بدءاً من الجمعة 9 نوفمبر الجاري، يدخل حيّزَ التنفيذ قرارُ وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السعودية، بتوطين 12 قطاعًا، والمقصود به: منعُ غيرِ السعوديين من العمل بهذه القطاعات وتخصيصها بالكامل للسعوديين، وهي: الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ومحلات الساعات، ومحلات النظارات. على أن تلحقها بعد شهرين محلاتُ الأجهزة والمعدات الطبية، ومحلاتُ مواد الإعمار والبناء، ومحلاتُ قطع غيار السيارات، ومحلات السجاد بكافة أنواعه، ومحلات الحلويات، بهدف تمكين السعوديين من العمل فيها ورفع معدلات مشاركتِهم في القطاع الخاص، وحل مشكلة البطالة التي وصلت لمستوى 12.9% حسب ما تقول السلطاتُ السعودية. وكانت وزارةُ العمل أقرت، أكتوبرَ الماضي، توطينَ منافذ البيع في محلات السيارات والدراجات النارية، ومحلاتِ الملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، ومحلاتِ الأواني المنزلية. يأتي ذلك، وسطَ حملة صارمة لملاحقة مخالفي العمل والإقامة من الوافدين. الأسبوع الماضي، أعلنت الداخليةُ السعودية أن حملتها الثالثةَ على مخالفي الأنظمة أسفرت عن القبض على مليونين و16 ألفَ مخالفٍ، خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، منهم 1.6 مليون مخالفٍ لنظام الإقامة، و312 ألفَ مخالفٍ لنظام العمل، و146 ألفَ مخالفٍ لنظام أمن الحدود. وتستهدف حملة "وطنٌ بلا مخالف" بحسب بيان الداخلية "كلَّ وافدٍ ليس لديه وثيقة إقامة تثبتُ هويته، وكلُّ وافد لديه وثيقة إقامة وخالف نظامَ الإقامة والعمل، وكلُّ وافد دخل المملكةَ بتأشيرة حجٍّ أو عمرة أو زيارة أو عبور ولم يبادر بالمغادرة بعد نهاية صلاحيتِها، إضافة لكل وافدٍ خالف التعليماتِ بالحج دون تصريح". في الإطار ذاته، كشف تقريرُ شركة جدوى للاستثمار مغادرةَ 1.1 مليون عاملٍ السعوديةَ خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، موضحة أن الحصةَ الأكبر من المغادرين هم من فئة العمال الذين يقلُّ متوسطُ دخلهم الشهري عن 400 دولارٍ، في المقابل توقع التقرير زيادةَ حالات الخروج النهائي، خاصة مع بدء سريان مضاعفة رسوم المرافقين من 100 ريالٍ إلى 200 ريالٍ للمرافق الواحد في الشهر، ما يزيد التكلفةَ التي يتحملها الأجانب في سوق العمل المحلية. وبحسب خبراء اقتصاديين تحدثوا لرصيف 22: "جهودُ وزارة العمل السعودية لتحسين مستوى توطين الوظائف ماتزال غيرَ ناجحةٍ، لأنها تركز على قاعدة هرم الوظائف بدل القمة".
رواتب متدنية
لا تزيد رواتبُ الوظائف المستهدفة من التوطين، عن 1100 دولارٍ شهرياً، بحسب تيسير المفرج المتحدثِ الرسمي للهيئة العامة للإحصاء الذي يقول إن متوسطَ الأجر الشهري للمشتغلين السعوديين الذين يتقاضون أجراً مقابل أعمالهم في القطاع الخاص بلغ نحو 1900 دولارٍ للذكور، و 1260 دولاراً للإناث. يتفق حديث المفرج مع تقرير مؤسسة التأمينات الاجتماعية لإحصائية الربع الأول من العام 2018، الذي يكشف أن عددَ السعوديين الذين يتقاضون مرتباتٍ شهريةً لاتتجاوز 800 دولارٍ في سوق العمل بلغ 806742 عاملاً وعاملة، فيما يصل مجموعُ عدد السعوديين في القطاع الخاص إلى 1.762 مليون موظف، ما يعني أن 46٪ منهم لا تصل رواتبُهم الشهرية إلى ألف دولار. "السبب هو التركيزُ على الوظائف الدنيا". هكذا يعلل حمد المنيفي، تراجعَ نسبة الدخل، وارتفاع نسبة البطالة، مؤكداً أنه كي تحلَّ وزرارة العمل هذه المشكلة عليها أن تلغيَ برنامجَ نطاقات الذي يعتمد على عدد السعوديين العاملين في المنشأة بغض النظر عن نوعية وظائفهم ودخلهم، ويقول لرصيف22 : "معظمُ من يتوظفون حالياً هم برواتب متدنية، سواء بائعون في المحلات، أو رجال أمن، والسبب هو أن المنشأة مرتبطةٌ بعدد معين من السعوديين عليها أن توظفهم للحصول على المزيد من تأشيرات العمل". يضيف: "نلاحظ أنه كلَّ عام، يتراجع متوسطُ رواتب السعوديين العاملين في القطاع الخاص، والسبب أن صاحبَ العمل يريد سعودياً بالاسم فقط، ويدفع له الحدَّ الأدنى من الأجر، لأنه يريد أن يحققَ مستلزماتِ الاستقدام فقط، ولهذا نجده يدفع 800 دولارٍ لسعودي كرجل أمن، ويستقدم وافداً براتب 3000 دولار".حالات فصل
تحاول وزارة العمل، سدَّ الفجوة الواسعة بين عدد العاطلين عن العمل، وبين الوظائف المتاحة. يعتقد الخبير في التوظيف ماجد العمري أن غالبيتها غير ملائم، وأصحابها رواتبهم متدنية للغاية، ويقول لرصيف 22 :"ما زالت لا أعرف ما هدف وزرارة العمل من توطين الوظائف الدنيا، وترك الوظائف ذات الرواتب الكبيرة لغير السعوديين، مثل هذه الوظائف لا تساهم في حل أزمة البطالة، لأنها تعتبر وظائفَ مؤقتة". يضيف :"لا يمكن أن تساهمَ وظائفُ لا تتجاوز رواتبها 1100 دولارٍ بتوطين السعوديين، لأنه لايمكن للموظف أن يتزوج ويستقر بهذا الراتب الذي لا يكفي الاحتياجاتِ الأساسية للعازب، فما بالك بربّ الأسرة". تواجه وزارة العمل معضلةٌ أخرى، فما توفره من وظائف يتم على حساب موظفين يتم فصلهم بالجُملة في عمليات فصلٍ واسعة النطاق، فالأسبوع الماضي، فصلت شركةٌ في جدة 250 موظفاً دفعةً واحدة، ودون مبرر بالاستناد على المادة 77 من قانون العمل الجديد الذي يتيح للشركة فصلَ الموظف السعودي بلا سبب. نقلت صحيفةُ عكاظ السعودية التي تصدر من جدة على لسان عددٍ من الموظفين المفصولين أن: "الشركةَ استغلتهم في العمل في مشروعٍ أوشكت على الانتهاء منه، وألزمتهم بتوقيع ملحقٍ لعقودهم السابقة تجيز للشركة إنهاء خدماتهم دون تعويضات أو إنذار في حال انتهاء المشروع، وهو ما تم اليومَ التالي، حتى من رفضوا التوقيع صدرت بحقهم قراراتُ إنهاء خدماتهم دون فترة إنذار، ما يخالف المادةَ 77 لنظام العمل والعمال".بدءاً من الجمعة 9 نوفمبر الجاري، يدخل حيّزَ التنفيذ قرارُ وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السعودية، بتوطين 12 قطاعاً، والمقصود به: منعُ غيرِ السعوديين من العمل بهذه القطاعات وتخصيصها بالكامل للسعوديين.
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السعودية تصدر قراراً بتوطين 12 قطاعًا، بهدف تمكين السعوديين من العمل فيها ورفع معدلات مشاركتِهم في القطاع الخاص، وحل مشكلة البطالة.. والخبراء: جهودٌ غيرُ ناجحة
غادر 1.1 مليون عاملٍ السعودية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، ويتوقع زيادة حالات الخروج النهائي مع بدء سريان مضاعفة رسوم المرافقين من 100 ريالٍ إلى 200 ريالٍ، ما يزيد التكلفةَ التي يتحملها الأجانب في سوق العمل المحلية.
خطط قاصرة
منذ أكثرَ من خمس سنواتٍ، تبحث وزارة العمل السعودية حلولاً لمشكلة البطالة التي ارتفعت من 11.2% إلى مستوى قياسي بلغ 12.9%، يوليو الماضي. وأظهرت بياناتٌ نشرتها الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أن معدل البطالة بين المواطنين السعوديين ارتفع إلى مستوىً قياسي. وأظهرت الأرقامُ التي سارت عكسَ جهود وزارة العمل، المصاعبَ التي تواجهها الوازرة في توفير الوظائف في ظل الصعوبات التي يواجها القطاع الخاص في تحريك عجلة الاقتصاد، خاصة في ظلّ تقليصِ وزارةِ الخدمة المدنية أعدادَ الوظائف الحكومية. خلال الأشهرِ التسعة الماضية، أطلقت وزارة العمل 68 مبادرةً تهدف إلى تحفيز القطاع الخاص لزيادة التوطين، لكن هذه المبادراتِ لم تسهم في تقليص نسبة البطالة. هذا الضعفُ في النتائج دفع مجلسَ الشورى السعودي للمطالبة بمراجعة سياساتِ صندوق الموارد البشرية، لدعم توطين القوى العاملة، وضبط عملية التعاقدات مع غير السعوديين في حدود الحاجة الفعلية. الصورة ليست قاتمةً دائماً، هناك جهاتٌ تعمل بشكل جديٍّ في توطين الوظائف، معظمها تتبع وزارة حكومية أو مؤسسات تتبع الدولة، الأسبوع الماضي كشف ياسر المعيوف مساعد رئيس هيئة الطيران المدني لمعايير الطيران في جدة عن "سعودة" قطاع المراقبة الجوية 100٪، رغم الزيادة في حركة مطارات وأجواء المملكة عاماً بعد عام. أيضا أعلنت وزارةُ العدل فتحَ المجال أمام توظيف النساء للمرة الأولى، بعد قرار وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني توفيرَ الوظائف النسائية بمسميات باحثةٍ اجتماعية وباحثةٍ شرعية وباحثة قانونية ومساعدةٍ إدارية ومطورةِ برامج أولى. وتستهدف الخطة توظيفَ 300 سعوديةٍ ضمن الدفعة الأولى من الموظفات، غير أن القطاع الخاص مازال لا يؤدي الدور المطلوب منه. في المقابل، القطاع الخاص لا يواكب هذه النَّقلة، الشهر الماضي أعلنت هيئة الاتصالات إيقافَ إحدى أكبر شركات الاتصالات في البلاد، بسبب عدم وفاء الشركة بالتزاماتها التنظيمية بشأن نسبة سعودة الصف التنفيذي الأول التابع لرئيس الشركة، وهو ما يعد جزءاً من متطلبات الترخيص الصادر لها. هذا الأمر دفع المغردين في تويتر لنشر وسم باسم #الوظايف_القياديه_نحن_لها، لاقى تفاعلاً كبيرًا، وفيه أكد المغردون أن الصورةَ لن تُصحح مالم تشرع وزارة العمل بتوطين الوظائف الكبيرة، لا التركيز على الوظائف البسيطة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...