بتاريخ نضالي طويل وشهية مفتوحة لمهمات منصبها الجديد، علقت رئيسة تشيلي السابقة، ميشيل باشليه، الرئيسة الجديدة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على الأحكام الأخيرة الصادرة في مصر، في القضية المعروفة بـ"فض اعتصام رابعة العدوية".
وقالت في بيان إن صدور أحكام بإعدام 75 متهمًا في القضية جاء عبر "محاكمة غير عادلة"، مُطالبةً بإلغائها خشية حدوث "إخفاق فادح لا رجعة فيه للعدالة".
وكما سلفها، زيد بن رعد بن الحسين، قوبلت تعليقات رئيس مفوضية حقوق الإنسان بانتقادات شديدة اللهجة أطلقها مسؤولون في الحكومة المصرية، لا سيما وزارة الخارجية التي رأت أنها "تجاوزت صلاحيات المنصب" الأمُمي الذي تعتبر متابعة أوضاع حقوق الإنسان أساسًا لقوام عمل المفوضية.
"بداية غير مُوفقة لها".. ماذا قالت باشليه لتثير "انزعاج" الخارجية المصرية؟
على مدار 5 سنوات، ظلت قضية فض اعتصام رابعة العدوية، الذي كان عبارة عن تجمع لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بعد الإطاحة به، عالقةً في قاعات المحاكم، قبل أن تُحسم السبت الماضي. طالت الأحكام 739 متهمًا (300 سجين و439 غيابيًا). وبجانب قرارات الإعدام لـ 75، عاقبت محكمة جنايات القاهرة العشرات بالسجن بين 5 أعوام والسجن المؤبد (25 عامًا). هذه التطورات الجديدة استدعت تعقيب رئيسة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي دعت إلى إعادة النظر في الحكم عبر محكمة النقض المصرية وضمان احترام المعايير الدولية للعدالة. وقالت باشليه إن المتهمين مُنعوا من حقهم في الحصول على محامين شخصيين وتقديم أدلة براءتهم، مُعتبرةً في الوقت ذاته أن الإدعاء دليل كافٍ لإثبات الاتهامات الموجهة لكل متهم". وانتقدت عدم محاكمة مسؤولي الأمن الذين شاركوا في فض الاعتصام، الذي راح ضحيته 632 قتيلًا، بينهم 8 شرطيون، بحسب إحصاءات المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، بينما تقدر مؤسسات حقوقية عددهم بما يزيد عن الألف قتيل. وحثت رئيس مفوضية حقوق الإنسان الحكومة على ضمان تحقيق العدالة، وفقًا للقانون، بشأن أي فرد، كما عناصر أمن الدولة، ممن يشتبه في ارتكابهم جرائم". وأضافت مُستنكرة: "رغم عدد القتلى الضخم، لم يحاكم أي مسؤول أو يوجه لأي فرد من أفراد الشرطة اتهام". في المقابل، قالت وزارة الخارجية، في بيان إن مصر "تدين وتستنكر بأشد العبارات، البيان الصادر عن "ميشيل باشليه"، مُعتبرةً أنها "بداية غير مُوفقة للمفوضة الجديدة في ممارسة مهمات عملها، حادت من خلالها عن معايير الموضوعية والمهنية وصلاحيات منصبها الأممي". وأضافت: "لمن دواعي الانزعاج الشديد أيضًا، أن يعكس بيان المفوضة السامية قراءة مغلوطة وسطحية لما أسمته بقانون كبار ضباط قوات الأمن... ويعد إطارًا تنظيميًا يتسق مع أحكام الدستور". ويشار إلى أنه في 18 يوليو الماضي، أقر مجلس النواب المصري، الذي تسيطر عليه أغلبية داعمة للحكومة، مشروع قانون يمنح حصانة قضائية ودبلوماسية لكبار ضباط القوات المسلحة ومعاملتهم "معاملة خاصة" داخل البلاد وخارجها. وبموجبه لا تتم مقاضاتهم أو التحقيق معهم إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. بجانب عدم