شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"فورين بوليسي" تكشف ملامح برنامج إسرائيل السرّي لدعم مُسلّحي المعارضة في جنوب سوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 7 سبتمبر 201805:56 م
كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ما عدّته ملامح للبرنامج السري الإسرائيلي لدعم المقاتلين في سوريا، قائلةً إن تل أبيب قامت بتسليح وتمويل نحو 12 مجموعة مُتمردة في جنوب سوريا. ونقلت المجلة عن أكثر من 20 قائدًا رفيع المستوى وعضوًا في هذه الجماعات قولهم إن إسرائيل سعت بذلك إلى منع المجموعات المدعومة من إيران من السيطرة على مواقع سورية قريبة من الحدود الإسرائيلية في السنوات الأخيرة.

ماذا قدمت إسرائيل لهذه المجموعات؟ ولماذا؟

حسب "فورين بوليسي"، شملت المساعدات العسكرية، التي توقفت في يوليو الماضي، بنادق هجومية ومدافع رشاشة وقاذفات هاون وسيارات نقل. وسلمت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الأسلحة عبر ثلاث بوابات تربط بين مرتفعات هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل - وهي نفس المعابر التي كانت تستخدمها لتقديم المساعدات الإنسانية لسكان جنوب سوريا الذين عانوا من سنوات الحرب الأهلية. كما قدمت رواتب للمقاتلين المتمردين، ودفعت إلى كل واحد منهم نحو 75 دولارًا في الشهر، وقدمت أموالًا إضافية كانت تستخدمها الجماعات لشراء الأسلحة في السوق السوداء السورية، وفقًا لمقاتلين في المعارضة وصحافيين محليين. وذكرت المجلة أن كمية الأسلحة والمال التي نقلتها إسرائيل إلى المجموعات - التي تضم آلاف المقاتلين - قليلة مقارنة بالمبالغ التي قدمتها الدول الأخرى المشاركة في الحرب الأهلية التي مضى عليها سبع سنوات، ومنها قطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والولايات المتحدة. وحتى في أوج برنامج المساعدات الإسرائيلي في وقت سابق من هذا العام، شكا قادة المتمردين من أن البرنامج غير كاف. لكن المساعدة مهمة لعدة أسباب. وهذا يشير إلى أن إسرائيل تحاول منع إيران من ترسيخ موقعها في سوريا - إلى جانب الضربات الجوية على المعسكرات الإيرانية والضغط السياسي الذي تعرضت له إسرائيل من قبل روسيا. واعتبرت "فورين بوليسي" أن ما فعلته إسرائيل يثير تساؤلات حول توازن القوى في سوريا مع انتهاء الحرب الأهلية، في وقت لا يبدو أن القوات الإيرانية التي ساعدت الأسد على إلحاق الهزيمة بالمعارضة المسلحة، عازمة على الانسحاب من سوريا، ما يعني أن سوريا قد تصبح نقطة اشتباك محتملة بين تل أبيب وطهران. وأشارت المجلة إلى أن إسرائيل حاولت الحفاظ على "سرية" علاقتها بالجماعات. ورُغم حديث البعض عن ذلك، فإن المقابلات التي أجرتها مع أعضاء الميليشيات من أجل هذه القصة، تقدم معلومات أكثر تفصيلاً حتى الآن عن دعم إسرائيل. وتحدث كل المقاتلين شريطة عدم الكشف عن أسمائهم وفصائلهم. وقد رفض متحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن التعليق على ما توصلت له المجلة.
