شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
شاهدوا كأس العالم... كيف يبدو حال مقاتلي داعش الأجانب في سجون سوريا؟

شاهدوا كأس العالم... كيف يبدو حال مقاتلي داعش الأجانب في سجون سوريا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 19 يوليو 201806:30 م
"سجن المقاتلين الأجانب يشكل عبئًا كبيرًا على كاهلنا، لكن علينا قبول ذلك... حتى إن كان علينا أخذ الطعام من جنودنا وإعطائه لهم، سنحتفظ بهم هنا حتى لا يضروا بقية العالم". قال عدنان علي، حارس أحد سجون الحسكة (شمال شرق سوريا)، الذي ارتدى الجينز وقيمصًا منقوشًا، لكنه حذر من أن السجن ستنفذ غرف الاحتجاز فيه، وناشد دول العالم بـ"استعادة مقاتليهم" أو مواطنيهم الذين كانوا يقاتلون في صفوف تنظيم داعش في سوريا. وتدير قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) 7 سجون مؤقتة في شمال سوريا، تضم مئات المقاتلين من قرابة 50 دولة، وذلك بعدما ألقت القبض عليهم خلال معارك خاضتها ضد داعش. كلمات عدنان تُوحي بأن قوات تأمين السجون تبدو كما القابض على الجمر في انتظار اليوم الذي يعود فيه هؤلاء إلى بلادهم. علمًا أن العديد منهم من مصر والمغرب والسعودية وتونس وتركيا، قلما يختلقون المشاكل، رغم أن التوانسة والمغاربة "متطرفون أكثر"، حسب قول مسؤولي السجون.

مدارس الحسكة تتحول إلى سجون لمقاتلي داعش

لكن يبدو أن المقاتلين الأجانب أصبحوا في حكم المنسيين، فلا ترغب دولهم في استعادة "الجاهديون المتجولون" خشية من حشدهم للعنف داخلها، لا سيما الولايات المتحدة التي لا ترغب في تكرار سيناريو جهاديي أفغانستان الذين دعمتهم إبان الغزو السوفياتي، ثم انتقلوا إلى دول أخرى، مثل البوسنة. مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" شارلي سافاج، شارك في جولة نادرة لوفد من الكونجرس الأمريكي كان قد زار اثنين من سجون مقاتلي داعش. وقال إن مسؤولي السجون يحاولون تأمين مقاتلين يشتبه أنهم من عناصر داعش، ويعاملونهم بشكل إنساني "لكن إلى متى؟". بمساعدة أمريكية، حوَلت قوات سوريا الديمقراطية السورية مدرسة سابقة في "عينيسه" بالحسكة، إلى سجن مؤقت لاحتجاز هؤلاء المقاتلين، جعلت جدرانه الإسمنتية شاهقة خلال الشهر الماضي. ولا يزال المبنى المُكون من طابقين يشبه إلى حد كبير المدرسة التي كانت في السابق، لكن الفصول الدراسية مُغلقة بسبب الأبواب السوداء المُقواة، والمقفلة من الخارج. ويفيض حرم المدرسة برجال يحملون بنادق آلية، لجأوا إلى ظلال الجدران الخرسانية من حرارة الشمس. كانت أصوات وأصداء أقدام الزائرين، هي الأصوات الوحيدة في ردهة مُفعمة باللونين الوردي والأبيض، ومملوءة ذات يوم بالتلاميذ، لكن عندما انحنى حارس لفتح نافذة صغيرة في باب غرفة الصف، ظهر وجه رجل في مقابل الفتحة. وخلفه نحو 15 شخصًا كانوا جالسين ويرتدون قمصانًا سوداء بلا أكمام.
"قوات سوريا الديمقراطية" تحتجز نحو 400 سوري متهمين بالانضمام إلى داعش، وفقا لمسؤولين مطلعين،إضافة إلى 593 رجلًا من 47 دولة أخرى، العديد منهم من مصر والمغرب والسعودية وتونس وتركيا.
تتلقى القوات الكردية تهديدات من الجيش التركي وميليشيات المتمردين الأخرى والحكومة السورية المدعومة من روسيا، ما يعني أنها قد تفقد السيطرة على السجون مع احتدام الحرب مع هذه الأطراف.
ويشكل السجناء مُعضلة ليس لها حل سهل، في وقت تبدو بلدانهم الأصلية مُترددة في استعادة مواطنيها "المقاتلين" ووضعهم في سجونها، خاصة أن حكوماتهم تخشى من أن أعضاء داعش المتشددين قد يعمدون إلى تعبئة السجناء المحليين بالتطرف. لكن من غير المحتمل أن تتحمل "سوريا الديمقراطية" عبئهم طويلًا، فيما يدور جدل داخل الحكومة الأمريكية حول ما إذا كان يجب أخذ عدد قليل منهم - إما لمحاكمتهم أمام محكمة مدنية أو إلى سجن جوانتانامو - لكن حتى ذلك يثير الحديث عن مصير البقية. كريستوفر بي كوستا، وهو مدير كبير سابق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، الذي يترأس حاليًا متحف الجواسيس الدولي، يقول إن عدم اليقين يلوح في الأفق باعتباره تهديدًا لبقية العالم، لافتًا إلى "المجاهدين المتجولين" في الثمانينيات الذين قاتلوا في أفغانستان، ثم نشروا "الفوضى الإسلامية" في أماكن مثل البوسنة. وأردف: "لا يمكننا أن نرتكب نفس هذه الأخطاء".

قوات سوريا الديمقراطية "هشة".. واعتبارها "سجَانًا دائمًا" محفوفًا بالمخاطر

"نيويورك تايمز" قالت إن "قوات سوريا الديمقراطية" تحتجز نحو 400 سوري، مُتهمين بالانضمام إلى داعش، وفقا لمسؤولين مطلعين، إضافة إلى 593 رجلًا من 47 دولة أخرى، العديد منهم من مصر والمغرب والسعودية وتونس وتركيا. وحوالي 80 من أوروبا، بما في ذلك نحو 40 روسيًا، وما بين 10 و 15 من فرنسا وألمانيا. ويشير المسؤولون إلى جميع الأسرى الذكور على أنهم "مقاتلون أجانب". ورغم أن داعش وضعت بعض المجندين في وظائف إدارية، إلا أنهم يعتقدون أن معظمهم ساعدوا في القتال بالتزامن مع انهيار ما يسمى بـ"الخلافة". ووفقًا لقائد عسكري، رفض كشف اسمه، قفز عدد قليل من السجناء من ثقب في سجن "عينيسه" في الخريف الماضي. ومنذ ذلك الحين، ساعد الجيش الأمريكي في تعزيز تأمينات السجن بإنفاق نحو 1.6 مليون دولار. ودفعت الولايات المتحدة في رفع الجدران الخرسانية والكاميرات الأمنية وبوابات المداخل وتدريب قوات التأمين. كما ساعدت بحوالي 750 ألف دولار لتجديد سجن حكومي سابق في الحسكة، يضم نحو 1000 معتقل. لكن القائد العسكري حذر من أنه لا يوجد خيار آمن تمامًا. وعلى الرغم من الترقيات الأمنية، لا يتوقع أن تصبح "قوات سوريا الديمقراطية" سجانًا دائمًا، فليس لها حكومة ذات سيادة أو نظام قضائي معترف به. فقد أقامت محاكم خاصة بالإرهاب - وألغت عقوبة الإعدام - لكنها تستخدمها لمقاضاة السوريين فقط، وليس الأجانب. وترى "نيويورك تايمز" أن موقف القوات الجغرافي السياسي يبدو "محفوفًا بالمخاطر"، في حين اتسمت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنبرة متضاربة بشأن سحب القوات الأمريكية من سوريا في وقت قريب. وتتلقى القوات الكردية تهديدات من قبل الجيش التركي وميليشيات المتمردين الأخرى والحكومة السورية المدعومة من روسيا، ما يعني أنها قد تفقد السيطرة على السجون مع احتدام الحرب مع هذه الأطراف. ليندسي جراهام، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، يقول إنه لم يعد يشعر بالقلق حيال الاختراقات أو الانتهاكات، لكنه أصبح أكثر قلقًا بشأن هشاشة موقف القوات الكردية. "السجن أفضل مما كنت أعتقد، لكن الآن أنا قلق من الوضع الأكبر. إن هذه الحالة ليست مُستدامة كما كنت أعتقد. المعتقلون سيكونون في الشارع أو موتى".

السجناء شاهدوا كأس العالم.. والزنازين مكيفة

هافال خبَات، رئيس قسم الاستخبارات الإقليمية في قوات سوريا الديمقراطية، قال إنهم يحاولون جعل ظروف احتجاز السجناء أكثر أمناً وإنسانية "بمواردنا المحدودة". وحسب قوله، يزورهم طبيب مرة واحدة في الأسبوع. ويقضي المعتقلون ساعة في اليوم في فناء مكتظ بالفرش. في حين بدت الزنزانة التي عرضت على الوفد الأمريكية مُكيفة وفيها تلفزيون. وقال "هافال" إن المعتقلين شاهدوا مباريات كأس العالم. وتقوم قوات العمليات الخاصة الأمريكية بزيارة السجون عدة مرات في الأسبوع لتقديم الخبرات حول كيفية تأمينها وتشغيلها، والمساعدة في التعامل مع المعتقلين الجدد باستخدام القياسات الحيوية والاستجواب. وأشار هافال خبات إلى أن معظم معتقلي داعش لم يسببوا إلا القليل من المشاكل، باستثناء حفنة من تونس والمغرب، الذين وصفهم بأنهم "متطرفون أكثر". وأضاف: "عندما يكون لدينا شخص سيىء، نتحدث معه ونضعه في زنزانة معزولة لمدة 24 ساعة". ومن بين السجناء، سجينان في كوباني، هما الشافعي الشيخ وأليكساندا كوتي، اللذان شكلا مع بريطانيين آخرين نصف خلية تابعة لداعش كانت قد احتجزت الرهائن الغربيين وأساءت إليهم، وأطلقوا عليها اسم "البيتلز". وكانت بريطانيا جردتهما في جنسيتهما ورفضت احتجازهما، في وقت يعتقد أنهما شاركا في قتل بعض الضحايا، بما في ذلك الأميركيون، الذين ظهروا في أشرطة فيديو دعائية شنيعة. ومع انتظار قوات سوريا الديمقراطية دعم تأمين السجون، تم الانتهاء من تجديد السجن الحكومي القديم في الحسكة تقريبًا. وسيتم دمج محتجزي ISIS الذكور هناك ابتداء من أغسطس. وتحتجز القوات أيضًا نساء وأطفالًا، يتبعون مقاتلي داعش، في معسكرات النازحين. مع وجود أماكن للمراهقين الذكور. الحارس عدنان علي قال إنه لا يريد أن تصبح الحسكة "مدرسة للإرهابيين"، حيث يصبح السجناء أكثر تطرفًا ويشكلون شبكات، لذلك لن يحصل المحتجزون على مواد دينية معينة. والصلاة الجماعية سيتم حظرها. لكن كجزء من محاولة مساعدة الجهاديين على أن "يفكروا بشكل مختلف"، قال "سنعاملهم مثل البشر"، على عكس الحكومة السورية الوحشية وسجون داعش. سوف يرتدون ملابس عادية ويحصلون على تلفزيون وكتب. ويمكن لعائلات السوريين منهم زيارتهم.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image