وصلت صورة حكيم العريبي، لاعب الكرة البحريني، عبر تطبيق الواتساب إلى هاتفي في الساعة الثالثة صباحًا بتوقيت باريس، حيث أعيش، فيما يمثل هو أمام القضاء التايلاندي في الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت تايلاند. كنت أوشكت أن أغط في نوم عميق، فقد كنت أعمل وأكتب حتى هذا الوقت المتأخر، إلا أن صورة حكيم وصلتني لتشوّش كل الأمان الذي أعيش فيه، وتطرد النوم وتجتاح أفكاري ومخيلتي. الصورة لشابٍ في الخامسة والعشرين من عمره، امتهن الرياضة، وبالتحديد كرة القدم منذ كان يافعًا، إلى أن أصبح يمثّل منتخب بلاده في المحافل الدولية والبطولات العالمية. اتُهِم العريبي كما كثيرين آخرين من البحرينيين المعارضين من مختلف الأعمار، بحيازة مواد حارقة وقيامه مع آخرين بهجوم وحرق متعمد والتسبب في إلحاق أضرار بالممتلكات في العام 2012، واعتقل وتعرض للتعذيب، كما يدعي، ثم تم الإفراج عنه بكفالة، بعد أن قدّم محاميه دليلًا على أنه كان مشاركًا في مباراة لكرة القدم بثّها تلفزيون البحرين مباشرة في الوقت الذي تقول رواية النيابة العامة إنه كان يهم بالهجوم والحرق والتخريب. استطاع العريبي السفر إلى أستراليا وطلب اللجوء هناك، فيما أصدرت المحاكم البحرينية حكمًا عليه بالسجن عشر سنوات. حكيم الذي حصل على حق اللجوء في أستراليا، تزوّج قبل عدة أشهر، وقرر قضاء شهر العسل في تايلاند، ولكن منذ وصوله إلى تايلاند في السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر وهو معتقل لدى السلطات التايلاندية بطلب تقدّمت به الحكومة البحرينية إلى الشرطة الدولية (الإنتربول) لاعتقاله وتسليمه. يدعي العريبي أنه خلال اعتقاله تعرّض للتعذيب وسوء المعاملة، وسحبت اعترافاته تحت التعذيب، وهي ادعاءات كثيرة تحاصر أجهزة الأمن البحرينية منذ سنوات طويلة، خاصة منذ العام 2011. الخارجية البحرينية في بيان لها أكدّت على نزاهة القضاء البحريني وأن على حكيم العودة إلى البحرين لتطبيق القانون واستئناف الحكم الصادر ضده وكذلك الدفاع عن نفسه أمام القضاء. الصورة التي تم تداولها على نطاق واسع لإنسان، هو في الحقيقة لاعب كرة قدم، مكبّل الرجلين بسلاسل، يحيط به ما يفوق العشرة من رجال الأمن التايلانديين، يسير بملابس المحتجزين وهو حافي القدمين نحو قاعة المحكمة التي قررت تمديد حبسه 60 يومًا أخرى. الدولة التي لاحقت العريبي لترجعه إلى وطنه مكبلًا، رغم أن محاميه قدّم دليلًا على براءته بالدليل الدامغ، هي نفسها الدولة التي عرضته للتعذيب والاعتقال حتى قرر أنه لا يريد العيش هناك، وقرر استكمال حياته في مكان آخر، بعيد جدًا، لا يشبع بلده إلّا في شمس الصيف الحارقة. العريبي الذي قرر أن يبني مستقبله برجليه اللتين قادتاه للتعاقد مع نادي "باسكوي فال" الأسترالي، قررت تايلاند أن تكبله في رجليه لتقوده للمحاكمة في صورة مهينة خالية من الإنسانية والرأفة والرحمة. العريبي الذي تغيّرت ملامحه بعد أكثر من شهرين في مركز الاحتجاز التايلاندي صرخ بالصحافيين الذين يقفون على طرفي الطريق الذي سلكه مصحوبًا بالشرطة لداخل المحكمة: ”أرجوكم لا أريد العودة للبحرين“ وكررها عدة مرات بإنجليزيته المكسرة. فعلُ التكبيل من الرجلين رغم أن دلالته الأولى التي تكمن في عدم تمكن المحبوس من الهرب، لقصر السلسلة الحديدية، إلا أنه دائمًا ما يذكرنا بزمن العبيد، بزمن أسرى وسبايا المعارك والحروب، وهو أمر لم ينتهِ من الوجود، فلم تزل سلطات أمنية كثيرة حول العالم تستخدم هذا الأسلوب مع المجرمين الخطيرين الذين يجب حماية المجتمع منهم.
اتُهِم العريبي كما كثيرين آخرين من البحرينيين المعارضين من مختلف الأعمار، بحيازة مواد حارقة وقيامه مع آخرين بهجوم وحرق متعمد والتسبب في إلحاق أضرار بالممتلكات في العام 2012، واعتقل وتعرض للتعذيب، كما يدعي، ثم تم الإفراج عنه بكفالة.
حكيم الذي حصل على حق اللجوء في أستراليا، قرر قضاء شهر العسل في تايلاند، ولكن منذ وصوله وهو معتقل لدى السلطات التايلاندية بطلب تقدّمت به الحكومة البحرينية إلى الشرطة الدولية (الإنتربول) لاعتقاله وتسليمه.
العريبي الذي تغيّرت ملامحه بعد أكثر من شهرين في مركز الاحتجاز التايلاندي صرخ بالصحافيين الذين يقفون على طرفي الطريق الذي سلكه مصحوبًا بالشرطة لداخل المحكمة: ”أرجوكم لا أريد العودة للبحرين“.الكثيرون غادروا البلاد لأسباب عديدة أهمها عدم الإحساس بالأمان والاستهداف الانتقامي، والكثيرون استضافتهم دول هي في الحقيقة حليفة للبحرين سياسيًا وأمنيًا، إلا إنها تعترف على أراضيها بالقانون وبحقوق الإنسان. لذا يحق لهؤلاء أن يعيشوا بأمان، العريبي أحد هؤلاء الذي يلفه الخوف اليوم من أن يضيع مستقبله في زنزانة يتشاركها معزملاء الاعتقال لسنوات عشر قادمة بدلًا من أن يحقق البطولات ويحرز الكؤوس. العريبي الذي كان متطلعًا لقضاء شهر عسل مع زوجته، أصبح اليوم معلقًا بين الأرض والسماء، بين العودة إلى أستراليا البلد التي منحته حق اللجوء وناديه الرياضي الذي طالب في رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء التايلاندي بحماية لاعبه "باعتباره لاجئًا معترفًا به في أستراليا، حيث لا ينبغي له أن يجبر على العودة إلى البحرين، وهو البلد الذيفرّ من الاضطهاد فيه، ويخشى من العودة إليه“. وبين العودة إلى البحرين حيث سيودع السجن مباشرة لتنفيذ الحكم الصادر بحقه بالسجن عشر سنوات ولا يمكن التكهن بما قد يتعرض له، وهناك احتمال أن يبقى حبيس السجن خلال العشر سنوات القادمة، إلا إذا تم اتهامه بالهروب من البحرين أو أي تهم أخرى قد تزيد أحكامه ومدة حبسه الطويلة. العريبي الذي قضّت صورته مضجعي بل مضجع الكثيرين من مناصري الحرية، عاد إلى زنزانته في العاصمة التايلاندية، بانكوك، حتى ينظر القاضي في أمر تسليمه إلى البحرين، المحكوم عليه فيها غيابيًا بالسجن عشر سنوات في نيسان/ أبريل المقبل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين