في الرابع عشر من الشهر الجاري سُجلت أول حالة وفاة بفيروس H1N1 لعام 2017 في المملكة الأردنية.
كانت المصابة سيدة ثلاثينية، أماً لأربعة أطفال، وحاملاً بالخامس، من سكان لواء الجفر في البادية الجنوبية بمحافظة معان جنوب الأردن.
أدخلت الأم إلى مستشفى معان الحكومي في العاشر من ديسمبر، ثم أحيلت إلى مستشفى بالعاصمة عمان لتلقي العلاج، نظراً لحاجتها إلى عناية خاصة بسبب الحمل، لكنها فارقت الحياة عقب أربعة أيام، وقد نقلت العدوى لأطفالها الأربعة، الذين وُضعوا تحت الحجر الصحي إلى أن تماثلوا للشفاء.
تتركز الإصابات في منطقة الجفر تحديداً، مع تسجيل إصابات متفرقة بالمرض في مدن أخرى من المملكة، كالعاصمة والزرقاء وإربد والرمثا، حيث يرقد 12 مصاباً - على الأقل - على أسرة الشفاء في مستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي في الرمثا شمال المملكة، بحسب اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة.
H1N1 هو النمط الفرعي من فيروسات إنفلونزا الخنازير. إنه مرض تنفسي حاد وشديد العدوى، يصيب الخنازير، ويسبّبه واحد أو أكثر من فيروسات إنفلونزا الخنازير من النمط A. يتسم هذا المرض عادة بمعدلات مراضة عالية، ومعدلات إماتة منخفضة تراوح بين 1% إلى 4% بحسب منظمة الصحة العالمية.
تتشابه الأعراض السريرية لهذا المرض بحسب بيانات المنظمة مع أعراض الإنفلونزا الموسمية، وتراوح ارتدادته بين عدوى عديمة الأعراض والتهاب رئوي يؤدي إلى الوفاة.
تبدأ الأعراض بالظهور بعد انتهاء فترة الحضانة التي تمتد من يوم إلى أربعة أيام. خلال هذه الفترة يكون الشخص حاملاً للفيروس ومصدراً لنشره، لكنه لا يعاني من أي من مظاهر المرض الى أن تظهر عليه الأعراض، التي تتصف بحرارة شديدة، وألم بالحلق، وشعور بالإعياء، والتهاب في الصدر مما يؤدي إلى ضيق في النفس، وفقاً للطبيب وائل الهياجنة، عميد كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
الجفر: عدد الحالات في ازدياد
كشف مدير مستشفى معان الحكومي الدكتور وليد الرواد أن 21 حالة أدخلت إلى المستشفى، خلال الأسبوع المنصرم، للاشتباه بإصابتها بانفلونزا الخنازير.وبحسب الرواد، فإن 12 مصاباً ثبت أنهم يحملون فيروس H1N1، ويتلقون العلاج اللازم في المستشفى، بينما خرج 14 شخصاً بصحة جيدة.
ويعتبر مستشفى معان الحكومي الأقرب إلى لواء الجفر الذي ينتشر فيه الفيروس، وقد اندفع السكان إلى المراجعة والكشف بأعداد كبيرة، خاصة بعد تسجيل حالة الوفاة الأولى بالمرض.
يروي سكان المنطقة أن عدد الإصابات الفعلي يفوق الأرقام التي تتحدث عنها إدراة المستشفى ووزارة الصحة، إذ توجه قسم كبير من المرضى إلى مستشفيات خاصة لتلقي العلاج بعد ظهور أعراض المرض عليهم.
يقول رئيس بلدية الجفر فواز مليحان النواصرة إن حالة من القلق والخوف تسود القضاء نتيجة ارتفاع عدد المصابين بانفلونزا الخنازير، مؤكداً أنّ أعدادا كبيرة من السكان يؤمون المركز الصحي يومياً، منهم من تكون حالته بسيطة ويُعطى العلاج ويصرف إلى منزله، ومنهم من يحال إلى مستشفى معان الحكومي الذي يبعد 70 كيلومتراً عن الجفر، بسبب افتقار القضاء للمستشفيات والخدمات الصحيّة.
وأعرب النواصرة عن قلقه من انتشار المرض بين أهالي الجفر، وعددهم 15000 نسمة، وانتقاله إلى مناطق أخرى أيضاً عبر المرضى الذين يحالون إلى المستشفيات في المناطق المجاورة، مشيراً إلى أن إصابات جديدة تُسجل يومياً في الجفر، وهناك حالات معتدلة أو عديمة الأعراض لم يكشف عنها، لذلك فإن حجم المرض الحقيقي مازال مجهولاً على حدّ قوله.
