اعتبر وليُّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن تصريحاتِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي قال فيها إنه لولا الولايات المتحدة ما كان سيستمرُّ الملك سلمان في الحكم أكثرَ من أسبوعين "غيرُ دقيقة". وقال بن سلمان في حوارٍ أجرته معه "بلومبرغ" مساءَ الأربعاء في القصر الملكي بالرياض ونُشرَ في الخامس من أكتوبر إن بلادَه أقدمُ من الولايات المتحدة، حيث تأسست منذ عام 1744، أي قبلَ نحوِ 30 عاماً من ظهور الولايات المتحدة الأمريكية. أضاف وليُّ العهد أن إدارةَ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، خلال السنواتِ الثماني التي قضتها في الحكم "عملت ضدَّ أجندةِ المملكة ودولٍ أخرى في الشرق الأوسط" مؤكداً أنه رغم ذلك "كنا قادرين على حماية مصالحنا. والنتيجةُ النهائية هي أننا نجحنا، والولاياتُ المتحدة الأمريكية تحت قيادةِ الرئيس أوباما فشلت". كما لمَّح بن سلمان إلى أن تصريحَ ترامب الأخير بشأن بلاده "ليس لائقاً" رَغم تأكيده أن ترامب صديقٌ للسعودية "حسناً، يجب أن تقبلَ حقيقةَ أن أي صديق سيقول لك أشياء جيدة وأشياء سيئة"، معتبراً أنه لا يمكن للمرء أن يكون لديه أصدقاء يقولون له أشياء جيدة بنسبة 100% "حتى في عائلتك، سيحدث بعض سوءِ الفهم، لذلك نضع ذلك في هذه الفئة" (في إشارة إلى حديث ترامب). برّرَ وليّ العهد السعودي عدمَ اتخاذ بلاده موقفاً حازماً من تصريح الرئيس الأمريكي، عكسَ ما قامت به مع كندا على سبيل المثال بأن الموقفين مختلفان، إذ اعتبر أن كندا، تعاملت مع المملكة وكأنها تعطيها أوامرَ تتعلق بقضية داخلية، قائلاً إن المشكلة ليس رأيَ كندا في المملكة العربية السعودية، بقدر ما كانَ أمراً يُقدَّم لبلد آخر. أضاف أن ترامب كان يتحدث إلى شعبه داخلَ الولايات المتحدة الأمريكية حول قضيةٍ ما، على حد تعبيره. وفي ما يتعلّقُ بحلّ الأزمة مع كندا، قال بن سلمان إن حلَّها يعود للجانب الكندي، مطالباً إياها بالاعتذار "بسبب تدخلها في مسألةٍ ليست كندية أو تخصّ مواطنين كنديين". رفضَ بن سلمان تصريحاتِ ترامب أنَّ على المملكة الدفعَ أكثرَ مقابلَ أمنها، قائلاً إن بلاده لن تدفعَ أي شيء مقابل أمنها، مذكراً الرئيس الأمريكي أن جميعَ الأسلحة التي اشترتها المملكة من الولايات المتحدة الأمريكية مدفوعةُ الثمن بالكامل. وكشفَ وليُّ العهد السعودي أنه منذ بداية العلاقةُ بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، اشترت بلادُه كلَّ شيءٍ بالمال. لكن قبل عامين، كان لدى المملكةِ استراتيجيةٌ مختلفة، هي تنويعُ مصادر أسلحتها، إلا أن تلك الاستراتيجية تغيرت عندما أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة، حيث قررت السعودية شراءَ 60% من أسلحتها من الولايات المتحدة خلال السنوات العشر القادمة. واعتبر أن هذا إنجازٌ جيدٌ للرئيس ترامب، وللمملكة العربية السعودية على حدّ سواء، كاشفاً أن اتفاقياتِ بلادِه مع الولايات المتحدة تتضمنُ تصنيعَ جزءٍ من هذه الأسلحة داخلَ المملكة العربية السعودية، مع توقعاته أن ذلك يخلق فرصَ عملٍ في أمريكا والسعودية أيضاً. رَغم ضيقِه من تصريحِ ترامب قال بن سلمان إن علاقاتِ بلادِه مع الولايات المتحدة لم تتأثر، وأنها جيدةٌ بالطبع "إذا نظرتَ إلى الصورة بشكلٍ عام، لدينا 99% من الأشياء الجيدة وقضية واحدة سيئة". أضاف وليُّ العهد أنه "يحبُّ العملَ مع ترامب وأنه حقّقَ الكثيرَ في الشرق الأوسط" خصوصاً ضدَّ التشدّد والإيديولوجيات المتطرفة والإرهاب وداعش، التي اختفت في وقتٍ قصيرٍ جداً من العراق وسوريا، وأكمل بن سلمان أن الرئيسَ الأمريكي نجحَ في هدم الكثير من الرواياتِ المتطرفةِ، العامين الماضيين، معتبراً ذلك "مبادرةً قوية". نوَّهَ محمد بن سلمان إلى أن الأمورَ مختلفةٌ في عهده عما كانت عليه سابقاً "إذا ما ألقينا نظرةً على الوضع في السبعينيات، سنجدُ أنه يختلفُ عن وضعنا اليوم. وإن لم أكن مخطئاً، فإن قانونَ الولاية قد وضِع عام 1979م. والآن نحنُ ننظرُ في القوانين التي وضِعت بعد عام 1979م، حيث نتباحثُها مع معظم أعضاء هيئة كبار العلماء لنرى ما هو إسلاميٌّ منها، وما ليس كذلك، وأعتقدُ أن هناكَ فرصةً في هذا المجال". وعن قضية اختفاء الصحافي والمعارض السعودي جمال خاشقجي، قال بن سلمان إن خاشقجي مواطن سعودي والمملكة "حريصة على معرفة ما حدث له” نافياً أن يكون جمال داخل القنصلية السعودية كما يتردد، وقال إن وزارة الخارجية السعودية تحقق في الأمر لمعرفة ما حدث له، مضيفاً أن بلاده مستعدة للترحيب بالحكومة التركية في حال كانوا راغبين بالتفتيش عنه داخل القنصلية السعودية.
السعودية والنفط
حولَ المطالباتِ الأمريكية بتخفيض سعر النفط، قال بن سلمان إن بلاده لم تحدّد طوالَ تاريخها سعرَ النفط الصحيح أو الخاطئ، موضحاً أن سعرَ النفط يعتمدُ على التجارة، والمستهلك والمورد، وأن هذا السعر يتحدد على أساس العرض والطلب، مشيراً إلى أن بلادَه حريصةٌ فقط على التأكد من عدم وجود نقصٍ في العرض. وكشف الأمير السعودي أن هناك طلباً سبقَ وقدمته أمريكا إلى السعودية ودول أوبك الأخرى، حين أرادت التأكّدَ من وجود أي نقص في الإمدادات من إيران، فسوف يتم تعويضه، مؤكداً أن السعوديةَ قامت بما يجب عليها عمله وأكثر وضمنت تعويضَ أيّ نقصٍ من النفط الإيراني، وذكَّر أن السعوديةَ تنتج حالياً نحوَ 10.7 مليون برميل يومياً. وتحدث بن سلمان عن خطة بلادِه المتعلقةِ بمفاوضات شركة أرامكو من أجل شراء حصةٍ في سابك، مؤكداً أن السعوديةَ ناقشت منذ منتصف عام 2017 مستقبلَ أرامكو "إنها اليوم تنتج النفطَ ولا تملك سوى القليل من مشاريع المصب (downstream)، نسبةً إلى إنتاجها الضخم من الزيت الخام، وكي تملك أرامكو مستقبلاً قوياً السنواتِ القادمة، عليها الاستثمار في المزيد من المصب". أضاف أنه حين تقوم أرامكو بذلك، سيكون هناك تعارضٌ كبيرٌ مع سابك، لأن سابك متخصصةٌ في البتروكيماويات والمصب، كما أن مصدر سابك الرئيسي للنفط هي أرامكو. فستعاني سابك بكل تأكيد بسبب استراتيجية أرامكو، لذا فقبل تنفيذها يجب أن يتمَّ اتفاقٌ يضمن استفادة أرامكو من سابك وأن الأخيرة لن تعاني خلال العملية. كشف بن سلمان كذلك أن بلادَه توصلت إلى نقطةٍ مفادُها أن صندوقَ الاستثمارات العامة سيبيعُ حصَّتَه التي يملكها في سابك والبالغة 70% لصالح أرامكو، وأرامكو ستنفذُ باقي العمل المتعلق بالدمج، بهدف الحصول على شركةٍ عملاقة في هذا المجال في المملكة العربية السعودية والعالم أجمع، حسب تأكيده. أضاف أن المبلغَ الذي سيأتي من تلك الصفقة سيذهبُ لصندوق الاستثمارات العامة، لكنه أشارَ أن بلادَه لا يمكنها طرحُ أرامكو للاكتتاب بعد تلك الصفقة مباشرة، لأن الأمرَ سيحتاجُ نحوَ سنةٍ مالية على الأقل، قبل الطرحِ العام، معتبراً أن الاكتتابَ العام لأرامكو في مصلحةِ السعودية بنسبة 100%. ووصف بن سلمان إصلاحاتِه الاقتصاديةَ في المملكة أنها جيدةٌ "وليس بمقدورنا تقديمُ عملٍ أفضلَ مما قدمناه"، مؤكداً أن بلادَه مستمرةٌ في تطوير خطةِ الإصلاحِ الاقتصادي التي بدأها ولا يوجد أيُّ تغييرٍ في ذلك.اعتقالات الريتز كارلتون
فيما يتعلقُ بحجم المبلغِ الذي حُصِّلَ من اعتقالاتِ فندقِ الريتز كارلتون التي تمّت في السعودية منذ فترة وأثارت جدلاً كبيراً قال الأمير محمد بن سلمان، إنه ليس متأكداً من الرقم، لكنه يعتقدُ أنه يفوقُ 35 مليارَ دولارٍ اليوم. أضاف أن ما تمَّ تحصيلُه من الشركات والممتلكات يدارُ من قبل شركاتِ استدامة، بينما يرسَلُ النقد لوزارة المالية السعودية، مرجّحاً إغلاقَ هذا الملف بأكمله بعد عامين. وحول اعتقالِ ناشطاتٍ سعوديات، صرَّح بن سلمان أن "الأمرَ ليس له علاقةٌ بحرية التعبير" قائلاً إن أشخاصاً كثيرين طالبوا بحقّ قيادة المرأة للسيارة و"هم الآن أحرارٌ". وأكد أن سببَ القبضِ على الناشطات له علاقةٌ بتهم تجسسٍ مع حكوماتٍ ومخابراتِ دولٍ أخرى من بينها دولة قطر، على حد تعبيره."30 عاماً كانت المدة التي سبقت بها المملكة العربية السعودية تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية".. بن سلمان يردّ على تصريحات ترامب "غير اللائقة وغير الدقيقة"
أكثر من 35 مليارَ دولارٍ، تمّ تحصيلها من اعتقالاتِ فندقِ الريتز كارلتون في السعودية، بحسب العاهل السعودي، مؤكداً أن هذا الملفَ سيُغَلقُ خلال عامين
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين