شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
رسالة من اِمرأة عربية شابة: عزيزي دونالد ترامب...

رسالة من اِمرأة عربية شابة: عزيزي دونالد ترامب...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 12 يناير 201803:38 م
عزيزي دونالد ترامب، ستبدو كلماتي لك مكررة، فلا بد أنك قد سمعتها مراراً وتكراراً من شاشات التلفاز، يرددها مرتادو تويتر، وفيسبوك، وريديت، وسائر المنصات التي أتاحت مساحات يعبر فيها الناس عن آرائهم. اِسمح لي أن أكون ضمن هؤلاء، وأن أعتلي تلك المنصات. فلنتحدث معاً قليلاً، لأن هناك بعض الأمور التي أجدها مضحكة وأرغب قي إطلاعك عليها.
لقد أغضبت الكثيرين ممن هم حولي في الآونة الأخيرة. وباعتباري امرأة عربية تعيش في بلد عربي مسلم، فقد كان لخبر نقل السفارة للقدس وقع الصدمة. لأصارحك القول إن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يكن من بين جميع قراراتك، الأكثر إساءة لي شخصياً. ولا حتى اعتبارك وطني وأوطان ملايين الأشخاص "بلاداً قذرة". يقتضي الأمر أكثر من مجرد شرح على الطريقة الذكورية لإثارة غضب هذه الشابة العربية. يحق لي أن أصف وطني بالمكان القذر، ولكن لا يحق لك ذلك إطلاقاً. إن لم تكن جزءاً من مجتمع ما، جزءاً من امتيازاته وصراعاته، إلزم الصمت ولا تتحدث عنه، وكن شاكراً أننا لا نزال نرغب في زيارة بلادك التي تحولها، للأسف، إلى "بلاد قذرة". لست غاضبة. أعتقد فقط أن الأمر مضحك، كما تعلم.
يضحكني أنه إذا ارتكب أي شخص في العالم نصف الهراء الذي ترتكبه كل أسبوع، فسوف يُسخر منه، ويتم طرده من العمل، واعتقاله، ونبذه اجتماعياً أسرع من تلك المرة التي أمسكوا بي فيها وأنا أتعاطى المخدرات في المكتب. أعتقد كذلك أنه من المضحك أن تواطؤك المزعوم مع روسيا يمكن اعتباره خيانة وتآمراً لولا أن تلك الأخبار تطغى عليها خطبك وسياساتك التي تملؤها الحماقات. أجد هذا الأمر مضحكاً.
عزيزي ترامب، يحق لي أن أصف وطني بالمكان القذر، ولكن لا يحق لك ذلك إطلاقاً...
عزيزي ترامب... يضحكني أنه إذا ارتكب أي شخص في العالم نصف الهراء الذي ترتكبه كل أسبوع، فسوف يتم طرده من العمل، واعتقاله، ونبذه اجتماعياً أسرع من تلك المرة التي أمسكوا بي فيها وأنا أتعاطى المخدرات في المكتب
من المضحك أن بيل كلينتون تمت مساءلته لتورطه في علاقة مع متدربة، في حين أنه قد جرى انتخابك بعد اتهامك بالعديد من حوادث سوء السلوك الجنسي الضخمة، تم تصوير أحدها تليفزيونياً. لم تكن فضيحة اندلعت أخبارها وأنت في منصبك، بل كانوا يعرفون ما فعلت، ومع ذلك سمحوا لك بأن تكون رئيساً. لقد رفضت السفارة حصولي على تأشيرة لأنهم بحثوا عن خلفيتي الجنائية. لم يُسمح لي بدخول بلدك لأنني ارتكبت بضعة أمور لا يمكن مقارنتها بالجرائم التي تشتهر بها، ولكنك الرئيس الآن. أعتقد أن هذا الأمر مضحك أيضاً. الأمر مضحك، كما تعلم. مضحك مثلما كانت حملتك الانتخابية، قبل أن تصبح حقيقية ومخيفة. مضحك مثل وجود الكثير من الناس، الحقيقيين، الطبيعيين،  الذين يتنفسون، ويتناولون الطعام، وينامون، ويتفقون معك ويدعمونك. مضحك مثل تظاهرك بعدم تصديق وجود ظاهرة الاحتباس الحراري. مضحك بل مخيف. من المضحك والمخيف أني، بمجرد انتخابك، توقفتُ عن التقدم للحصول على التدريب والوظائف والمنح الدراسية في الولايات المتحدة الأمريكية. لم أؤمن يوماً بالحلم الأمريكي، لأنني لست من هذا النوع من الحالمين، ولكنني اعتقدت دائماً أن هناك فرصة لحياة أكثر راحة في الولايات المتحدة. اعتقدت دائماً أن بإمكاني الذهاب إلى هناك، حيث لن يتم اعتقالي لكوني ملحدة أو لممارستي الجنس قبل الزواج، حيث لن يمنعني أحد من إجراء عملية إجهاض آمنة، ولن يكرهني أحد لأنني أحب شخصاً من نفس الجنس، وحيث لا أحد يعتقد حقاً أنني خطر بسبب عرقي. ثم جئت أنت، وأدركتُ أنني كنت مخطئة، وأنني لست موضع ترحيب هناك لنفس الأسباب التي تجعلني غير مرحب بي هنا ولأسباب إضافية أيضاً. أجد الأمر مخيفاً، أعني مضحكاً. ومن المضحك والمخيف أن لا شيء يهم بعد الآن. لا يهم ما تقوله، ولا ما تفعله، ولا ما تؤمن به، لا شيء. يضحكني فقط أنك بطريقة أو بأخرى قد أعطيت رؤيتي العدمية للأمور أسباباً حقيقية. أنت الرئيس الآن، ولا شيء يهم. تفضلوا بقبول فائق الاحترام، امرأة عربية شابة

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image