الطقس العاصف لمدينة سان بطرسبرج لم يكن في الحسبان ، تماما مثلما لم يتوقع أحد أن يكون النشيد المصري في ملعب " كريستوفسكي "بهذا الصدى، صدى لم يتكرر في خمس سنوات من كرة القدم في ملاعب مصر سوى مرتين أو ثلاثة..
من وصفوا بالـ"مسيطرين" في إحدى إعلانات رمضان وصلوا بالفعل إلى روسيا ووصل عددهم في مدرجات الملعب إلى مايزيد عن ثلاثين ألفا، لكن لم يبد أبدا أن هذه السيطرة يمكن أن تنتقل إلى أرض الملعب، في أي لحظة من عمر مشاركة المصريين في مونديال غابوا عنه لما يزيد عن ربع قرن.
وجه واحد امتلكه هيكتور كوبر منذ أن تولى تدريب منتخب مصري فشل في التأهل ثلاث مرات متتالية إلى أمم أفريقيا، وصل بماض ناجح مبني على أفكار جافة إلى مصر في ظرف تلعب فيه الكرة في صوبات بلاستيكية يمكن سماع صدى صوت مدربيها مدويا إلى جوار حنجرة المعلق أيمن الكاشف.
تلك الصرامة في التعبير عن الأفكار التقت مع جيل أكثر تطلعا من سابقه، لتعيد الفريق للوصول لأمم أفريقيا حتى وإن كان الثمن التضحية بقائد الفريق المحبوب جماهيريا والذي ظلت المطالبات بعودته للتشكيلة فقرة ثابتة حتى مباراة اعتزاله.
نفس الوجه الصارم الذي وصل لنهائي أفريقيا بكهل في الخامسة والأربعين في المرمى وتشكيلة بلا مهاجمين تقريبا. في ظل استبعاد أغضب هذه المرة جمهور الفريق الآخر ودفع بمصطلح "لا مش متابع والله" إلى صدارة صفحات الكوميديا المصرية.
هو ذاته الوجه الذي يخرج بالنهاية الحزينة في نهائيات أوروبية في برمنجهام وباريس وميلانو في قيادة فرق مغمورة على مستوى القارة كمايوركا وفالنسيا، لاعنا حظا لم يتوقف عن إدارة ظهره له في المشهد الأخير متى شهده سواء كان في روما أو ليبرفيل، قبل أن يحتضنه في مباراة الكونغو ببرج العرب مانحا إياه ضربة جزاء في الثانية الأخيرة أعطته "رتبة" من وصل بمصر إلى كأس العالم.
في افتتاح مباريات مصر في المونديال في مدينة يكاتنبورج كان الرجل وفيا لنفس الوجه، الفريق الذي لايتوقف عن الدفاع يبدو في طريقه لخطف نقطة تاريخية من لويس سواريز ورفاقه ... ففي غياب صلاح الذي رفع كل الطموحات وجعل الكاميرات تترقب وصول الفراعنة إلى روسيا كان منطقيا أن يدافع أمام خبرة أوروغواي من دافع على أرضه أمام أوغندا والكونغو، مثلما كان منطقيا أن تنهي الأوروغواي المباراة بكرة كانت دائما نقطة قوتهم مثلما كانت نقطة ضعف الفراعنة الذين كان أكثرهم تفاؤلا يعتقد أن كوبر قد خبأ طلقته الوحيدة في مسدسه للعبة توقعها مورينيو أن تكون حاسمة في مصير التأهل مع الروس بعد عدة ايام.
الروليت الروسي الذي لم يلعبه كوبر بينما كان يسير المباراة لضربات الترجيح مدربا لفالنسيا في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ... أو بينما كان يرى لاتسيو الإيطالي وهو يتأهب لخطف كأس أوروبا من ناديه مايوركا في نهائي العام 1999، لم يكن ليلعبه في ليلة ممطرة على أرض ستاد سان بطرسبرج.
الروس المنتشون بخماسية الافتتاح أدركوا أن مسدس الأرجنتيني لايحتوى حتى على طلقة صوتية لم تكن لتخترع نفسها في بطولة محلية يتصدر الأجانب أعلى خمسة مراكز في قائمة هدافيها... مع انطلاق المباراة أدركوا أيضا أن سيرجيو راموس كان قد تكفل في كييف بإبطال مفعول رأس نووية تحمل الرقم 10 خطورتها مع ليفربول هي من منحت الجميع حق الحلم بمشاركة تاريخية.
أدرك أبناء تشيرشيسوف أن الرجل لم يكن ليغير أسلوبه حتى وإن كلفه ذلك المزيد من اللعنات عبر مدرجات الانترنت فضغطوا كما ينبغي لصاحب الارض أن يفعل، مستندين على تاريخ كانت فيه جنوب أفريقيا استثناءا
وحيدا في عشرين نسخة للمونديال كمنظم يودع من الدور الاول، وسريعا كانت النتيجة ثلاث علامات في شباك الشناوي كانت أكثر ألما بالتأكيد من انتقاد لرفضه استلام جائزة رجل المباراة، لم يتبق بعد ذلك سوى بقية من روح كانت كافية فقط لكي يضع من استحق التواجد في كأس العالم بصمة في المونديال، بينما كانت اللعنات من نصيب كوبر وحده، على غياب وجه لم يظهر أبدا في مسيرته ما يدل على أنه يمكنه إظهاره في لحظة ما.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين