بعد أيام قليلة من إعلان إدارة دونالد ترامب غلق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، دافع مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر عن هذا الإجراء العقابي ضد الفلسطينيين، زاعماً أنه، مع باقي العقوبات الأمريكية، لن يقلل من فرص التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 13 سبتمبر، وهو اليوم الذي يتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاق أوسلو للسلام، قال كوشنر، وهو أحد مهندسي المبادرة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط إن ترامب حسّن بالفعل فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال ما اعتبر أنه تغيير لـ"الحقائق الزائفة" التي تم ابتكارها في الفترة الماضية حول عملية السلام في الشرق الأوسط.
وبحسب كوشنر، كان هناك "الكثير من الحقائق الزائفة التي تم ابتكارها، والتي يقدسها الناس، وأعتقد أن هناك حاجة لتغييرها".
واعتبر أن ما تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية هو "التعامل مع الأشياء كما نراها، وعدم الخوف من فعل الشيء الصحيح"، وهو الأمر الذي سيقود إلى فرصة أكبر لتحقيق سلام حقيقي، بحسب تقديره.
وفي الأشهر الماضية، حاول كوشنر، بتكليف من ترامب، التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، لكن عدة خطوات اتخذتها واشنطن تسببت في نفور الفلسطينيين من الإدارة الأمريكية، ومنها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وغلق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ووقف المساعدات للفلسطينيين، بما فيها تلك المقدمة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والمقدمة إلى مستشفيات في القدس ومشاريع على الأراضي الفلسطينية.
لكن كوشنر يعتبر أن هذه القرارات لا تعطّل عملية السلام، ويقول إن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل زاد من مصداقية الرئيس الأمريكي الذي أوفى بوعد من وعود حملته الانتخابية، مضيفاً أن القادة الفلسطينيين يستحقون خسارة المساعدات التي كانت توجّه لهم "بعد تشويههم سمعة الإدارة الأمريكية"، ومعتبراً أن الكثير من الأموال التي دفعتها الولايات المتحدة إلى الأونروا كانت غير كافية على أي حال.
وأشار كوشنر إلى أنه يجب استخدام المساعدات الأمريكية لتعزيز المصالح الأمريكية ومساعدة المحتاجين، وأضاف أنه، في حالة الفلسطينيين، فإن التمويل أصبح أقرب إلى برنامج استحقاقات استمر لعقود دون خطة لجعلهم يعتمدون على أنفسهم.
"هناك الكثير من الحقائق الزائفة التي تم ابتكارها، والتي يقدسها الناس، وأعتقد أن هناك حاجة لتغييرها"... هذا مما قاله مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر عن القضية الفلسطينية
مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر يدافع عن الإجراءات العقابية ضد الفلسطينيين، ويزعم أنها لن تقلل من فرص التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسطوفي ما يمكن اعتبارها لهجة غضب، قال كوشنر إنه في كل المفاوضات التي دخل فيها كانت كلمة "لا" (في إشارة إلى الرفض)، تسبق كلمة "نعم". وقال كوشنر إنه إذا كان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس ، "قائداً جاداً، فإنه سيدرس خطة الإدارة الأمريكية للسلام بعد إطلاقها بعناية".
الرئاسة الفلسطينية: محاولة للتضليل
بعد هذه المقابلة، وصفت الرئاسة الفلسطينية، في 14 سبتمبر، تصريحات كوشنر بأنها "محاولة للتضليل وتزييف التاريخ". وقال الناطق الرسمي باسمها نبيل أبو ردينه إن التصريحات التي أدلى بها كوشنر لصحيفة نيويورك تايمز تنم عن جهل بواقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأضاف أن "السلام لن يمرّ إلا من خلال حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وفق قرارات الشرعية الدولية وقرارات القمم العربية"، معتبراً أن "الاستمرار في إنكار الحقائق التاريخية والدينية للشعب الفلسطيني، ستضع المنطقة في مهب الريح". وقال إن "الفهم الأمريكي للأمور يعبّر عن سياسة غير مسؤولة، ستؤدي إلى فراغ مدمر، وتشكل خطراً حقيقياً على النظام والقانون الدولي"، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني لن يرضخ للضغوط أو العقوبات وسياسة الابتزاز. ولفت أبو ردينة إلى أن توجهات الإدارة الأمريكية دليل على انحياز أعمى لمفاهيم مزيفة، متوقعاً فشل المساعي التي لا تستند إلى حقائق يمكن أن تؤدي إلى تحقيق سلام حقيقي ودائم.متى ستُطرح خطة السلام؟
أتت تصريحات كوشنر بالتزامن مع تصريحات للمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات والتي قال فيها إن إدارة ترامب تستعد لتلقي انتقادات إسرائيلية لبنود في خطة واشنطن للسلام، والتي من المتوقع أن يُكشف النقاب عنها قريباً. وقال غرينبلات في مقابلة مع وكالة "رويترز": "علينا أن ندافع عن الخطة لصالح الإسرائيليين والفلسطينيين. نحن مستعدون للانتقادات من جميع الأطراف، لكننا نعتقد أن هذا أفضل سبيل للتحرك إلى الأمام بالنسبة للجميع"، لافتاً إلى أن الجانبين سيجدان ما سيعجبهما وما لن يعجبهما في الخطة. ورأى غرينبلات أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لديهما القدرة على تقديم تنازلات، لكنه أشار إلى أنه "لا تنازلات بشأن احتياجات إسرائيل الأمنية". وأضاف أن المفاوضين الأمريكيين دخلوا "مرحلة ما قبل تدشين" الخطة، لكنه امتنع عن تحديد إطار زمني لها ولم يكشف أية تفاصيل عن مضمونها، واكتفى بالقول إنه لن يتم الإعلان عنها في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستجتمع في نيويورك هذا الشهر. وحتى هذه اللحظة، لم تتحدث الإدارة الأمريكية عن تفاصيل خطتها للسلام، لكن بعض التقارير كانت قد أشارت إلى أن الجانب الاقتصادي سيكون أحد أهم أركانها. ورفض الكثيرون من الفلسطينيين الخطة معتبرين أنها ميتة قبل أن تبصر النور. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في العاشر من سبتمبر أنها ستغلق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن لأنها "لم تتخذ خطوات للمضي قدماً في مفاوضات مباشرة وذات مغزى مع إسرائيل"، بل على العكس أدانت الخطة الأمريكية التي لم ترها بعد ورفضت الانخراط مع الحكومة الأمريكية في جهود صناعة السلام.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...