جواز التحقيق أو ملاحقة قضائية من ارتكبوا أي فعل خلال أدائهم مهماتهم، من 3 يوليو 2013 إلى 8 يونيو 2014، دون إذن من المجلس، وهي الفترة التي شهدت فيها مصر حالة من عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات عقب الإطاحة بمرسي. كما طالبت الخارجية "باشليه" بتوخي ما سمته "الحيادية والمهنية في مواقفها المستقبلية... والالتزام بمسئولياتها باعتبارها موظفة دولية تخضع في ممارسة منصبها لقواعد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي يجب عدم تجاوزها"، بحسب بيان الوزارة. ?__tn__=-R وعلى خط المواجهة، كتب الدكتور محمد البرادعي، تغريدة في حسابه على تويتر، معربًا عن تضامنه مع باشليه: "مع ميشيل باشليه فى سانتياجو (2007). سُجنت وعُذبت خلال فترة حكم الديكتاتور الچنرال بينوشيه ثم انتُخبت مرتين كرئيسة لشيلي بعد عودة الديمقراطية، واليوم هي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان. اختيار موفق لشخصية ذات مصداقية ونزاهة عالية فى وقت تتعرض فيه حقوق الانسان لهجمة شرسة".من هي ميشيل باشليه؟
خلال تولي سلفها، الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كرر الرجل بين وقت وآخر انتقادات مماثلة، تضمنت إعرابه عن قلقه من "مناخ التخويف السائد" واستهداف المعارضة وقضايا التعذيب في مصر. وإبان ذلك، تمسكت وزارة الخارجية بنفي هذه الانتقادات التي اعتبرتها "مغلوطة وتعكس تجاهلًا شديدًا لحجم ما تحقق على صعيد تعزيز حقوق الإنسان". وذهبت بعيدًا بتوجيهها اتهامات لرئيس المفوضية بدعم جماعة الإخوان، بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان. وربما لهذا السبب قالت الخارجية في ردها على باشليه إن تعليقاتها تؤشر إلى "استمرار المفوضة السامية لحقوق الإنسان في إتباع نفس المنهج المعتاد... والتشدق بعبارات وشعارات غير منضبطة، وإصدار أحكام تتعلق بالنظم القانونية والقضائية خارج صلاحيات المنصب الوظيفي دون امتلاك الولاية أو التخصص". وتولت باشليه منصبها كرئيسة للمفوضية بعد بضعة أشهر من انتهاء ولايتها الرئاسية لدولة تشيلي. وحينذاك ودعها شعبها بالورود والدموع امتنانًا للفترة التي قضتها في الحكم. رئيسة تشيلي السابقة، التي ولدت في عام 1951، هي الوحيدة بين رؤساء بلادها تولت الرئاسة ولايتين منذ نحو نصف قرن، الأولى من 2006 إلى 2010، والثانية من 2013 إلى 2018. ولدت باشليه في العاصمة سانتياجو، ووالدها قائد سلاح الجو التشيلي، ألبيرتو باشليه مارتينيز، الذي تعرض للتعذيب وتوفي بنوبة قلبية في السجن عام 1974 في ظل حكم الديكتاتور الجنرال أوجوستو بينوشيه. عاشت رئيس مفوضية حقوق الإنسان 5 سنوات في المنفى بألمانيا الشرقية، بعد معاناتها من السجن والتعذيب في سن مبكرة، وهناك درست الطب. وبعد عودتها تولت وزارة الصحة، كما شغلت منصب وزيرة الدفاع. باشليه، المعروفة بميولها اليسارية، لعبت دورًا حيويًا في منظمات الأمم المتحدة وفي بلادها، لا سيما في مجال الصحة والمرأة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 10 ساعاتبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ أسبوعمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون