شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
فن البنجه: وسيلة للنساء الموريتانيات للتعبير عن الغضب والبوح بالحب وذكر المحبوب سراً

فن البنجه: وسيلة للنساء الموريتانيات للتعبير عن الغضب والبوح بالحب وذكر المحبوب سراً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 9 يوليو 201803:45 م
يعرف فن "البنجه" الشعبي الخاص بالنساء في موريتانيا بأنه وسيلة للتعبير عن الفرح، والبوح بالحب وذكر المحبوب، إذ يشكل غياب الرجال عن حضور سهرات "بنجه" فرصة للنساء ليعبرن عما في أنفسهن من مشاعر، وليبحن بما يخيفن من حب، وكره، وغضب، لن تسمح الفرصة بالتعبير عن ذلك في ظل الاختلاط خلال السهرات الفنية الأخرى. تأخذ عيشة بنت المختار، 55 عاماً، مكانها وسط زميلاتها في إحدى ليالي رقصات "البنجه" الشعبية الخاصة بالنساء داخل منزل بالعاصمة نواكشوط، ويداها تداعبان "الطبل" الآلة الموسيقية الأقدم والأكثر نبلاً لدى الموريتانيين، في جو غنائي يطرب النساء ويعبرن من خلاله عن مكنوناتهن. IMG_0069 تطلق بنت المختار حنجرتها بالغناء رفقة نساء "البنجه" اللواتي تصدح حناجرهن بشكل جماعي متناسق بالغناء على صوت "الطبل". ترافق ذلك الرقصات الفلكلورية الصاخبة التي تعبر عن رغبة جامحة في نثر مكنون الرقص والغناء الذي يظل محرماً اجتماعياً أثناء السهرات الفنية التي يحضرها الرجال والنساء. وترى فاطمة بنت أمبارك رئيسة إحدى فرق "البنجه" أن هذا الفن الشعبي الخاص بالنساء، هو وسيلة للتمرد على الواقع الذي تعد فيه المرأة الموريتانية أسيرة للتقاليد والأعراف التي توجب عليها إظهار الحياء، والتمسك بالموروث الشعبي، والابتعاد عن البوح بالشعور المتعلق بالحب، والغزل، لكي لا تكون عرضة لحديث الآخرين عن انحلالها وخروجها عن المألوف من العادات والتقاليد التي تحظر عليها الحديث بشكل علني عن شريك الحياة.
تكون الكلمات المعبرة عن شعور النسوة في "بنجه" متحررة من القيود التي تحظر عليهن التغني بالاشتياق للمحبوب، والحزن عليه، أو تمجيده، ووصفه بأوصاف غزلية من النوع الجنسي الجلي.
يعتبر فن "بنجه" رغبة نسوية خالصة في الحصول على مزيد من الحرية، والسماح لهن بالبوح عما في مكنون النفس، لجلب الارتياح، وطرد الإحباط، والخجل.
وتؤكد بنت أمبارك أن حضور الرجال لسهرات النساء أو لــ "فن البنجه"، نظراً لما يمثله من فرصة للنساء يختلين فيها مع أنفسهن للتعبير عن الفرح الجياش، أو للتصابي بالماضي والحاضر، وتكون الكلمات المعبرة عن شعور النسوة في "بنجه" متحررة في العادة من القيود التي تحظر عليهن التغني بالاشتياق للمحبوب، والحزن عليه، أو تمجيده، ووصفه بأوصاف غزلية من النوع الجنسي الجلي.

الرغبة في الحرية

تؤدي النساء في موريتانيا حفلات وسهرات ليلية على فن "البنجه" ويؤدين الغناء الشعبي والرقص على الدف، إذ يعتبر فن "بنجه" رغبة نسوية خالصة في الحصول على مزيد من الحرية، والسماح لهن بالبوح عما في مكنون النفس، لجلب الارتياح، وطرد الإحباط، والخجل، وهو أيضاً وسيلة لاحتفال النساء بالزيجات الحديثة.

وسيلة لكسب المال

تعتبر "البنجه" وسيلة لكسب المال بالنسبة لعدد من النساء المتقدمات في السن، إلى جانب كونها فناً شعبياً حديثاً خاصاً بالنساء، إذ تكسب عاملات في مجال فن "البنجه" أموالاً تساعدهن على العيش من خلال تنظيم السهرات والحفلات الفنية داخل بيوتهن، أو الاستجابة لدعوة نساء أخريات يرغبن في إحياء السهرات الفنية في منازلهن رفقة زميلاتهن من أجل الترويح وجلب السعادة للنفس والشعور بالارتياح بعيداً عن الاختلاط. وترى عيشة بنت الطالب، 50 عاماً، (إحدى منعشات فن "البنجه") أن هذا النوع من الرقص والغناء الخاص بالنساء يوفر لها دخلاً مادياً معتبراً، مشيرةً إلى أن العديد من الرفيقات يعتمدن عليها في إنعاش السهرات الليلية والغناء والضرب على الدف، وتلحين أغان من إنتاج نساء "البنجه" اللواتي يعشقنها ويسهرن من أجلها كما يدفعن لأجلها المال وينظمن سمراً ليلياً في منازلهن تمسكاً بفن ظهر حديثاً لكنه ذاع واشتهر لدى نساء موريتانيا.
وتؤكد بنت الطالب أنها تحترف رقصات "البنجه" وأغانيها، وتتلقى دعوات باستمرار إلى البيوت في موريتانيا من أجل أداء الغناء الشعبي والضرب على الدف الذي تتعلق به الكثير من النساء، ويزداد الطلب على حفلات "بنجه" خاصة في المناسبات العائلية، في مجتمع تحتفي نساؤه بالزواج والطلاق على السواء. وتضيف بنت الطالب أن النساء يجتمعن على فن "البنجه" ويباشرن الرقص عليه، حيث تقوم الراقصات بتقديم مهاراتهن على ألحان صديقاتهن، إضافة إلى صوت الدف والغناء والزغاريد والتصفيق الحار.
ويرى الباحث الاجتماعي فتاح ولد الدي أن فن "البنجه" يأخذ الطابع المسرحي، لتثير الأغاني الصاخبة وضرب الدف الحماس في قلوب النساء مما يؤدي إلى بثهن للزغاريد بوتيرة مرتفعة وينطلقن للرقص والغناء الحماسي. ويضيف ولد الدي أن فن "البنجه" تحترفه مجموعة من الفرق الشعبية الموريتانية، وتقوم هذه المجموعات النسائية بأداء رقصات "البنجه" داخل البيوت بأداة موسيقية واحدة هي الطبل، مشدداً على أن فن "البنجه" يعتبر محرماً على معشر الرجال ولا تحضر جلساته وسهراته الليلية سوى النساء فقط". وشهد الفن الموريتاني بشكل عام نهضة كبيرة منذ سنوات مع مجموعات مهتمة بنشره والحفاظ عليه من خلال تنظيم مهرجانات خاصة بالرقص التراثي، وحملات للتعريف به، والعمل إلى جانب السلطات على دعم الفرق الفنية لتنظيم سهرات موسيقية وفنية يستمتع خلالها الجمهور بجميع أنواع الرقص والموسيقى التراثية في البلد. وتوجد في موريتانيا رقصة "الكدرة" أيضاً خاصة بالنساء اللواتي يحرصن خلالها على تناغم بين الحركات والموسيقى وقرع الآلات المستعملة كالطبل وآلة آردين.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image