شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
برج

برج "التنين المُجنح"... كلكم رائعون حقًا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 13 سبتمبر 201801:25 م
إذا كنت أحد هؤلاء الذين ساقتهم أقدارهم إلى الوجود في أي تاريخ يقع بين 1 يناير و31 من ديسمبر، فأنت بالتأكيد محظوظ حقًا، فقد أتى ميلادك متوافقًا مع أكثر الأبراج ذكاءًا وهو برج "التنين المُجنح". الصفات الأساسية لهذا البرج تتمثل في غموض كبير للشخص يجعل من الصعب معرفة فيما يفكر تحديدًا، ذكي للغاية ولكنه يقصد إخفاء ذلك أحيانًا من أجل العبث بأفكار المحيطين به، لا يعتمد على الحظ كثيرًا في حياته، يحتاج إلى دقيقة واحدة هادئة في مكانه المُفضل لاتخاذ قرارات قد تُغير مسار البشرية، وبالطبع يمتلك مواليد ذلك البرج شخصية شفافة ومحبوبة اجتماعيًا ويجب على الجميع أن يحذر من غضبه، فهو كما قلنا ذكي للغاية وقد يُصبح خطيرًا حقًا. والآن، هل يُمكنك وضع علامة من 1 إلى 10 لتصف إلى أى مدى تنطبق عليك تلك الصفات؟ فقد تجد أن علامتك قد تخطت العلامة 7 مثلًا لتُصبح تنينًا مجنحًا بنسبة 70% على الأقل، أما إذا كنت ثشكك في حقيقة وجود برج التنين المُجنح فدعنا نُشكك نحن أيضًا في باقي الأبراج التي تؤمن بها لنرى هل هي حقيقية بالفعل أم لا؟

العلم يُطارد الأبراج فلكيًا

لنبدأ أولًا مع تعريف ما يُسمى بعلم الأبراج الفلكية إذ تم تقسيم مسار الشمس الذي تراه على هيئة دائرة داخلها إثنا عشر قسمًا سماويًا كل منهم يُمثل برجًا واحدًا، تلك الدائرة تمر من خلالها النجوم بما فيها الشمس والكواكب والقمر، ولذلك المرور أثر مُحدد لكل 30 درجة داخل الدائرة وتلك الدرجات الثلاثون تُمثل برجًا ما بالطبع.
إذا كنت أحد هؤلاء الذين ساقتهم أقدارهم إلى الوجود في أي تاريخ يقع بين 1 يناير و31 من ديسمبر، فأنت بالتأكيد محظوظ حقًا، فقد أتى ميلادك متوافقًا مع أكثر الأبراج ذكاءًا وهو برج "التنين المُجنح".
على الرغم من التقدم العلمي الكبير الذي يشهده العالم حاليًا فإن لدى العديد قبولًا واسعًا لبعض الممارسات مثل قراءة الكف والتنجيم وغيرهما من المُعتقدات التي من الممكن أن تتعارض مع معتقداتهم الدينية الأكثر تماسكًا نظريًا.
إذًا وفقًا لذلك يتوجب على تلك الحركة أو ذلك المرور بالأحرى أن يظل ثابتًا بنفس الحركة كي يُعطي نفس التأثير كل عام، فإذا افترضنا أن شخصين قد ولدا في مُنتصف شهر نوفمبر أحدهما في عام 2017 وآخر في عام 2018 فنحن الآن أمام الـ 30 درجة الخاصة ببرج العقرب، ومرور الشمس والقمر والكواكب داخل الدائرة وتحديدًا عبر تلك الدرجات يُقال إنه يُقدم مُعطيات علمية لخبراء الأبراج وعن طريقها يتم تحليل شخصية المولود، فنجد مثلًا أن مرور الشمس لمدة دقيقة داخل الجزء المُخصص لبرج العقرب في الدائرة السماوية يُضفي على مواليد ذلك البرج صفة الغموض التام، أي أنه في حال زيادة أو نُقصان تلك الدقيقة سوف يتبع ذلك تغير في صفات البرج، ولكن هذا لا يحدث في تقييم السمات الشخصية لمواليد الأبراج إذ تمتاز تلك السمات بالثبات، فالجميع في النهاية "عقرب" في المثال السابق، ولكي يُصبح ذلك المنطق مقبولًا يجب ان تكون حركة الشمس والقمر والكواكب غير مُتغيرة. فهل هذا صحيح؟ INSIDE_Abraj الإجابة عن تلك النقطة بسيطة للغاية، فالكسوف والخسوف أكبر الأدلة المنطقية على تغير حركة الشمس والقمر، واستقرار المسار يجب أن ينتج عنه استقرار النتيجة، لذا فحينما نتحدث عن تغير في النتائج سوف نعود مُجددًا للتأكيد على تغير في المسار، وهنا قد ينتفض أحد المُدافعين عن مصداقية الأبراج مبررًا هذا الأمر بأن ما يُسمى بعلم الأبراج قد اتخذ موقفًا حاسمًا في تلك القضية، إذ يُمكنك مشاهدة أحد خبراء الأبراج يسألون البعض عن السنة التي ولد فيها ولا يكتفون بتاريخ الميلاد شهريًا فقط حتى يضعوا لمواليد الشهور التي صودف خلالها كسوف أو خسوف تقييمات أخرى، ولكن على هؤلاء أن يعلموا بأن حتى حركة الشمس اليومية غير مستقرة وكذلك باقي النجوم، ويُمكنك التأكد من ذلك، حتى أن العلم الحديث حينما أراد إثبات حركة الأرض اعتمد على ثلاثة أدلة مُحددة تتمثل في: الانحراف وهو تغير بسيط في الموقع النجمي وفقًا لسرعة الأرض وكذلك التخاطل النجمي وهو تغير طفيف في مواقع تلك النجوم ويُرجع ذلك بسبب مواقع الأرض المُتغيرة، وأخيرًا تأثير دوبلر عن تغير ألوان النجوم أيضًا، مع التأكيد أن عدد النجوم كذلك ليس ثابتًا فهناك العديد منها اختفى تمامًا منذ ملايين السنين إذ انتهى عمرها بعد 70 مليون عام من ولادتها أو 250 مليون عام من الانفجار الكبير وفقًا لمؤسسة العلوم الوطنية، كل تلك التغيرات تُثبت أنه لا يُمكن تحديد تقييمات ثابتة لمواليد أي برج مطلقًا.

تأثير فورير.. الناس تُحب أن تصدق

على الرغم من التقدم العلمي الكبير الذي يشهده العالم حاليًا لا يزال لدى العديد قبول واسع لبعض الممارسات مثل قراءة الكف والتنجيم وغيرهما من المُعتقدات التي من الممكن أن تتعارض مع معتقداتهم الدينية الأكثر تماسكًا نظريًا، والأمر ليس بجديد، فقد واجه عالم النفس "برترام فورير" تلك القضية قديمًا حينما لاحظ أن معظم الناس يُحبذون وصف شخصياتهم بعبارات فضفاضة مرنة تتطابق مع الكثيرين غيرهم أيضًا، لذلك شرع "فورير" في تصميم اختبار شخصية لطلابه، بتقديم أسئلة معينة وإعلامهم أنه سوف يقوم بتحليل شخصياتهم بناءًا على ما سوف يقدمونه في الإجابات الخاصة بهم، ولكنه في حقيقة الأمر أعطى للجميع نفس نص تحليل الشخصية مُعتمدًا على العبارات الفضفاضة تلك متجاهلًا إجاباتهم تمامًا، ثم بعد ذلك طلب منهم تقييم التحليل الذي قدمه لكل منهم ووضع علامة من 0 إلى 5 إذ تعني 5 أن التقييم مُطابق لشخصياتهم حقًا وكلما نقصت العلامة كان التطابق أقل. متوسط العلامات التي حصل عليها تقييم "فورير" الوهمي كان قويًا للغاية ووصل إلى 4.26 من 5، مع العلم أن ذلك الاختبار تم تكراره بعد ذلك على عدد جديد من الطلاب ودائمًا كانت العلامات تصل إلى نفس الرقم الذي حصل عليه "برترام فورير".

الأردن تُحيي التجربة.. فتبينوا

نفس تلك التجربة قام بها بعض الشباب الأردني الذين يسعون لفضح العلوم الزائفة وتفنيد الإشاعات والخرافات عبر صفحتهم الشهيرة "فتبينوا" بتكرارها لإثبات فشل خبراء الأبراج في التميز بتحليل شخصيات العامة، إذ تم التسجيل مع عدة مواطنين وطُلب منهم الإجابة عن بعض الأسئلة وبعد ذلك إخبارهم بنقاط معينة في شخصياتهم، الجميع تقريبًا أبدى اندهاشه الكبير من قدرة مُحللي الشخصية على وصفهم بدقة وبدأوا في تقييم التحليل إذ وقعت معظم التقييمات بين الرقم 4 و5 من مجموع 5 علامات مثل تلك العلامات التي اعتمدها "فورير" في تجربته، ومن ثم أخبر مُعدو التجربة ضحاياهم عن حقيقة ما يحدث وأن التقييمات الشخصية كانت مُعدة سلفًا بالفعل وأن مُحللي الشخصية لم يقوموا بالإطلاع على إجابات المُشاركين في التجربة من الأساس، وفي نهاية المقطع سوف تفاجأ بأن التصديق في الأبراج قد يدفعك لارتكاب جريمة في حق نفسك إن لم تكن تجاه الآخرين.
&app=desktop النص الذي قام "فورير" بإعطائه للطلاب كان يقول: " أنت بحاجة إلى الحب والتقدير، ولذلك تنتقد نفسك بنفسك. لديك بالتأكيد بعض نقاط الضعف في شخصيتك، ولكنك عادة تقوم بتعويضها. لديك إمكانات وقدرات لم تستثمرها بعد لمصلحتك. أنت منضبط ومتحكم في أمورك ظاهريًا، لكنك داخليًا قلق وغير واثق بنفسك. أحيانًا تتساءل بصدق إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح أو فعلت الشيء السليم. تفضل التجديد والتنوع، ولا ترضى بأن تحيط بك القيود والحدود. تعتز بكونك مستقلًا، ولا تقبل آراء الآخرين العبثية. ولكنك وجدت أنه من غير الحكمة إطلاع الآخرين على أفكارك بسهولة. تكون أحيانًا منفتحًا وكثير الكلام واجتماعيًا، بينما تكون منطويًا وحذرًا ومتحفظًا في أوقات أخرى. وبعض طموحاتك تميل لأن تكون غير واقعية".. هل يُشبهك ذلك؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image