهد زيادة كبيرة في مشاريع الطاقة البديلة. تقوم هذه المشاريع بغالبيتها في الصحارى (طاقة شمسية) أو في البحار والمحيطات (طاقة من الريح).
تخطط إسرائيل بالمقابل لإقامة مشاريع الطاقة البديلة بشكل خاص على أرض الجولان، بهدف جليّ هو زيادة الاستيلاء على الأرض والمسكن. ليس هذا فقط، إذ إن تحمّل عبء هذه المشاريع يقع على عاتق السكان السوريين في الجولان، ليقوموا بتحمّل مسؤولية تعويض الضرر البيئي - ضرر لم يساهموا فيه تقريبًا، لأننا لا نملك المصانع الثقيلة والنفط وما شابه، بينما يفلت أصحاب المصانع الثقيلة ومنتجو النفط والغاز من هذه المسؤولية، علماً أنهم يستفيدون من الثروة الطبيعية للجولان بكونهم رؤوس الأموال التي سوف تمول هذا المشروع.
بكلمات أخرى، الملوّث الحصري والأكبر، وهم رؤوس المال، يلقون بالعبء بأكمله على المزارعين في الجولان، ويستفيدون هم من الأرباح الاقتصادية للمشروع. هذه المشاريع تكون بمثابة عقاب لسكان الجولان الأصلانيّين على أخطاء ارتكبها المستعمر، الذي يستفيد من وجهي العملة: الريع المالي للمشاريع، وتدمير ممتلكات سوريي الجولان.
تقوم إسرائيل بالاتجاه لطاقة الرياح كبديل من الطاقة الكهربائية الناتجة عن الوقود. ولكن، كما عودتنا هذه الحكومة، يلقى العبء بأكمله على المجتمع العربي، ويتم استغلال موارد الأراضي المحتلة بشكل مجحف، وخطير، ويتميز بالسرقة والتخريب.
بدأت لجنة التخطيط والبناء في الحكومة الإسرائيلية بمناقشة خطة لإقامة توربينات رياح في أراضي السوريّين في الجولان المحتل. تهدف الخطة لإقامة عشرات التوربينات، على أراض خاصة، بعضها مهدد بالمصادرة إن لم يوافق أصحابها على العقد المطروح، بهدف إنتاج الطاقة من الرياح.
يحد المشروع من القدرة التوسّعية للقرى المحتلة، ويحاصر الشعب في بؤر سكنية خانقة وكثيفة. كما يقوم بإلحاق الضرر بمصدر معيشة مركزي لسكان الجولان السوريين ألا وهو الزراعة، لأن التوربينات سوف تقام على أراض زراعية.
معارضة ورفض المشروع
في المخططات المقررة، تم تعريف المشروع كـ "مشروع قومي إسرائيلي". بالتالي، تم منح وزير مالية حكومة إسرائيل صلاحية مصادرة أراضٍ و/أو جزء منها بحجة تحسين البنى التحتية (توسيع الطرقات الزراعية، وشق طرقات "سياحية" جديدة، وبناء مول تجاري) في المنطقة التي ستبنى فيها التوربينات. لقد تعلّم الجولانيون من تجارب الإخوة الفلسطينيين قبلهم، بأن هذه الحكومة ليست موضع ثقة فيما يتعلق بالأراضي، ومنح "صلاحية مصادرة" الأراضي قد ينتهي بسلب الأرض وليس بـ "تحسين البنى التحتية" كما يدّعون. لا يمكن تسليم أراض ورثناها عن آبائنا وأجدادنا لحكومة الاحتلال، إذ إنها حكومة لا تكترث لحاجات سكان الجولان السوريين بل العكس، فهي تهدف للسيطرة على أراضينا، وانتزاعها منا بهدف الاستمرار بمشاريع الأسرلة. تاريخ الجولان مليء بالأدلة على عدم ثقتنا بحكومة إسرائيل، مثل أحداث اقتلاع الأشجار والمزروعات سابقًا، ومصادرة الأراضي في مناطق مختلفة.
يعاني الجولان من أزمة بناء سكّاني خانقةأيضًا، يعاني الجولان من أزمة بناء سكّاني خانقة، ولهذه الأزمة وجهان مهمّان: الأول هو تكلفة استصدار ترخيص بناء، إذا تبلغ مئات أضعاف تكلفة استصدارها في المستوطنات، عدا التكاليف المرافقة، وهذا بسبب عدم إتاحة البناء في أراضي سوريي الجولان المحتل بسبب استقصاد إفشال التخطيط والبناء في قرانا، وبسبب سياسة ممنهجة اتبعت مصادرة الأراضي ووضع خارطة هيكلية غير مجدية. الوجه الآخر هو دفع السكان للبناء نحو الأعلى، وبالتالي الحد من توسّع القرى، وجعلها كمجموعة كتل إسمنتية محبطة لا مكان للمبنى القروي فيها، وهذا يجعل من الكثافة السكانية في القرى أمرًا خانقًا، قد يؤدي لفشل البنى التحتية الرديئة أصلًا. هذان الوجهان يهدفان للحد من توسّع القرى العمراني. إن التوربينات المقرر إقامتها تقع على أراضي السوريين، بين القرى، بمخططات تزيد الخناق على التوسع العمراني، لتمنع البناء في المستقبل. بهذا، لم يبق لسكان الجولان إمكانيات للبناء، وسوف تزداد هذه المعاناة كلما تقدمنا في الوقت. ولربما قد نشهد في المستقبل البعيد هجرة الشابات والشبان من قرانا، لتفرغ القرى من أبنائها. أضف إلى ذلك، إن التوربينات مزعجة للأذن والنظر، ومستقبلًا، مع وجودها، سوف يطرأ انخفاض كبير على أسعار العقارات في الجولان. يتعلق وجود السوريين في الجولان المحتل بالأرض. إن تسليم الأرض لجهات ترغب في استعمالها لأهداف ربحية فقط، هو أمر خطير على الحاضر وعلى أجيال المستقبل. إن لم نتأكد من حيازتنا الأرض في الحاضر، فلن نتمكن من توريثها وضمان حيازتها في المستقبل. علينا أن نتحمّل مسؤولية الحفاظ على أرضنا لنضمن وجودنا المستقبلي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون