في 1 مايو المقبل، سيكون الأردن على موعد مع حدث يخشى الدكتور أحمد الشناق أن "يكون علامة فارقة في تاريخ الحياة السياسية الأردنية"، كما قال لرصيف22. "لا نريد أن ندخل في كابوس"، أكّد الأمين العام للحزب الوطني الدستوري الذي يُعدّ أحد الرجال المقرّبين من النظام السياسي الأردني.
ففي هذا اليوم، ستُنظّم جماعة الإخوان المسلمين احتفالاً لمناسبة مرور سبعين عاماً على تأسيسها في الأردن. وفي حين تصرّ السلطات على منع إقامة هذا الاحتفال، تُطالبها الجماعة بتوفير الحماية للاحتفال عوضاً عن تهديدها.وأكدت الجماعة في عشرات التصريحات أنها "لن تتراجع عن الاحتفالية خاصة أنها ليست سياسية". "أخذت الدولة قرارها بحظر الجماعة واعتبارها غير مرخصة ولن توافق على إقامة الفعالية". هذا ما فهمه الإخوان المسلمون في الأردن من المجريات الأخيرة. ولكن، كيف سيكون ردّهم؟
يأتي الجواب على لسان عضو الهيئة العليا للمحكمة التنظيمية في جماعة الإخوان المسلمين، معتصم أبو رمان، الذي قال لرصيف22: "ما تنوي الجماعة القيام به يتفق مع قانون الاجتماعات العامة وستمضي الجماعة به".
وتنصّ المادة الرابعة من قانون الاجتماعات العامة على أن "يقدّم الإشعار بعقد الاجتماع العام أو تنظيم المسيرة لدى الحاكم الإداري قبل الموعد المعلن لإجراء أي منهما بيومين على الأقل".
وترى الجماعة أنّ الرفض الرسمي مرده خشية الدولة من أن تكشف الفعالية فشل الانقلاب الذي قاده المراقب العام الأسبق عبد المجيد الذنيبات على المكتب التنفيذي للجماعة، برغم تنصيب نفسه "مراقباً عاماً جديداً" بدلاً من الدكتور همام سعيد، المراقب الحالي. يقول الشناق: "إذا كان الذنيبات يدير الجماعة بحق ونجح في انقلابه، فعليه أن يطلب من كوادر الجماعة عدم المشاركة في الفعالية، وسنرى من سيستمع إليه"، في إشارة الى أن الذنيبات فشل في إقناع أعضاء الجماعة بحركته التي لم تحظَ إلا بمناصرة الرسميين فقط.
نهج خليجي بأسلوب أردني
وقال المحامي معتصم أبو رمان إن "الأردن لم ينتهج نهج الإمارات ومصر حرفياً لكنّ النتيجة واحدة لأنّ الأردن قرّر أن يتبّع طريقة دولة الإمارات ومصر، ولكن بشيء من التكتيك".
"القانون مظلة الجميع، وعلى الجميع احترامه". هذا ما يقوله أبو رمان مؤكداً حصول الجماعة على الترخيص الرسمي وفق القوانين الأردنية منذ 70 عاماً، ومتمنياً ألا تشهد الساحة المحلية كبتاً للحريات. تحشد الجماعة لفعاليتها بشكل كبير، وتعوّل على جيل الشباب الذي لا يخفي إصراره على تنفيذ الاحتفالية بعد قراءة بيان وزير الداخلية حسين المجالي.وقال أحد شباب الإخوان لرصيف22: "نحن مستعدون لكل شيء على أمل ألا يتم إلغاء الفعالية"، وأضاف: "المسألة لم تعد في إطار الشرعية، لا بل تحوّلت اليوم الى مسألة وجود، وعلينا أن ندرك ذلك جيداً".
وكان المجالي قد قال، في تصريحات للصحافيين، إنه لن يسمح لأيّة جهة أو جماعة بتنظيم أي نشاطات أو فعاليات عامة على الأراضي الأردنية نيابة عن جماعات خارجية تفرض أجندتها على الدولة الأردنية.
لكن الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان، معاذ الخوالدة، لا يعتقد أن تصريحات الدولة موجهة للجماعة برغم أن البيان الذي نشرته الوكالة الرسمية للأنباء تحدث صراحة عن ذلك في الفقرة الثالثة وحسم الأمر. فقد جاء فيه: "وتأتي هذه التصريحات عقب تناقل بعض وسائل الإعلام معلومات حول استعدادات جماعة الإخوان المسلمين لتنظيم احتفالية يوم الجمعة الموافق للأول من الشهر المقبل بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيسها بناء على الدعوات الموجهة منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها".ولا يشعر الخوالدة بالقلق على الرغم من وصول الكثير من الرسائل التحذيرية لجماعته. وقال لرصيف22: "نهجنا لن يختلف، ولست قلقاً من مرور يوم الجمعة هادئاً كعادته"، مضيفاً أن "الدولة تعاملت على مدار السنوات الماضية مع الجماعة برشد، وهو ما جنّب البلاد الكثير من الأزمات".
عقلاء ولكن
وتحدّث الخوالدة عن خطر إفراغ الساحة المحلية من الفكر السياسي المعتدل لمصلحة الفكر المتطرف، خاصة أن الوضع الإقليمي ملتهب. وقال إن "هناك عقلاء كثراً في الدولة الأردنية، والجماعة لديها القدرة على ضبط عناصرها، وندرك جيداً خطورة الظرف المحلي والإقليمي"، معتبراً أن "جهات رسمية تسعى لإضعاف الجماعة وتحاول استثمار الواقع في الردة على الإصلاح".
وتحدث أحد القيادات اليسارية لرصيف22 عن توجه رسمي إلى حظر الجماعة بشيء من القلق، وقال: "إذا نجحت الحكومة في عزل جماعة الإخوان المسلمين، فالدور علينا". لكن وزير التنمية السياسية د. خالد كلالدة أكّد لرصيف22 أن "من يقول إن الحكومة تعتبر جماعة همام سعيد غير شرعية، عليه أن يتذكر أن للجماعة حزباً مرخصاً ومعترفاً به، وهو حزب جبهة العمل الإسلامي".ويرى نائب الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني فرج طميزي أن افتعال أزمة مع الإخوان ليس قراراً سليماً. وأكد "أن على الدولة ألا تتدخل في الخلاف الداخلي بين الإخوان، والاستمرار في هذا النهج سيوصلنا إلى واقع سيء".
احتقان في الشارع
ورجّح طميزي السيناريو التالي للخلاص من أزمة الأول من مايو: "ستقوم الدولة بإجراءات تنظيمية عشية يوم الجمعة لمنع الناس من الوصول إلى مقر الفعالية". ولكن إن فعلت ذلك، "فسيتبع ذلك احتقان في الشارع، ولا نعلم بعده إلى أين ستسير البلاد".
كذلك ذكّر المرجع القانوني والفقيه الدستوري الأردني د. محمد الحموري، في حديث لرصيف22، بأن "الدستور الأردني نصّ على حق الأردنيين في الاجتماع العام، والقانون ينصّ على إخبار الجهات الإدارية والأمنية بعقد الاجتماع من أجل توفير حماية للتجمع وضبطه، وحتى لا تحدث أضرار أو شغب، وهذا هو دور السلطة العامة". وأضاف الحموري: "تستطيع الجهات الرسمية أن ترتب مع الجهات الداعية للاجتماع الزمان والمكان.ولكن، من ناحية أخرى، لا تملك حق الرفض المطلق للاجتماع العام. وبغير ذلك، فإنها تكون قد صادرت حقاً نصّ عليه الدستور". الا أنّ الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، زياد الزعبي، جدّد تأكيد وزارته بعدم السماح لأي جهة أو جماعة بتنظيم أي نشاطات عامة على الأراضي الأردنية من دون الموافقة.
وقال في اتصال هاتفي مع رصيف22: "هناك قوانين تضبط عمل التجمعات العامة والمهرجانات، وأولها الترخيص القانوني للجهة المنظمة للمهرجانات"، مؤكداً أنه لم تتقدم أية جهة حتى كتابة هذا التقرير بطلب إلى الوزارة أو الجهات المختصة لإقامة احتفاليات أو فعاليات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...