هناك اتجاه سائد اليوم للتأكيد على أن الأبطال الخارقين ليسوا حكراً فقط على "الجنس الذكوري" أو من الضروري أن يكونوا قادمين من بلاد الغرب.
ففي الوقت الذي تشق فيه البطلة المسلمة "مارفل" طريقها للظهور على الشاشة في وقتٍ قريبٍ، فإن "إمارة" سبقتها لتكون أول بطلة إماراتية خارقة.
فمن هي هذه البطلة الكرتونية التي حطمت الأفكار النمطية؟ ومن يقف وراءها؟
بطلة بحجاب أزرق
لا تشبه "إمارة"، وهي أول شخصية لبطلة إماراتية خارقة، غيرها من الشخصيات الكرتونية، فهي لا ترتدي الملابس المطاطية أو السراويل الجلدية الضيقة ولا تضع الأقنعة، فقد ظهرت هذه الشخصية الكرتونية بلباسٍ ملتزمٍ وهي تضع حجاباً باللون الأزرق الداكن وتغطي عينيها بنظاراتٍ دائريةٍ كبيرة الحجم. https://youtu.be/0iyD2D4J7yY فور ظهورها للعلن، تمكنت "إمارة" من كسب الاهتمام في جميع أنحاء العالم، وقد نجحت في الدخول بسرعةٍ إلى قلوب الناس، جاذبةً حتى الآن نحو 76 ألف مشترك، وذلك نتيجة الشخصية المركبة التي تتميز بها: ففي النهار هي مجرد شابة مراهقة تدعى "موزا" (19 عاماً)، تضع قلبها وروحها لمساعدة والدتها، أما في الليل فتتحول إلى شخصية البطلة الخارقة التي تتحلى بالشجاعة الكافية لخوض مغامراتٍ مشوقةٍ تهدف إلى محاربة الشر الكامن في الشوارع المزدحمة لدولة الإمارات العربية المتحدة.غالباً ما تتلقى المهيري رسائل من فتياتٍ مسلماتٍ وعربيات يشكرنها فيها على خلق شخصيةٍ يمكن أن يشعرن بارتباطهنّ بها.
بذلت "فاطمة المهيري" قصارى جهدها بهدف وضع الشخصيات العربية النسائية على خريطة الأبطال الخارقين، وكانت البداية من "إمارة".ونتيجة وقوفها بوجه الممارسات الخاطئة، يصبح لدى "إمارة" الكثير من الأعداء الذين يصعب في بعض الأحيان التعرف عليهم فوراً، وعليه يتعيّن على هذه البطلة إتخاذ بعض القرارات الصعبة ومحاولة معرفة من هي الشخصيات التي يمكن الوثوق بها دون غيرها. يعتبر موقع The outerhaven أن سبب نجاح هذا المسلسل يعود إلى الطريقة الرائعة التي تم فيها المزج بين أنماط الرسوم المتحركة الشرقية والغربية، كما أن الحلقات التي تراوح مدتها بين 10 و11 دقيقة تحاكي الإثارة والكوميدية في كل ثانية، خاصة أن لكل شخصية هويتها الخاصة بها، سواء كان ذلك من حيث مظهرها الخارجي أو سماتها الشخصية.
نساء عربيات على خريطة الأبطال الخارقين
إذا قصدنا أي متجر للألعاب نلاحظ أن هناك قسماً خاصاً للذكور فيه أقوى أنواع الأفلام "الأكشن" وأكثرها تشويقاً وإثارةً، مقابل أفلام كرتونية "وردية" تجسد حكايات عشق البطلات الساحرات والنهايات التي غالباً ما تكون سعيدة. يبدو أن هذه الصورة النمطية في طريقها اليوم إلى الزوال، خاصة أن هناك بعض الأشخاص الذين يسعون إلى إحداث تغيير في عالم الأفلام والقضاء على الفكرة الشائعة ومفادها أن الأبطال الخارقين يجب أن يكونوا رجالاً أو منحدرين من الثقافات الغربية. هذا الاعتقاد شكل هاجساً لدى الرسامة الإماراتية "فاطمة المهيري" التي بذلت قصارى جهدها بهدف وضع الشخصيات العربية النسائية على خريطة الأبطال الخارقين، وكانت البداية من "إمارة"، التي لطالما كانت موجودة في عقلها منذ أن كانت طفلة. كانت "المهيري" في الحادية والعشرين من عمرها فقط، عندما طرحت أولى حلقات المسلسل القصير "إمارة" على قناتها على موقع "يوتيوب" في العام 2016. وعن سبب إبتكارها لهذه الشخصية القاسية والمتواضعة في آن واحد، توضح "المهيري" لموقع "سي أن أن" إنه خلال طفولتها لم تستطع أن تجد رابطاً بينها وبين الشخصيات التي كانت تشاهدها على شاشة التلفاز، مؤكدةً أن "إمارة" هي البطلة الخارقة التي تمنتها في صغرها، ولم تتمكن من الحصول عليها: "وها أنا أمنحها للجيل الأصغر". وبالرغم من أنها شخصياً لا ترتدي الحجاب، فإن "فاطمة" جعلت شخصية "إمارة" وبعض الشخصيات الأخرى يغطين رؤوسهنّ بالحجاب، وقد علقت على ذلك بالقول:"أردت أن ترتدي إمارة ملابس محتشمة، إذ ليس هنالك شخصيات رئيسية ترتدي الحجاب في عالم الأبطال الخارقين".تحطيم الصورة النمطية
قررت "المهيري" خلق شخصية البطلة الخارقة "إمارة" أثناء إقامتها في الولايات المتحدة الأميركية، حيث واجهت العديد من الافتراضات الخاطئة التي تدور حول المرأة العربية المسلمة. وفي هذا الصدد تكشف الرسامة الإماراتية أنها غالباً ما كانت تسأل عن سبب امتناعها عن ارتداء الحجاب، فكانت تشرح أن بعض النساء يخترن التعبير عن أنفسهنّ من خلال وضع النقاب، إلا أن القانون لا يفرض عليهنّ ذلك. وعن هذا الموضوع، قالت: "أعتقد أن بقية العالم بحاجة إلى رؤية أوجه تمثيل مناسبة لنا نحن العرب، لأن هناك نسبة كبيرة منهم يسيئون فهمنا أو يسيئون فهم ثقافتنا"، واستدركت:" لا أستطيع أن ألومهم لأننا في الواقع لسنا في وسائل الإعلام الخاصة بهم، كما أننا لسنا في رسومهم المتحركة"."أعتقد أن بقية العالم بحاجة إلى رؤية أوجه تمثيل مناسبة لنا نحن العرب، لأن هناك نسبة كبيرة منهم يسيئون فهمنا أو يسيئون فهم ثقافتنا"من هنا تسعى "فاطمة" إلى ابتكار قصصٍ مثيرةٍ تبرز ببراعة جوانب الثقافة الإماراتية، التي تحاكيها شخصيات ديناميكية ذات سمات إسلامية وعربية:" هناك القليل من القصص عن الحياة الكامنة في الإمارات العربية المتحدة"، مشيرةً إلى أن ما يتم تداوله يختلف كثيراً عن الواقع:" يعتقد الجميع أنه يجب علينا أن نرتدي دوماً النقاب، ولا يمسح لنا بمغادرة منازلنا كما أننا ممنوعات من قيادة السيارة". ومن أجل الوصول إلى جمهورٍ أوسع، أطلقت "فاطمة المهيري" مسلسلها باللغة الإنجليزية والعربية، وباللهجة الإماراتية المحكية، واللافت أن غالبية المشاهدين هم من الولايات المتحدة الأميركية، تليها أميركا الجنوبية وإسبانيا والمملكة العربية السعودية. تكشف "المهيري" أنها غالباً ما تتلقى رسائل من فتياتٍ مسلماتٍ وعربيات يشكرنها فيها على خلق شخصيةٍ يمكن أن يشعرن بارتباطهنّ بها:" لقد كنت في مكانهنّ إذ كنت أبحث عن شيءٍ من هذا القبيل في العروض والأفلام التي كنت أشاهدها، ولكن أن أكون قادرة على إعطاء ذلك لشخص آخر يشكرك على ذلك، فهو شعور لا يمكن وصفه".
بين مارفل و"إمارة"
في سياق الأبطال الخارقين الذين ينوون تغيير الصور النمطية، كانت شركة مارفل بالتعاون مع ديزني، قد كشفت أنها تعتزم تقديم شخصيةٍ مسلمةٍ رئيسية هي "مس مارفل" أو "كمالا خان"، التي تجسد دور طالبة من أصل باكستاني تعتنق الدين الإسلامي وتقيم برفقة عائلتها في ولاية نيو جيرسي الأميركية. أما الهدف فهو إدراج شخصياتٍ من أعراقٍ متعددة وثقافاتٍ مختلفةٍ في عالم مارفل. واللافت أن فاطمة المهيري كانت قد وجهت رسالة خاصّة إلى مارفل جاء فيها: "إن كان بالإمكان إرسال رسالة إلى مارفل فسيكون فيها ما يلي: أبدعتم بتقديم مس مارفل، ولكن هل يمكن أن تقدّموا بطلاً خارقاً عربياً، ويفضل أن تكون سيّدة”. وهكذا تنضم "إمارة" إلى "السيدة مارفل" في إطار معركة تهدف إلى الوقوف بوجه الشكل المألوف للبطلات الخارقات وتحطيم الصور النمطية السلبية المترسخة في الأذهان.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...