شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
النساء في الأغنيات والمسلسلات العربيّة: تكريس لقمعهنَ المتواصل

النساء في الأغنيات والمسلسلات العربيّة: تكريس لقمعهنَ المتواصل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 25 فبراير 201909:45 ص
قبل شهور عدة، نشرتُ في رصيف 22 مقالًا عن العنصريّة في أمثالنا الشعبيّة، بعد النشر وبعد ردود الأفعال المختلفة وددت لو استطعت أن أتبع المقال بسلسلة من المقالات الأخرى التي تحكي عن العنصريّة والطائفيّة والتحيّز ضد النساء في حياتنا اليوميّة، لكن الوقت مضى سريعًا ولم يتسنَّ لي إنهاء ما بدأت به. في تلك المقالة، كتبت "مثل كلّ شيء في بلادنا، النساء هم الحلقة الأضعف، وهم في المرتبة الدنيا من مراتب المجتمع. ليس هنالك أضعف منهن سوى المثليين والمتحولين جنسيًا. لذلك ترى الأمثال والمقولات التي تحط من المرأة وتقلل من قدرها أكثر من أن تعد". وما زلت مُصرًا على ما كتبته آنذاك وليس علينا سوى العودة إلى الأفلام والمسلسلات العربيّة والأمثال الشعبيّة والأغنيات العربيّة لنتأكد من ذلك. في جولة سريعة على الأغنيات العربيّة القديمة والجديدة نرى كيف يتم تنميط المرأة وتوصيفها بشكل سلبي في الكثير من كلمات هذه الأغنيات، ولست أتحدث هنا عن أغنيات هابطة مثل الأغنية الشهيرة "جمهوريّة قلبي" لمحمد إسكندر الذي يقول: "نحنا ما عندنا بنات تتوظف بشهادتها، عندنا البنت بتدلل وكلّ شي بيجي لخدمتها". هذه أغنيات هابطة لكن المصيبة أنّ أكثر من اثنين وأربعين مليون مشاهدة تمت لهذه الأغنيّة على موقع يوتيوب فقط. هذا يوضح بشكل فاضح قدرة هذه الأغنية على الوصول إلى ملايين الأشخاص، وقدرة تأثيرها في آراء عشرات الآلاف، هذا إن لم تكن تعبر عن أفكارهم بالأصل. على كلّ حال لست أحكي عن هذه الأغنيات فقط، بل عن أغنيات قدمها نجوم كبار لهم جمهورهم الكبير، بغض النظر عن مستوى هذه الأغنيات ومدى تقييمها موسيقيًا وشعريًا، فالناس أذواق. مثلًا يغني تامر حسني في أغنية حصدت حتى وقت كتابة هذا المقال أكثر من ثمانية وثلاثين مليون مشاهدة واسمها "يا أنا يا مفيش": "أنا ممكن أقلب مجنون لو شفتك مع غيري.. يا ويلك مش هبقى تمام". وهكذا تمر أغنيات مثل أغنيات "سي السيد" وغيرها الكثير وتحصد ملايين المشاهدات وتُسمع في القنوات الفضائيّة وفي الإذاعات المختلفة. يمكن البحث في أغنيات البوب العربيّة منذ مطلع الألفية حتى يومنا هذا واكتشاف الكم الهائل من العنف اللفظي الموجه نحو النساء من خلال هذه الكلمات المغناة. هذا من دون أن نحكي عن الفيديو كليب المرافق للأغنية، وأقصد معظم الأغنيات العربيّة، وكأن هدف الفيديوكليبات إظهار جسد المرأة وإبرازه كشهوة جنسيّة فقط. في هذه الفيديوهات تظهر المرأة كسلعة مهمتها إمتاع الرجال وتلبية رغباتهم وإثارة غرائزهم. لا يقتصر هذا على أغنيات أصحابها رجال، بل نرى إنّ للمرأة كذلك دوراً في ذلك وما هذا الذي نراه على شاشات القنوات الفضائية إلا خير مثال على ذلك. 
يمكن البحث في أغنيات البوب العربيّة منذ مطلع الألفية حتى يومنا هذا واكتشاف الكم الهائل من العنف اللفظي الموجه نحو النساء من خلال هذه الكلمات المغناة.
هذا من دون أن نحكي عن الفيديو كليب المرافق للأغنية، وأقصد معظم الأغنيات العربيّة، وكأن هدف الفيديوكليبات إظهار جسد المرأة وإبرازه كشهوة جنسيّة فقط. في هذه الفيديوهات تظهر المرأة كسلعة مهمتها إمتاع الرجال وتلبية رغباتهم وإثارة غرائزهم.
ونرى في معظم المسلسلات العربيّة أنّ للمرأة أدواراً محددة منحصرة برعاية الأطفال والبيت، لا حقوق لها ولا واجبات. المرأة في مثل هذه الترهات التي تُسمى مجازًا أعمالًا فنيّة، هي الطرف الضعيف دائمًا، الطرف الذي لا يهمه سوى القيل والقال والنميمة وتلبية حاجات الرجال.
ونرى في معظم المسلسلات العربيّة أنّ للمرأة أدواراً محددة منحصرة برعاية الأطفال والبيت وتلبية رغبات الرجل، رجلها، لا حقوق لها ولا واجبات. المسلسل العربي الأكثر شهرة "باب الحارة" هو خير دليل على ما أقول. المرأة في مثل هذه الترهات التي تُسمى مجازًا أعمالًا فنيّة، هي الطرف الضعيف دائمًا، الطرف الذي لا يهمه سوى القيل والقال والنميمة وتلبية حاجات الرجال. باب الحارة ليس مثالًا منفردًا ومسلسلات البيئة الشاميّة ليست وحيدة خارج السرب، بل نرى في مسلسلات تاريخيّة ومسلسلات اجتماعيّة معاصرة ما يظهر المرأة بمرتبة أدنى من الرجل، فلا هي قادرة على العمل ولا على اتخاذ القرارات ولا على مجاراة الرجل في الحياة، وما هي إلّا مربيّة أطفال وخادمة منزليّة وأداة جنسيّة يستعملها الرجل حسب حاجته ورغبته، وفوق كلّ هذا، لا يحق لها الكلام والاعتراض على شيء، وإلّا نعتت بأسوأ الصفات وأبشعها. هذه المسلسلات والأغنيات والثقافة العربيّة السائدة بشكل عام هي من ناحية انعكاس لواقع مزرٍ للمرأة في بلادنا، بلاد فيها التحرش أمر اعتيادي وجرائم الشرف مناسبة لغسل العار والمرأة المهانة في كلّ مجالات الحياة هي أمر طبيعي في الحياة اليوميّة، ومن ناحية أخرى هي تكريس لهذه المفاهيم وتلقينها لأجيال جديدة تنمو وتكبر على حبّ الديكتاتوريات والطاعة العمياء للأقوى، وهو في كلّ الحالات رجل، في البيت وفي العمل وفي الحكومة وفي الدين. أكاد أقول إنّ حال بلادنا لن يستقيم إن لم تستقم حال المرأة فيه.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard