شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"خليه يغني بوحدو"... حملة "مغربية" لمقاطعة مهرجان موازين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 19 يونيو 201810:53 ص
"خليه يغني بوحدو" أي "دعه يغني وحده"، تحت هذا الشعار دشن نشطاء مغاربة على شبكات التواصل الاجتماعي حملة تدعو إلى مقاطعة أضخم مهرجان في المملكة المغربية. مهرجان "موازين"، الذي لطالما أثار الجدل في المغرب يواجه هذه السنة كابوس "حملة المقاطعة"، تزامناً مع استمرار مقاطعة منتجات ثلاث شركات تنتج الماء المعدني والحليب والمحروقات لشهرين متتاليين؛ مأزق دفع منظمي المهرجان في سابقة هي الأولى من نوعها إلى الإعلان عن تنظيم عروض استباقية للانطلاقة الرسمية لموازين بالمجان لثلاثة أيام متتالية، وفق ما ذكره بيان أصدرته إدارة المهرجان يوم 8 يونيو الجاري؛ وهو ما اعتبره المتتبعون محاولة لجس نبض المغاربة الذين عبّروا عن امتعاضهم من تنظيم هذا الحدث الفني الكبير الذي يكلف الكثير من مال الدولة، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اجتماعية غير مسبوقة.

مهرجان الملك

بشكل مفاجئ، أصدرت جمعية "مغرب الثقافات" يوم 27 يوليو 2015، بياناً مقتضباً جاء فيه:”قرر السيد محمد منير الماجيدي تسليم مشعل رئاسة جمعية مغرب الثقافات إلى السيد عبد السلام أحيزون" . هكذا تم الإعلان عن تخلي منير الماجيدي الذي يشغل مهمة السكرتير الخاص للملك محمد السادس، عن مهمته كرئيس لجمعية "مغرب الثقافات" التي تقف وراء أكبر حدث موسيقي في المغرب وإفريقيا، مهرجان "موازين إيقاعات العالم" ، ليتسلم رجل آخر اسمه أحيزون مقود الجمعية، إلى جانب مهمته كرئيس شركة "اتصالات المغرب"، المساند الرسمي للمهرجان منذ انطلاقه قبل سبعة عشر عاماً. لكن مهلاً، يجب وضع رحيل الماجيدي في سياقه. فخلال تلك السنة، أثار مهرجان موازين الكثير من الجدل بسبب الحفل الذي أحيته المغنية الأمريكية الشهيرة جنيفر لوبيز بعد ظهورها بلباس اعتبر "غير محتشم"، خاصة أن حفلها جرى بثه على التلفزيون المغربي، الأمر الذي تسبب في حدوث أزمة سياسية وإعلامية "قلبت موازين" المملكة، بعد أن كتب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، برئاسة عبد الإله ابن كيران، على موقعه الرسمي بأن جنيفر لوبيز "كانت ترتدي ملابس جد مخلة بالحياء، وتقوم بحركات جنسية، تتنافى مع عادات وتقاليد المغاربة"، ليقوم لاحقاً رئيس الحكومة بمراسلة "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري" بشأن ما قيل بأنها “سهرة تضمنت مشاهد ذات إيحاءات جنسية مخلة بالحياء ومستفزة للقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع المغربي، وصادمة لشعور المشاهدين"، مع مطالبته بمعاقبة كل المسؤولين عما اعتبره “تقصيراً” من طرف القناة المغربية الثانية التي بثت الحفل. من خلال إعادة تركيب الأحداث، يبدو أن المؤسسة الملكية لم تعد لها الرغبة في تحمل "صداع الرأس" السنوي الذي يخلفه المهرجان بعد كل نسخة، خاصة بعد سنة 2011 التي عُرفت بإطلاق ما سمي بـ "الحملة الوطنية لإلغاء مهرجان موازين" ، ليتقرر الإعلان عن تخلي الكاتب الخاص للملك عن مهامه داخل الجمعية والمهرجان لمصلحة رجل هو الآخر يوصف بأنه مقرب من دوائر القرار نظراً لترؤسه شركة الاتصالات المغربية، لكنه بعيد نوعاً ما عن الدائرة المتحلقة حول الملك. معنى ذلك أن العاهل المغربي قد قرر أن يضع حداً لعلاقته المباشرة بالمهرجان، أولاً لأنه يحمل صفة "أمير المؤمنين"، وثانياً بسبب التكلفة السلبية التي أضحت تتكبدها الملكية بسبب المهرجان .
المغاربة الذين ينتقدون مهرجان "موازين" لا ينتقدون الفن في حد ذاته بقدر ما يعبرون عن سخطهم من رعاية كبرى الشركات المغربية لجمعية "مغرب الثقافات" التي تنظم المهرجان… لذلك "خليه يغني بوحدو".
في 2011، أثار لباس "جنيفر لوبيز" غير المحتشم الجدل وقلب "الموازين" في مهرجان موازين... أما هذا العام فالمقاطعة أتت لسبب آخر، هو التبذير في المهرجان!
"موازين" الذي ستنطلق بحر هذا الأسبوع فعاليات دورته السابعة عشرة ، يعد من أشهر المواعيد الموسيقية العالمية منذ انطلاقته في العام 2001 بميزانية ضخمة وحضور جماهيري قياسي تخطى كل التوقعات، جاء بعد عام ونصف من تولي محمد السادس تدبير شؤون المملكة في سياق اتسم بالأساس بمحاربة التطرف والمد الإسلامي الذي كان قد بدأ في إيجاد طريقه نحو البلاد، ليرتبط "موازين" منذ ذلك الحين بالملك الذي أولى اهتمامه بالمهرجان بـ "رعايته السامية" ، بالإضافة إلى حرص أفراد العائلة الملكية على حضور بعض السهرات التي يحييها أشهر الفنانين العالميين على مدار أسبوع كامل في العاصمة الرباط.

فن أم تبذير للمال العام؟

المغاربة الذين ينتقدون مهرجان "موازين" لا ينتقدون الفن في حد ذاته بقدر ما يعبرون عن سخطهم من رعاية كبرى الشركات المغربية لجمعية "مغرب الثقافات" التي تنظم المهرجان، إذ تخصص مؤسسات إستراتيجية تابعة للدولة ميزانيات مهمة لدعم المهرجان، من ضمنها "الصندوق الوطني للإيداع والتدبير" و "المكتب الشريف للفوسفاط" و"الخطوط الملكية المغربية" وغيرها من المؤسسات الحكومية، وهو الأمر الذي يثير امتعاض المواطنين والنشطاء الذين لا يخفون عدم اتفاقهم مع السياسة المتعبة في تمويل المهرجان. المطربة المغربية لطيفة رأفت، وفور انطلاق الدعوة إلى مقاطعة المهرجان، سارعت عبر صفحتها في فيسبوك للإعلان عن عدم مشاركتها في المهرجان "حتى تتم تسوية الأوضاع في المغرب"، مضيفةً أن "أموال موازين هناك مجالات كثيرة أولى بها". وتعرف نسخة مهرجان "موازين" لهذا العام مشاركة نجوم عالميين أمثال المغني البورتوريكي لويس فونسي صاحب أغنية "ديسباسيتو" ، إلى جانب حضور أبرز المغنيين العرب ككاظم الساهر وملحم زين ووائل جسار والديفا اللبنانية نانسي عجرم والإماراتية.  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image