شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
السّؤال الأهمّ وأنا على مشارف الزّواج: لماذا تتزوّجين؟  

السّؤال الأهمّ وأنا على مشارف الزّواج: لماذا تتزوّجين؟  

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 26 نوفمبر 201802:38 م

يقولون إن الحبّ يصنع المعجزات ويجبرنا على تصديقها، وهذا حقيقي إلى حدٍ ما لأن القصص التي تقتحم حياتنا وتثير لدينا كماً هائلاً من الاستغراب والاستهجان لا تُصدق لواقعيتها. لكن في مقابل المعجزات تلك هناك حكايا عن الحبّ الذي تبدّل وتحولّ كُرهاً أو تعوداً فاتراً، الحبّ الذي لا لون له ولا رائحة.. هل يتحوّل أسمى شعور في الكون إلى كره مقيت فعلاً؟ لا اعتقد لأن هناك أشياء كثيرة تشبه الحبّ، لكنها ليست هو!

أسئلة فظيعة تُطرح يومياً في صبحيات نسوان الحيّ، وحتّى لا نظلمهن كثيراً، مثل هذه التساؤلات تُطرح في أيّ مكان. كيف تزوج هذا الجميل من تلك "البشعة"؟  هذه المثقفة من ذاك "الجاهل"؟ ما السبب الذي يجعل الأنثى تنسى مواصفات فارس أحلامها وترضى بأحلام بِلا فارس؟ وكيف لها أن تتحمل صراخ زوجها وطلباته التي لا تنتهي يومياً؟ ما الذي يجبرها؟ كيف يستطيع أن يبقى أي إنسان في مكان لا يشعر بالاحترام فيه؟ لماذا تزوجته؟ لماذا نتزوج؟ الأمر ينطبق على الرجال أيضاً، ليست  جميع النساء مظلومات، لكنّ غالبية الفتيات يكون الزواج أول اهتماماتهن، تحلم الفتاة بالدائرة الذهبية التي ستكوّر يديها، بفستان عرسها الأبيض، ببيت جديد، وحياة مستقرة، وتقدّم سيلاً من التنازلات فداءً لتحقيق الحلم الأبيض، وتتغاضى عن جملة من السيئات باسم "الحبّ"، لكن كيف يتحوّل كل ذلك إلى جحيم؟

"إذا أردت تغيير العالم فافعل ذلك قبل الزواج" هذه نصيحة تقدّم لي "ببلاش" من بين آلاف النصائح التي أسمعها يومياً وأنا أحضّر حفل زواجي القريب. "لا تتزوجي اسمعي مني" وبناءً على ما اسمعه منها أرى أنها على حق تماماً، ما كل هذه المعاناة والصراعات والحروب التي سأُقبل عليها؟  المؤسسة تحتاج بطبيعتها إلى مدير فذّ كي تنجح، وموظفين يحبون عملهم ويخلصون له، تواجه أرباحاً وخسارات، وخلال سنين عملها تهتز عدة مرات لكنها تصمد أو تنهار بحسب عوامل نعرفها جميعاً. مؤسسة الزواج شبيهة بالمؤسسات التي نعمل بها، لكن ليس كثيراً. ما على الفتاة المقبلة على الزواج إلا أن تستمع لروايات من خاضوا غور المجهول قبلها، لأن "المجرّب" أفضل من "الحكيم"، لكن جلّ التجارب فاشلة ولم تُكمل الطريق، وحكايات الزواج المستمرة تحمل بأغلبيتها مشروع طلاق مؤجلاً، ما يجعلنا نعدّ ألف مرة قبل أن نقول "نعم، قبلت".

الكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق خط في كتابه "يوتوبيا" جملاً حفرت تساؤلات في أذهاننا جميعاً، إذ قال أن "الناس يجب ألا تتزوج إلا لكي تأتي للعالم بمن هو أفضل... طفل أجمل منك، أغنى منك، أقوى منك. ما جدوى أن يتزوّج الشّقاء من التّعاسة؟ الهباب من الطّين؟ ما الجديد الّذي سنقدّمه للعالم سوى المزيد من البؤس؟ ". تحمل هذه النظرة الفلسفية للزواج الكثير من الاعتبارات السلبية، وكذا يحملنا الواقع الذي نراه كل يوم على النظر الى الفكرة كخطوة خطيرة نحو "مسؤوليات" كبرى، نسميها بعد الزواج "هموماً".

