شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
النائب الأيزيدي صائب خدر لرصيف22: نوبل للسلام سيدفع بقضايا المرأة المعنفة جنسياً إلى الواجهة

النائب الأيزيدي صائب خدر لرصيف22: نوبل للسلام سيدفع بقضايا المرأة المعنفة جنسياً إلى الواجهة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 25 فبراير 201912:03 م
بعد إبادة الأيزيديين بأربع سنوات في العراق، تفوز الفتاة ناديا مراد أقوى صوت للأيزيديات في العالم، بجائزة نوبل للسلام. ناديا مراد التي كانت تعيش مع أهلها حياة هادئة في قريتها كوجو في جبل سنجار بالعراق، خطفها تنظيم داعش عام 2014، وقتل والدتها وإخوتها الستة أمام عينيها، واستعبدها، كحال آلاف الأيزيديات اللائي اختطفهن، ولم يزل مصير معظمهن مجهولاً. قبل داعش، كان هناك في جبل سنجار 550 ألف أيزيدي، قتل منهم التنظيم الإرهابي الآلاف وخطف الآلاف ذكوراً وإناثاً لاستغلاهم جنسياً. من بين هؤلاء ناديا، التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب الجماعي، بل بيعت مراراً، من "أمير داعشي" إلى آخر في أبشع عملية اتجار بالبشر يعيشها العالم المعاصر. هربت ناديا من داعش، وآوتها أسرة مسلمة في الموصل ثم ساعدتها على الوصول إلى كردستان العراق. خط سير ناديا من سنجار إلى جحيم داعش ثم الحاضنة التي منحتها الأمان الكافي لتواصل حياتها، خط محفوف بالآلام والندوب الغائرة، لكن ناديا فضلت أن تواجه العالم على أن تحتفظ بندوبها لنفسها. تحولت تلك السمراء من ضحية هشة إلى أيقونة الأيزيديين نساء ورجالاً، صارت صوتهم العالي في عالم أصمّ أذنيه لقرون، حتى لا يسمع قصة الأيزيديين الحقيقية، عالم نسج حولهم أساطير ساهمت بشيطنة الأيزيديين واستباحت دماءهم. ما كانت داعش لتتغول وتبطش وتسفك الدماء وتمارس "الرق" لولا تلك الفتاوي التي كفرت الأيزيديين وصوّرتهم "عبدة شيطان". حاولت أصوات حقوقية كثيرة قبل مأساة أهل سنجار وإبادتهم على يد داعش، ولسنوات، حمل الوجع الأيزيدي إلى المحافل الدولية، ولفت انتباه العالم إلى التهميش والتمييز الذي يعانيه الأيزيديون في العراق. من بين هؤلاء صائب خدر الحقوقي الأيزيدي العراقي الذي دخل عام2018 البرلمان نائباً عن المكون الأيزيدي.
صائب خدر الذي كان في طليعة من عرّفوا بقضية ناديا للعالم يعرف تماماً كيف استطاعت ناديا البوح وكشفَ تفاصيل معاناتها في حين فضلت آلاف الأيزيديات الصمت، فما الذي يميز ناديا عن البقية؟ اليكم حوارنا مع النائب الأيزيدي صائب خدر
خدر لرصيف22: فوز ناديا هو فوز لدور المرأة ودعم لها في قضايا الاغتصاب والتحرش، وهذا إيجابي لأنه يمثل نصرة للمرأة ولحقوقها وحرياتها ضد الاعتداء والذكورية السلطوية التي تُمارس على نساء، خاصة من قبل الجماعات التكفيرية
رصيف22 حاورت خدر، بعد ساعات على نيل ناديا مراد نوبل للسلام، عن "رمزية" هذا التتويج، وماذا يحمل للمكوّن الأيزيدي؟ هذا الفوز الذي جاء في سياق حملة دولية لكسر الصمت في قضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي والاتجار بالبشر ليجعل من ناديا "وجه الضحايا القوي"، هل يخطف الضوء من قضية الأيزيديين أم يمنحها قوة أكبر للتعريف بها ولإنصافها؟ صائب خدر الذي كان في طليعة من عرّفوا بقضية ناديا للعالم يعرف تماماً كيف استطاعت ناديا البوح وكشفَ تفاصيل معاناتها في حين فضلت آلاف الأيزيديات الصمت، فما الذي يميز ناديا عن البقية؟ كل هذه الأسئلة يجيب عنها صائب خدر، صوت الأيزيديين في البرلمان العراقي في هذا الحوار الخاص برصيف22. * رصيف22: أربع سنوات بعد إبادة الأيزيديين في سنجار وخطف آلاف الأيزيديات على يد داعش واستعبادهن، تفوز ناديا مراد ابنة سنجار بنوبل للسلام. ماذا يعني هذا الفوز للأيزيديين والأيزيديات؟ النائب صائب خدر: نوبل للسلام دخلت العراق من خلال سنجار وقصة الأيزيديين، وهذا وسام على صدور الأيزيديين، لكن المؤلم أن نوبل للسلام جاءت مقابل دمائنا وسبايانا وتضحياتنا. رغم ذلك، تمثل هذه الجائزة رسالة قوية لنا وللمجتمع العراقي للاهتمام بضحايا العنف الجنسي في العالم ومعالجتهم ودعمهم دولياً. كما أن منح نوبل لناديا بعث برسالة للعراقيين بأن تنظيم داعش آيل للسقوط لا محالة، ولن ينتصر على إرادة الشعب. كذلك منحت جائزة نوبل دفعاً معنوياً للأيزيديين وكأن المجتمع الدولي يقول لهم أنتم بذاكرتنا ولم نتخلَ عنكم، لكنهم (الأيزيدون) يتطلعون إلى أن يكون لنوبل انعكاس على الواقع العراقي. ما زال هناك 3000 امرأة أيزيدية بيد داعش، ومناطق الأيزيديين مهدمة، وما زال الكثير من الناجيات الأيزيديات يعانين أمراضاً نفسية ومشاكل اجتماعية... مناطقنا ما زالت تعاني من تجاذبات سياسية وأمنية، بالإضافة إلى عدم عودة النازحين الذي يمثل إشكالاً صعباً. نتمنى أن يكون لنوبل للسلام انعكاس إيجابي على واقع الأيزيديين. * رصيف22: فوز ناديا مراد يأتي في سياق حملة دولية لكسر جدار الصمت في قضايا الاغتصاب والتحرش والاتجار بالبشر، وبالتالي فوزها بنوبل لم يكن في نظر الكثيرين لأنها أيزيدية فقط بل لأنها كانت صوتاً قوياً تحدث للعالم بجرأة وقوة باسم ضحايا الاتجار بالبشر والعنف الجنسي. هل يخطف هذا كله الضوء من قضية الأيزيديات؟ النائب صائب خدر: أتفق معك تماماً، فوز ناديا هو فوز لدور المرأة ودعم لها في قضايا الاغتصاب والتحرش، وهذا إيجابي لأنه يمثل نصرة للمرأة ولحقوقها وحرياتها ضد الاعتداء والذكورية السلطوية التي تُمارس على نساء، خاصة من قبل الجماعات التكفيرية، إذا سلّمنا بأن المرأة هي ضحية دائماً في كل المجتمعات، وخاصة في مجتمعاتنا أثناء الحروب والنزاعات، المرأة هي أول ضحية. من المؤكد أن فوز ناديا هو رسالة إلى جميع نساء العالم "نحن معكن... واقفون معكن ضد جرائم الاغتصاب والتحرش". وهذا لن يخطف الضوء من القضية الأيزيدية بل سيدعمها... ناديا امرأة أيزيدية عراقية، ودعمها سيمنح القضية دعماً للأيزيديين وللمرأة العربية ولنساء العالم أجمع". * رصيف22: كنتَ أول من عرّف بقضية ناديا للعالم. لماذا استطاعت ناديا البوح وكشف تفاصيل معاناتها، في حين فضلت ضحايا أخريات الصمت؟ ما الذي يميز ناديا، أنت الذي عرفتها عن قرب؟ النائب صائب خدر: ناديا كانت جريئة جداً، وقوية، تصرفت بشكل صحيح حين اختارت البوح لوسائل الإعلام الدولية، كاشفة ممارسات داعش وما فعله بها من اغتصاب جماعي وتعذيب، وقدمت شهادتها عما فعله هذا التنظيم الإرهابي بحق الأيزيديين عموماً من تعذيب وعنف جنسي واستعباد. لولا بوح ناديا لبقيت قضيتنا (الأيزيديون) تحت الركام. على النساء المغتصبات والمعنفات، ومنهن الأيزيديات، البوح. صحيح أن السلوك الجماعي في مجتمعنا لا يتقبل سماع هذا البوح لأنه يعتبره "خدشاً"، لكني أؤمن بأن على المرأة أن تكون جسورة وتطالب بحقها أياً كان مكانها في العالم. ناديا كتبت وأفصحت بدقة عما تعرضت له رغم أن البيئة الأيزيدية محافظة إلا أنها لا تتزمت في التعبير عن ضحاياها. في مجتمعنا الأيزيدي، استقبلنا  الناجيات من العنف الجنسي وأدمجناهن في المجتمع بطريق الزواج، محاولين رغم الجراح أن تتواصل الحياة الاجتماعية بشكل عادي. * رصيف22: آلاف الأيزيديات لم يزلن مفقودات، كيف سيساعد نوبل للسلام بتحريك المجتمع الدولي لتحريرهن؟ النائب صائب خدر: لا يزال لدينا 3000 امرأة أيزيدية مختطفة، مصيرهن مجهول إلى اليوم، نوبل للسلام ستعمل على تكثيف الجهود الدولية للبحث عنهن. أتمنى على الأخت ناديا وهي سفيرة السلام، أن تعمل على هذا الجانب، ونحن سنتواصل معها حتى تعمل على تحرير بقية المختطفات والبحث عن مصيرهن. لدينا الآلاف هُجرن إلى سوريا ودول أخرى ذهب إليها داعش. نتمنى أن تساهم نوبل للسلام بإطلاق جهد حكومي من بغداد في هذه القضية وأن يتحرك كذلك المجتمع الدولي لا من أجل المختطفات فقط بل كذلك لدعم الناجيات اللاتي يعانين ظروفاً نفسية صعبة بسبب الاغتصاب، فهن بحاجة لرعاية نفسية وصحية. نطالب من خلال منبر رصيف22 أن تهتم المنظمات الدولية والمحلية والعربية بعلاج ضحايا داعش. ونحن كنواب في البرلمان سنتعاون مع هذه المنظمات من أجل شعبنا. * رصيف22: قبل أسابيع، عادت أيزيدية إلى سنجار بعد أن تعرفت على سجانها الداعشي الذي اغتصبها وباعها، والذي من سخرية القدر هو أيضاً مثلها حاصل على لجوء في ألمانيا. هذا يثير مخاوف بشأن سلامة الأيزيديات حتى وهن في الخارج. أنت كنائب ما بوسعك أن تفعل لضمان سلامتهن؟ النائب صائب خدر: سلامة الأيزيديات ليست ملقاة على عاتقنا كنواب أيزيديين فقط، نعم نحن نمارس دوراً رقابياً وتشريعياً ودورًا مؤثرًا على السلطة التنفيذية. سوف نعمل على سلامتهن من خلال سن تشريعات. رئيس البرلمان أصدر بياناً يدعم سن قوانين لدعم الناجيات والمعنفات، لكن على الحكومة أن تعمل على ضمان سلامة الناجيات الأيزيديات وعودتهن ودمجهن وعلى محاسبة المجرمين. ملف العدالة مهم. نطالب بمحاسبة المتورطين مع داعش، وبضمان سلامة الناجيات وتأمين بيئة سليمة لهن.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image