نقلت المجلة عن أكثر من 20 قائدًا رفيع المستوى وعضوًا في هذه الجماعات قولهم إن إسرائيل سعت إلى منع المجموعات المدعومة من إيران من السيطرة على مواقع سورية قريبة من الحدود الإسرائيلية في السنوات الأخيرة
اعتبرت "فورين بوليسي" أن ما فعلته إسرائيل يثير تساؤلات حول توازن القوى في سوريا مع انتهاء الحرب الأهلية، في وقت لا يبدو أن القوات الإيرانية عازمة على الانسحاب ما يعني أن سوريا قد تصبح نقطة اشتباك محتملة بين تل أبيب وطهران
وبدأت إسرائيل تسليح مجموعات متمردة متوافقة مع الجيش السوري الحر في عام 2013، بما في ذلك فصائل في القنيطرة ودرعا والمناطق الجنوبية من ريف دمشق. وكانت غالبية الأسلحة التي تم نقلها بنادق هجومية أميركية الصنع M16. وفي وقت لاحق، اتجهت إلى تزويد المُتمردين بأسلحة غير أمريكية في الغالب - على ما يبدو لإخفاء مصدر المساعدات - بما في ذلك الأسلحة والذخائر التي كانت في شحنة إيرانية إلى حزب الله اللبنانية، كانت قد صادرتها إسرائيل في 2009. وبقيت هذه المساعدات ثابتة لبعض الوقت، لكنها توسعت بشكل كبير في العام الماضي، فبدلًا من دعم المئات ذهبت إلى مجموعات تضم الآلاف من المتمردين. وتزامنت الزيادة مع فشل الإدارة الأمريكية والكرملين في التوصل إلى اتفاق يضمن بقاء الميليشيات التي تدعمها إيران بعيدة عن جنوب سوريا، فتبنت إسرائيل سياسة أكثر عدوانية، حسب "فورين بوليسي". وبدأت قواتها الجوية في التوغل داخل الأراضي السورية، لتستهدف ليس فقط شحنات الأسلحة الفردية من إيران إلى حزب الله، ولكن أيضًا القواعد الإيرانية في جميع أنحاء البلاد. وقد تم تحديد هوية جماعتين من الجماعات التي تدعمها إسرائيل - فرسان الجولان (فرسان الجولان)، وهو فصيل متمركز في بلدة جباتا الخشب الحدودية في القنيطرة، ولواء عمر بن الخطاب، المتمركز في بلدة بيت جن القريبة من جبل حرمون. وعلى عكس المؤيدين الأجانب الآخرين للمعارضة السورية، بذلت إسرائيل القليل من الجهد لتنظيم وتعزيز برنامج المساعدات. وبدلًا من ذلك، كانت تعتمد على ما يبدو على علاقات متطورة مع قادتها، وقامت بتوجيه المساعدة إليهم مباشرة. وطبقًا للمتمردين في جنوب سوريا، فإن هؤلاء القادة يتواصلون مع المسؤولين الإسرائيليين عبر الهاتف ويلتقون بهم أحيانًا وجهًا لوجه في الجولان الذي تحتله إسرائيل. وعندما قام القادة العسكريون لهذه المجموعات بهيكلة قيادتها ومواقعها تبعتها المساعدات الإسرائيلية، فبعد قتل القادة أو إقصائهم من مواقعهم بسبب صراعات داخلية على السلطة، أوقفت تل أبيب المساعدات لفصائلهم السابقة.

"هذا درس لن ننساه عن إسرائيل"

علمًا أن "فورين بوليسي" قالت إن هذه المساعدات كانت مقابل الخدمة التي تحصل عليها إسرائيل، وهو ما جعل المسلحين يعتقدون أن إسرائيل ستتدخل إذا حاولت القوات الموالية للرئيس بشار الأسد التقدم في جنوب سوريا. لكن ما حدث هو أنه عندما تقدمت قوات النظام المدعومة بالمقاتلات الجوية الروسية، تحديدًا خلال الصيف الماضي، لم تتدخل إسرائيل، تاركةً هذه المجموعات تشعر بأنها تعرضت لـ"الخيانة". "هذا درس لن ننساه عن إسرائيل. لا يهمها الناس، لا يهمها البشر... كل ما تهتم به هو مصالحها الخاصة"، قال المقاتل (ي) في مجموعة "فرسان الجولان". كانت "فرسان الجولان" المجموعة المُفضلة لإسرائيل، ففي العام الماضي أضافت مئات من المقاتلين إلى صفوفها بسبب زيادة التمويل الإسرائيلي، وفقًا لأعضاء في هذا الفصيل. كما عملت كموزع للأسلحة الآتية من إسرائيل إلى مجموعات أخرى. وسمح ذلك للمجموعة بأن يكون لها تأثير كبير في كل من القنيطرة ومحافظة درعا المجاورة. كما قدمت إسرائيل الدعم لفصائل المتمردين التي تقاتل تنظيم داعش في حوض اليرموك. ووفقاً لمسلحين محليين وصحافيين وسكان، نفذت إسرائيل هجمات بطائرات دون طيار استهدفت قادة داعش، فضلًا عن ضربات صاروخية دقيقة ضد أفراد المجموعة وتحصيناتهم ومركباتهم أثناء المعارك مع المتمردين. ونتيجة للمساعدات الإنسانية والعسكرية الإسرائيلية، فقد تصور العديد من سكان جنوب سوريا أن تل أبيب بمثابة حليف. ونشرت الأخيرة برنامجها "حسن الجوار" باللغة العربية، بما في ذلك العمليات الإنسانية في جنوب سوريا وعلاج بعض السوريين في المستشفيات الإسرائيلية. وعاود "ي"، المقاتل بفرسان الجولان الحديث إلى المجلة، قائلًا إن إسرائيل قبل بضعة أشهر كانت "الوحيدة التي لها مصالح في المنطقة بمسحة قليلة من الإنسانية، وتوفر المساعدة للمدنيين". لكن مع تأكيد القوات الموالية للأسد، بمساعدة القوات الروسية والإيرانية، السيطرة على المزيد من المناطق في سوريا، سعت إسرائيل إلى طرق أخرى لضمان مصالحها على طول الحدود. وفي يوليو الماضي، توصل المسؤولون الإسرائيليون على ما يبدو إلى تفاهم مع روسيا سمح بعودة قوات النظام إلى غربي درعا والقنيطرة، وهما من المناطق المتاخمة لمرتفعات الجولان. وفي مقابل ذلك، وعد روسي بإبقاء الميليشيات المدعُومة من إيران على بعد 80 كيلومتراً (حوالي 50 ميلاً) من مرتفعات الجولان، وعدم البدء في عرقلة الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية عبر سوريا. وحتى بعد بدء هجوم الأسد على المناطق الجنوبية، تمسك الكثير من السوريين في المنطقة بالأمل في أن تقوم إسرائيل على الأقل بمنع النظام من استعادة السيطرة على محافظة القنيطرة المجاورة. وفر آلاف الأشخاص إلى المنطقة المتاخمة لهضبة الجولان، لكن إسرائيل لم تتدخل لحمايتهم. وقال أحد قادة المجتمع المحلي من غربي درعا الذي وافق على أن يتم تحديد هويته فقط بـ"أبو خالد"، أنه سرعان ما أدرك أن الاعتماد على إسرائيل كان خطأ. "ثق بي، إسرائيل ستندم على صمتها على ما حدث في جنوب سوريا. نحن في مدينتنا ومدننا المجاورة نلتزم على مضض مع النظام، لكن هذه المصالحة ستؤثر على إسرائيل في المستقبل القريب". وبينما كان النظام يقترب من هناك، أجرى بعض المسلحين اتصالات مع إسرائيل وطلبوا اللجوء، خوفًا من انتقام قوات الأسد. فيما رد المسؤولون الإسرائيليون بالسماح لعدد قليل من قادة المتمردين وأفراد عائلاتهم المباشرين بدخول إسرائيل ليلة 22 يوليو الماضي، في حين تم إبعاد آخرين. وما زال مكان وجود هؤلاء القادة وأقاربهم غير واضح. وفقًا لأشخاص مقيمين في سوريا، يُشاع أن البعض منهم ربما يكون في إسرائيل، والبعض الآخر في الأردن، فيما أبلغ أحد القادة السابقين مرؤوسيه أنه وصل إلى تركيا. أما بالنسبة للمقاتلين، فقد اختار معظمهم البقاء في منازلهم والاستسلام للنظام بدلاً من الفرار إلى إدلب، آخر جيب لقوات المعارضة المسلحة. وقد تم اعتقال بعضهم، على ما يبدو لعملهم مع إسرائيل، بينما انضم آخرون إلى الميليشيات الموالية للنظام أو الجيش السوري نفسه كطريقة لتجنب اضطهاد النظام.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image