عندما دفعت إدارة نادي آرسنال Arsenal الإنكليزي 68 مليون دولار ثمناً لنجم الوسط الألماني مسعود أوزيل Ozil الذي أصبح حينذاك أغلى صفقة في تاريخ الدوري الإنكليزي، ظن عشاق "المدفعجية" أن زمن الصيام عن البطولات والتقنين بالإنفاق قد ولى إلى غير رجعة.
صفقة أوزيل لم تخيب أمل أبناء آرسين فينغر Wenger الذي أصبح عميد البريمير ليغ Premier League بعد اعتزال السير أليكس فيرغسون Ferguson، لكنها لم تكن كافية إلا لإحراز لقب كأس إنكلترا، والتأهل إلى تصفيات دوري أبطال أوروبا، بعد تسع سنوات خلت من أي لقب.
الدفعة الإيجابية التي قدمها المدرب الفرنسي للإدارة المقتنعة به أساساً وفق سياستها التقشفية القائمة على إحراز الحد الأدنى من الأهداف بأقل التكاليف، أغرت ملاك النادي بالاستمرار في عملية تغيير سياسة الإنفاق التي كانت مقيدة ببضعة أمور، أبرزها التكاليف الكبيرة لبناء ستاد الإمارات.
بناء على ذلك، أنفقت إدارة النادي 124 مليون دولار، لشراء 5 لاعبين (سانشيز Sánchez- ديبوتشي Debuchy- أوزبينا Ospina- تشامبرز Chambers- ويلباك Welbeck)، وهذا يشير إلى أن موسم 2014-2015 سيكون الأكثر إنفاقاً في تاريخ النادي اللندني.
هذا الرقم القياسي الذي من المفترض أن يكون طوق نجاة للإدارة الأرسنالية من انتقادات الجماهير، وضع كل الكرات في ملعب المدرب آرسين فينغر الذي أصبح مطالباً بإعادة أحمر مدينة الضباب إلى منصات التتويج الكبرى، بدون الاكتفاء بالكأس الإنكليزية والمقعد الأوروبي، وهو الأمر الذي يبدو أن آرسنال لن يقدر حتى على تكراره.
خروج من كأس الرابطة وفوز بمباراتين فقط من أصل 7 في الدوري المحلي، وخسارة بأداء غاية في السوء أمام بروسيا دورتموند Borussia Dortmund في دوري أبطال أوروبا، هذه كلها معطيات عجّلت بدق ناقوس الخطر، وأكدت أن أي فشل في نهاية الموسم قد يكون لحظة الفراق وانتهاء العلاقة التي بدأت قبل 18 عاماً.
وقد جاءت حادثة التصادم بين فينغر ومورينيو Mourinho في مباراة ديربي لندن الأخيرة، لتصب الزيت على النار، في الوقت الذي وصفها المتابعون والمحللون بأنها أبلغ تعبير عن حالة العجز، التي يعيشها الفرنسي كلما قابل البرتغالي الذي لم يخسر أي مقابلة سابقة أمام آرسنال، إذ فاز سبع مرات وتعادل في خمس. أما أبرز هذه المواجهات فكانت الموسم الماضي عندما أكرم البلوز Chelsea وفاز فينغر في مباراته الرقم 1000 مع الآرسنال وهزمه بسداسية نظيفة.
فينغر الذي لم يخض في حياته كلاعب محترف سوى 80 مباراة أحرز خلالها ستة أهداف فقط، قلل من هول الحادثة واعتبر أنها ليست بذلك السوء الذي يجري تصويره، لكن جماهير الغانرز لن يقبلوا تصريحاً مشابهاً بعد نهاية الموسم، ولسان حالهم يقول إن على من رفض في يوم من الأيام عروضاً لتدريب ريال مدريد والمنتخب الفرنسي، أن يفكر في مستقبله جدياً هذه المرة.
ولأن المصائب لا تأتي منفردة، فإن تصريحاً لفينغر تحول إلى وبال عليه بعد الهزيمة أمام تشلسي، إذ رد على سؤال وجّه إليه في مؤتمر صحافي حول الفرصة التي كان يمتلكها آرسنال باستعادة فابريغاس Fàbregas من برشلونة Barcelona، بالقول: " فابريغاس كان يريد العودة إلى آرسنال، لكن عندما رحل عن الفريق اشترينا مسعود أوزيل، كما أننا نمتلك سانتي كازورلا Cazorla وجاك ويلشير Wilshere ولم نكن بحاجة إلى التعاقد مع لاعب وسط مهاجم".
لم ينتظر فابريغاس طويلاً للرد على عدم حاجة فينغر إليه، إذ صنع هدفاً لدييغو كوستا Costa قاد به كتيبة النجوم الزرقاء للفوز على فريقه السابق، في الوقت الذي ظهر إحصاء زاد ألم فينغر، وقد جاء فيه أن عدد الأهداف التي صنعها فابريغاس هذا الموسم (7) يساوي عدد الأهداف التي صنعها خط وسط آرسنال كاملاً.
قد لا يكون تغيير سياسة البناء والاعتماد على صقل المواهب من قبل فينغر، أمراً سهلاً، وحتى إن كانت هذه السياسة تتم بموافقة الإدارة أو مباركتها، فلن تستطيع الأخيرة إلا أن تقدم فينغر كشماعة تعلق عليها فشلاً محتملاً على الرغم من صرف مبلغ قياسي مرشح للزيادة في الانتقالات الشتوية.
وينبع تخوف جماهير الغانرز من فشل كارثي في هذا الموسم، من التعاقدات الكبيرة التي أبرمها كبار البريمير ليغ (تشلسي– السيتي– ليفربول– اليونايتد)، والتي ستصعب كثيراً من مهمة آرسنال، إن لم نقل بالمنافسة على لقب المسابقة، فعلى الأقل بالحفاظ على المركز المؤهل إلى دوري الأبطال، وهو أمر قد لا يكون كافياً وإن تم تحقيقه.
هذا التخوف قابله فينغر بفريق متذبذب المستوى زاد الطين بلة وساهم في زيادة الاحتقان على الرغم من مرور أسابيع قليلة على بداية الموسم لم يتمكن آرسنال من تسجيل أكثر من 11 هدفاً في الدوري مقابل 9 أهداف سكنت شباكه خلال 7 مباريات فقط، في الوقت الذي لا يزال المدرب متردداً في الاعتماد على شكل تكتيكي واضح. يرى المحللون أن أبرز الأخطاء التي يكابدها الفريق، تكثيف خط الوسط بثلاثة لاعبين يمتلكون خصائص متشابهة (ويلشير- رامزي Ramsey- أوزيل)، وتوظيف الأخير في مركز مغاير لمركزه الذي استطاع من خلاله التفوق على ملوك صناعة اللعب في الدوري الاسباني.
يتمنى عشاق "المدفعجية" أن تقل درجة التشاؤم التي ضربت آمال معظمهم بتقديم موسم مختلف عن سابقيه مع الوصول إلى فترة أعياد الميلاد على الأقل، لكن جميع ردات الفعل التي يظهرها فريقهم في أرض الملعب بعد كل انتكاسة، تشير إلى أن بانتظارهم موسماً قد يفشل فيه آرسنال حتى بالمحافظة على مقعده في دوري الأبطال، يصبح عندئذ الاستغناء عن خدمات المدرب ابن الـ64 عاماً أمراً شبه محتوم في محاولة لضخ فكر تدريبي جديد.
بقي أن نشير إلى أن الأعوام الـ18 التي قضاها فينغر مع آرسنال حتى الآن، أنفق فيها 739 مليون دولار مقابل شراء 110 لاعبين، وقاد الفريق في 1023 مباراة، محققاً 13 لقباً محلياً (الدوري 3 - الكأس 5 - الدرع الخيرية 5).
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...