"ممنوع تجوّل العمال الأجانب حتى السادسة صباحًا"، لافتة ظهرت لثوانٍ معدودة في مشهد من المسلسل اللبناني "طريق"، فأثارت حالة من الجدل والاستياء لدى لبنانيين وسوريين أعربوا عن غضبهم من العبارة "العنصرية".
وعلى وقع الاقتتال الدموي الدائر في بلادهم، واجه السوريون المنتشرون في لبنان أوضاعًا معيشية واجتماعية صعبة، مصحوبة بموجة متصاعدة من مشاعر الكراهية والعنصرية ضدهم.
صناع المسلسل، وغالبيتهم سوريون، نفوا أن يكون ظهور اللافتة مقصودًا أو أن يكونوا قد وضعوها لتلقطها كاميرات المصورين.
وقصة "طريق" مُقتبسة من رواية "الشريدة" للأديب العالمي نجيب محفوظ، وسبق أن تحولت لفيلم في العام 1980، حيث أصبح من أيقونات السينما المصرية، ولعب بطولته وقتها نجلاء فتحي ومحمود ياسين.
ما قصة اللافتة؟
في الحلقة الثانية من المسلسل، ظهرت الممثلة زينة مكي وهي تجري في إحدى الضواحي، وفي المشهد بدت لافتة كبيرة كُتب عليها "ممنوع تجوّل العمال الأجانب حتى 6 صباحًا". فعليًا، هنالك لافتات مماثلة في أحياء وبلدات لبنانية عدة. لا تقيد حركة السوريين، لكنها توصمهم بعبارات عنصرية وصولاً إلى مطالبتهم بالرحيل عن البلاد. وفي أكتوبر 2014، نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بفرض حظر تجول ليلي على المواطنين السوريين في لبنان، ورأت أن هذا يخالف القانون ويسهم في إيجاد مناخ "يشجع على التمييز وعلى ردود فعل سلبية" ضدهم، بحسب تقرير المنظمة. وبيّنت المنظمة أنها "أحصت 45 بلدية على الأقل في مناطق مختلفة من لبنان تفرض حظر تجول على العمال الأجانب"، أي السوريين، أما أصحاب الجنسيات الأخرى فيتمتعون بحرية التنقل من دون قيود. وتخلل فرض حظر التجول "دون أسس قانونية" استخدام عناصر الشرطة الضرب والإهانة للسوريين، وذلك بعد مواجهات في بلدة عرسال الحدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن مخيمات للاجئين داخل البلدة، وتسببت بمقتل عشرين عسكريًا و16 مدنيًا. ودام التعامل العنصري طوال السنوات الماضية في الشوارع والمناطق العامة وأماكن العمل، فضلاً عما أظهرته لقطات مصورة انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، لاعتداءات وحشية على أطفال ونساء وشباب سوريين. وفي ديسمبر الماضي، قالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، إن عدد اللاجئين السوريين في لبنان تراجع لأقل من مليون للمرة الأولى منذ عام 2014.صنَاع المسلسل: لا نُنكر العنصرية في لبنان
افتراضيًا، استنكر مستخدمو الشبكات الاجتماعية ظهور اللافتة "العنصرية" في المسلسل، ونفى صناع "طريق" تعمدهم إدراجها في أحد المشاهد، إلا أنهم اعترفوا بوجود مثل هذه الممارسات على أرض الواقع. منتج المسلسل، صادق الصبّاح، قال لصحيفة "النهار" إن نقاشَا جرى بينه وبين مخرجة المسلسل رشا شربتجي لإمكان إخضاع هذه الثواني للمونتاج تفادياً للغطٍ أو جدلٍ حين يُعرض المسلسل، لكنّ القرار كان إبقاء الأمور على طبيعتها، "ففي النهاية، نحن نصوّر في لبنان، وهذه اللافتة وضعتها إحدى البلديات بعد حادثة في القرية تسبّب بها سوريون. هذه حقيقة موجودة في بعض القرى حتى اليوم، ونحن لسنا نتّخذ موقفاً بالتأييد أو الرفض، بل فقط ننقل ما يجري". "هذه اللافتات موجودة في الشارع، ولسنا نتبنّاها. لا نستطيع إنكار المناخ العام في لبنان، البلد الذي تجري فيه حوادث المسلسل. مدّة المشهد أقلّ من ثوانٍ، فلم نجد ضرورة لإعارته اهتماماً. اتّهامنا بالعنصرية باطل. أنا منتج عربي، لا أعمل من منطلق هوية أو سياسة أو دين أو مذهب. أترك الواقع كما هو"، وفق الصباح. أما مخرجة العمل السورية رشا شربتجي، فقالت لصحيفة "الأخبار": "لكي أكون صادقة لم يكن الأمر مقصوداً إطلاقاً، ولم أنتبه للافتة، ومسلسلنا ينأى بنفسه عن أي توجّه سياسي. فوجئتُ بمرور اللافتة أثناء العرض. وعند التصوير، أذكر أنني كنت داخل ميكروباص وأمام مونيتور صغير، وهذا ما حصل». ورأى بطل "طريق" الفنان عابد فهد أن «الأمر لا يستحق أن يضاء عليه، أو أن يثار في الإعلام، لأن حكايتنا لا تدعو لأي طرف سياسي، وبعيدة تماماً عن هذه الأجواء، فمن غير الممكن أن نضع يافطة مثل تلك».رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...