ويؤكد الرواد توافر العلاج اللازم للفيروس بكميات كبيرة في مستشفى معان الحكومي، بينما يطالب سكان الجفر بمستشفى ميداني للسيطرة على انتشار الفيروس الذي بات يؤرقهم، كون مستشفى معان الحكومي لم يعد قادراً على تحمل الأعداد الكبيرة التي تراجعه.
هناك ازدياد في عدد الحالات المصابة بإنفلونزا الخنازير في الأردن مقارنة بالأعوام السابقة... ما مدى خطورة الوضع وهل تولي وزارة الصحة الأمر العناية اللازمة؟
الأطفال الأكثر إصابة
يعدّ الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل، بالإضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة، من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالفيروس، الذي يكون تأثيره عليهم أكثر خطورة بسبب تدني مناعتهم وفقاً لرئيس قسم الأمراض السارية في وزارة الصحة سلطان القصراوي.
من بين 21 حالة أدخلت إلى مستشفى معان الحكومي، سُجل 17 طفلاً مصاباً بفيروس H1N1، وأربع حالات من النساء، استناداً لاحصاءات إدارة مستشفى معان، وقد توفي أحد الأطفال المصابين في الخامس عشر من الشهر الجاري، بينما تعافى شقيقه المصاب بالعدوى نفسها، في حين ترفض وزارة الصحة الكشف عن السبب الحقيقي لوفاة الطفل خوفاً من نشر الذعر بين الناس، بحسب النواصرة.
ونتيجة لذلك، امتنع أولياء الأمور في الجفر عن إرسال أبنائهم إلى المدارس لليوم الخامس على التوالي، خوفاً من إصابتهم بالعدوى، إذ تعتبر المدارس وأمكنة التجمع في هذه الحالات مصدراً لتناقل المرض، علماً أن هناك 2700 طالب/ة موزعين على 7 مدارس في الجفر.
ووفقاً للنواصرة فقد توقف مستشفى معان عن استقبال الحالات من الأطفال خصوصاً بسبب اكتظاظ قسم العزل، مما استدعى تحويلهم إلى مشافٍ أخرى في مناطق مجاورة.
وفي الوقت الذي يزداد فيه معدل العدوى بين الأطفال تتلكؤ وزارة الصحة في اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الفيروس، فلم تقم بتوزيع الكمامات على المدارس حتى اليوم، على الرغم من ضرورة التعامل بشفافية مع الأمراض السارية للتقليل من مخاطرها وكبح انتشارها.
"الصحة" تتساهل
تقرّ وزارة الصحة الأردنية بازدياد عدد الحالات المصابة بفيروس H1N1 هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، وقد ترأس وزير الصحة الأردني محمود الشياب اجتماعاً طارئاً للجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة لمناقشة العدد المتزايد من حالات الأنفلونزا، والتي أطلقت عليها الوزارة "إنفلونزا موسمية" تقترن عادة بفصل الشتاء، داعيةً إلى تجنب الأماكن المزدحمة التي تساعد على تسريع انتقال العدوى.
ورغم عدد الإصابات المتزايد، فإن وزارة الصحة ما زالت تعتبر انتشار الفيروس طبيعياً في هذا الوقت، وربط الناطق الإعلامي للوزارة حاتم الأزرعي الحالة المرضية في الأردن بالوضع العالمي، مبيّناً أن عدد الحالات المصابة ازداد هذا العام في غرب آسيا ودول شرق المتوسط، بحسب آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية صدر في مطلع الشهر الجاري.
ويعتبر عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة وعميد كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا وائل الهياجنة أن H1N1 أصبح فيروساً موسمياً، لكن الحالات المسجلة لهذا العام أعلى من السابق، مشيراً إلى وجود بروتوكول علاجي معتمد من قبل اللجنة، ومعمم على جميع المستشفيات الحكومية والخاصة في المملكة.
مخاطر انتشار المرض
ظهر فيروس H1N1 في الأردن لأول مرة عام 2009 مسبباً 16 حالة وفاة، ولم تكن طبيعة المرض معروفة بعد، وبلغ عدد الوفيات بسبب انفلونزا الخنازير عام 2010 نحو 17 حالة، بحسب سجلات وزارة الصحة الأردنية.
وأوضح الهياجنة أن عدد الحالات المصابة بالمرض قلّ في السنوات الأخيرة، وأصبحت حالات الوفاة نادرة، إذ أصبح الفيروس موسمياً، لكنّ الإصابات به هذا العام تسجل ارتفاعاً.
ويطالب رئيس بلدية الجفر وزارة الصحة إيلاء الأمر عناية أكبر، نظراً لصعوبة التكهن بالآثار التي قد يخلفها سريان مرض إنفلونزا الخنازير بين السكان، في ظل تزايد عدد المصابين يومياً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...