شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل عاودت موريتانيا التطبيع مع إسرائيل؟

هل عاودت موريتانيا التطبيع مع إسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 9 يونيو 201601:43 ص

في العام 2009، وكردّ فعل على العدوان الإسرائيلي على غزة، قررت موريتانيا تجميدعلاقتها بإسرائيل، فأغلقت السفارة الإسرائلية أبوابها في نواكشوط. الأسباب المعلنة لهذا الموقف دارت كلها في فلك تحقيق مطالب الشعب الموريتاني، الذي مارس ضغوطات عدة على حكومته، في وقف العلاقات بين الدولتين.

اليوم، يبدو أن موريتانيا تعيد فتح أحضانها لإسرائيل، متخذة خطوات ترميمية عدة التقطها الرأي العام الموريتاني كإشارات على رغبة السلطات الموريتانية في عودة المياه إلى مجاريها بين الدولتين. إنها التقلبات السياسية في خدمة المصالح مرة أخرى.

يمكن اعتبار التعديل الوزاري الأخير الذي قام به الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بإدخال كل من سفير نواكشوط السابق في تل أبيب أحمد ولد تكدي، والمحاسب السابق للسفارة الإسرائيلية "جا مختار ملل"، إلى حكومة الوزير مولاي ولد محمد الأغظف، إشارة إلى عودة العلاقات الموريتانية الإسرائيلية، في ظل المخاوف التي تنتاب الرئيس الموريتاني من أي نشاط قد يسعى لتقويض حكمه.

يقول بعض المحللين السياسيين في موريتانيا إن الرئيس قد خضع لإغراءات القطريين سنة  2009، وقرر تجميد العلاقات الموريتانية الإسرائيلية، غير أنه قد أنهى اليوم مسار تودده لقطر، ووجه البوصلة نحو إسرائيل من جديد، بعد أن تخلت عنه الدولة الخليجية الصاعدة، كما عن أغلب الأنظمة التي تحالفت معها سابقاً، مقررة الاستثمار في أنظمة وليدة.


تعتبر أولى خطوات انتعاش العلاقات الموريتانية الإسرائيلية الإبقاء على العلاقة القائمة في المجال الأمني بين الدولتين، والعمل ضمن منظومة أمنية مشتركة لمواجهة خطر الإرهاب بالمنطقة. لذلك، كان الرئيس الموريتاني قد قام بتعيين رجل إسرائيل القوي أحمد ولد تكدي سفيراً في واشنطن، بهدف تلميع صورة الحكومة الموريتانية وعقد سلسلة من اللقاءات مع الفاعلين في المشهد الدولي في خطوة اعتبرت تحويلاً لمقر السفارة من تل أبيب إلى واشنطن.

بالإضافة إلى ذلك، كان الرئيس الموريتاني قد كلف في منتصف 2003 جا مختار ملل، محاسب السفارة الإسرائلية سابقاً، بإعادة صياغة البرامج التربوية في موريتانيا، بوصفه وزيراً للتعليم الأساسي، قبل أن تتم ترقيته أميناً عاماً للحكومة في أرفع منصب حساس يمكن أن يوكل لرجل قد خدم إسرائيل. وقد بات الوزير، ممثل الإسرائيليين في موريتانيا سابقاً، ممسكاً بكافة التقارير الواردة للحكومة، بما من شأنه أن يعوض الإسرائيليين عن خسارة السفارة التي جمدت أنشطتها سنة 2009.

في نهاية التسعينات، قرر الرئيس الموريتاني آنذاك معاوية ولد سيدي أحمد الطايع فتح نافذة للتطبيع مع تل أبيب بعدما أحس بفقدان الثقة في صديقته التقليدية باريس، وأصبح يبحث عن حلف جديد من شأنه توفير قسط معقول من الأمن والأمان لنظامه الذي يوصف بالمستبد. بذلك، أصبحت موريتانيا الدولة الثالثة في العالم العربي التي تقيم علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل، بعد مصر والأردن.

كانت أولى الخطوات في اتجاه التطبيع مع السفير الموريتاني في الأردن محمد سالم ولد الأكحل، ثم وزير الخارجية الداه ولد عبد الجليل، اللذين عرفا على أنهما من تولى التنسيق للعلاقة الديبلوماسية ما بين البلدين. أخذت هذه العلاقة شكلها الرسمي عام 1999، بإشراف أمريكي تمثل في زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت Madeleine Albright لموريتانيا. مظاهر التطبيع بين البلدين أخذت أشكالاً عدة، بدءاً بالجانب الاقتصادي، عبر تمويل إسرائيل لمشروع للنخيل في مدينة "أطار" أقصى الشمال الموريتاني، وصولاً إلى إرسالهم مساعدات طبية إلى نواكشوط.

بعد مرور عشر سنوات، بدا وكأن نواكشوط عادت إلى رشدها. أخذت من جديد منحى التعاطف والوقوف إلى جانب الشعوب العربية، لا سيما الشعب الفلسطيني الذي كان يعاني الأمرين على يد القوات الإسرائيلية، وذلك بعد صمت موريتاني تام عن مختلف الأحداث في فلسطين دام لعدة سنوات. البيانات التي صدرت حينها كانت مجرد وسيلة لتخفيف الضغط على النظام من المعارضين للعلاقة مع تل أبيب، التي بقيت تقابل بالكثير من النقد في الداخل والخارج.

أتى تراجع السلطات الموريتانية عن العلاقة مع إسرائيل سنة 2009 مع وصول الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز إلى الحكم، في أعقاب الهجوم على قطاع غزة. طلبت دولة قطر من موريتانيا بشكل سري التخلي عن إسرائيل، وهو ما كشف عن خطة سياسية ناجحة لولد عبد العزيز القادم إلى الحكم على ظهر دبابة يوم الثالث من أغسطس 2008، بعد انقلابه على سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، أوّل رئيس مدني يحكم البلاد، إثر انتخابات وصفت بالنزيهة.

وجد إعلان قطع العلاقات مع إسرائيل حينها قبولاً واسعاً وترحيباً شعبياً كبيراً، ساهم في إرباك المناهضين لحكم الانقلابيين الجدد، فهل كان تخلي موريتانيا عن إسرائيل ملفاً سياسياً مربحاً، أم أن قادم الأيام سيكشف عن تطبيع من نوع جديد كان على أشده في كل الفترات؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image