دوافع الشباب للإقبال على الزواج تختلف، الزواج بسبب الخوف من العنوسة (لم تقنع قواميس العالم كلها خالتي أن كلمة عانس تستخدم للشاب وليس للفتاة) موجود. الزواج لإنجاب الأطفال فقط سبب حقيقي ونراه كل يوم. والزواج الذي يؤمن مصروفاً مريحاً وحياة كريمة متعارف عليه ويكثر في أيامنا هذه. والزواج لأجل الزواج، لأنني يجب أن ارتبط، لأن هذا طبيعي، لكن كيف ولماذا فهذا غير مهم. حتى الارتباط بدافع الحب الذي نصحونا به في الكتب والروايات وقصائد العشاق، ينهار أحياناً، لماذا نتزوج إذن؟

أسئلة فظيعة تُطرح يومياً في صبحيات نسوان الحيّ، وحتّى لا نظلمهن كثيراً، مثل هذه التساؤلات تُطرح في أيّ مكان. كيف تزوج هذا الجميل من تلك "البشعة"؟  هذه المثقفة من ذاك "الجاهل"؟
"لا تتزوجي اسمعي مني" وبناءً على ما اسمعه منها أرى أنها على حق تماماً، ما كل هذه المعاناة والصراعات والحروب التي سأُقبل عليها؟
علينا أن نفكر لماذا نريد أن نتزوج، وماذا نريد من الزواج، لا أن نُقبل على هذه الشراكة ونحن مفلسون من الداخل ولا شيء نعطيه سوى أننا نحن. الارتباط فنٌ، والزواج سحر قد يأتيك على هيئة إنسان يرتّب لك السعادة، أو يهديك التعاسة بكل أشكالها.
حتى الارتباط بدافع الحب الذي نصحونا به في الكتب والروايات وقصائد العشاق، ينهار أحياناً، لماذا نتزوج إذن؟

في لبنان أثارت نسبة الطلاق التي بلغت مؤخراً أكثر من 8000 حالة في العام 2018 أيّ بمعدل 24 حالة يومياً، ضجة إعلامية كبيرة رافقها صخب وسائل التواصل بالأعداد الكبيرة والمستهجنة. كثيرون رأوا أن التسرّع في اتخاذ القرار هو السبب الرئيسي المؤدي للانفصال، فيما حسم آخرون أن السبب يعود لاختيار الفتاة الذي بات لا يولي الدين والخلق سلّم الأولويات، لكن حتى الدين والأخلاق لهما معايير تختلف بين بيئة وأخرى.

علينا أن نفكر لماذا نريد أن نتزوج، وماذا نريد من الزواج، لا أن نُقبل على هذه الشراكة ونحن مفلسون من الداخل ولا شيء نعطيه سوى أننا نحن. الارتباط فنٌ، والزواج سحر قد يأتيك على هيئة إنسان يرتّب لك السعادة، أو يهديك التعاسة بكل أشكالها، لكنّ المعيار الذي يحتاج إلى بلورة جديدة هو التفاهم، والاتفاق، والانسجام، ومعناها واحد! لا تتزوجي إلا من يكون صديقاً تستطعين أن تقولي له لا أرغب في رؤيتك اليوم، فيطفىء النور ويبقى بجانبكِ. لا تتزوجي أي عابر سبيل ألقى لكِ فتات الحب على شرفة الكلمات، جميعنا ماهرون في قول ما لا نفعله، خذي وقتكِ في دراسة كل تفصيل، السر يكمن في التفاصيل الصغيرة.

ما سبق ليس كلمات شعرية أو اصطفاف تعابير ومفردات. أنا اليوم أشارك تجربتي معكن، نعم فشلت في الحب مرات، ونجحت في التقاط الحب الحقيقي مرة، خفت من فقدان حريتي، لكني وجدت الحرية في أن اختار ما أريد، يوم قررت وضع المحبس في يدي وضعته لأنني أريد ذلك لا لأن العمر قد سبقني، وضعته لأني أحببت من كل عقلي ثم سايرتُ قلبي ليلين معي، ففعل. نعم سأتزوج لأني اقتنعت بكامل عقلي وجوارحي أن المؤسسة التي اختارها بحريتي ووعيي، واجتهد ثم أعطيها كلّ طاقتي وحبي سأكون فيها الملكة، وربما المديرة!

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard