لا يمكن النظر إلى الجولة التي قام بها مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر إلى الشرق الأوسط مؤخراً من دون الحديث عن الاتفاق الذي تعدّه الإدارة الأمريكية حول السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، والذي صار يعرف إعلامياً بـ"صفقة القرن".
وبدأ كوشنر جولته بزيارة الأردن، وبعدها السعودية، ثم مصر وقطر قبل أن يتوجه إلى إسرائيل، ورافقه في جولته، التي كان ملفها الرئيسي "إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، جيسون غرينبلات، الممثل الأمريكي الخاص للمفاوضات الدولية.
من الأردن إلى إسرائيل
بدأت جولة كوشنر من الأردن، حيث استقبله يوم 19 يونيو العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وبحث معه الوضع الإنساني في غزة ومساعي إدارة ترامب لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأتى هذا اللقاء بعد يوم واحد من لقاء ثنائي جمع العاهل الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وتناول دفع مساعي السلام في المنطقة. كما أن ملك الأردن غادر بلاده في 22 يونيو في زيارة إلى الولايات المتحدة، بهدف لقاء ترامب وعدد من المسؤولين في الكونغرس، لمناقشة قضية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. بعد زيارته للأردن، توجه كوشنر إلى المملكة العربية السعودية، حيث بحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نفس القضية. وبحسب بيان للبيت الأبيض فإن اللقاء تناول "الأوضاع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وتقديم مساعدات إنسانية لغزة". ويوم 21 يونيو، التقى كوشنر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة. وأظهر بيان للرئاسة المصرية أن القضية الفلسطينية كانت الملف الرئيسي الذي جرت مناقشته، إذ استعرض كوشنر "جهود الإدارة الأمريكية واتصالاتها الحالية للدفع قدماً بجهود إعادة مسار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فضلاً عن تحسين الوضع الإنساني في غزة". وأضاف البيان أن السيسي أكد لكوشنر دعم بلاده للجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وذلك طبقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها وعلى أساس حل الدولتين وفقاً لحدود 1967، بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. ومن المهم الإشارة إلى أن لقاء كوشنر وغرينبلات بالسيسي، حضره أيضاً القائم بأعمال رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل. ومعروف أن المخابرات المصرية هي المسؤول الرئيسي في مصر عن الملف الفلسطيني الإسرائيلي. أما في قطر، فقد التقى كوشنر بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء القطرية، جرت في اللقاء "مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، من بينها عملية السلام في الشرق الأوسط، والظروف الإنسانية والمعيشية في قطاع غزة". وقال بيان للبيت الأبيض إن كوشنر ناقش مع أمير قطر "التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين". وبمجرد انتهاء جولة كوشنر في الدول العربية الأربع، توجه الوفد الأمريكي إلى إسرائيل لعقد اجتماعات تستمر يومي 22 و23 يونيو. وبدأت هذه الاجتماعات بالفعل بلقاء جمع أعضاء الوفد بنتانياهو.صفقة القرن باتت أمراً واقعاً؟
تعكف إدارة ترامب على وضع خطة سلام، باتت تُعرف إعلامياً بـ"صفقة القرن"، لكن حتى هذه اللحظة لم تكشف الولايات المتحدة بشكل رسمي عن تفاصيل هذه الصفقة المثيرة للجدل. ويقول الصحافي المختص في الشؤون الدولية أحمد فتح الله لرصيف22 إن الوقت، على ما يبدو، حان للإعلان عن تنفيذ خطة السلام الشرق أوسطية التي قال ترامب خلال حملته الرئاسية إنه سيركز عليها. ويضيف فتح الله: "لا يهم إذا كان الاسم هو صفقة القرن أو خطة السلام الأمريكية، في النهاية هناك اتفاق يتم العمل على فرضه بالقوة، بهدف إغلاق ملف القضية الفلسطينية التي يبدو أنها أصبحت تسبب الضيق لكثير من القادة العرب المهمومين بالفعل بمشاكلهم الداخلية"."هناك اتفاق يتم العمل على فرضه بالقوة، بهدف إغلاق ملف القضية الفلسطينية التي يبدو إنها أصبحت تسبب الضيق لكثير من القادة العرب المهمومين بالفعل بمشاكلهم الداخلية"
كوشنر يلتقي قادة عرب... وتوقعات بأن يتم الإعلان عن "صفقة القرن" رسمياً خلال العام 2018، وبأن يتشابه الاعتراض عليها مع الاعتراض على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أي مجرد إدانات بلا فعلوبحسب الصحافي المصري، اختار الرئيس الأمريكي الوقت المناسب لتنفيذ هذا الاتفاق، فالعرب بالفعل مشغولون حالياً بشكل غير مسبوق بأزماتهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، "ويجب أن نعترف أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية لدول عدة". وتظهر بعض التقارير الإعلامية أن ما بات يُعرف بصفقة القرن يتضمن إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ) و(ب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية. وتظهر ملامح هذه الصفقة أن الدول المانحة ستوفر نحو 10 مليارات دولار لإقامة الدولة الفلسطينية وبنيتها التحتية، ومنها مطار وميناء بحري في غزة، إلى جانب مشاريع للإسكان والزراعة ومناطق صناعية ومدن جديدة. وتتضمن صفقة القرن أيضاً بدء مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية. ويتوقع فتح الله أن يتم الإعلان عن صفقة القرن رسمياً خلال العام 2018، مضيفاً أن الاعتراض عليها سيتشابه مع الاعتراض على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مجرد احتجاجات وإدانات لن تغير من الواقع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...