شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (9): هذا الهاتف جديد، من يحدثني؟

مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (9): هذا الهاتف جديد، من يحدثني؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

السبت 22 يوليو 201711:10 ص
"لا أزال أحبك" أقرأ تلك الكلمات في رسالة نصية واردة في الثالثة صباحاً. أنا أعلم أنه لا يحبني، ولم يفعل يوماً. أعلم أنه يحب فقط ممارسة الجنس معي. أنا لا أعترض على أن تكون علاقتي به جنسية وحسب، لكن يبدو أنه أحس أنه مضطر لأن يكذب علي كي يبقيني معه، وهذا لا يريحيني. أعلم أنني إذا شرحت له هذا الأمر للمرة المائة، لن يغير شيئاً. سوف يستمر في الكذب. أعتقد أنه مريض بداء الكذب لأنه لا يوجد لمعظم أكاذيبه سببٌ، ولكنه قلما يكون صادقاً. ربما يوماً ما، سوف أنجذب إلى شخص عاقل لا يرسل لي هراء في رسائل نصية عند الفجر. ودفاعاً عن نفسي، لم يكن لدي أدنى فكرة عمن يكون عندما بدأت علاقتي به ولم أهتم بهذا حقاً. كان رجلاً مجعد الشعر وفاتح البشرة كثيراً ما يتسكع مع أخي. وفي أحد الأيام سكرنا وقبّلني ثم بدأنا خلع ملابسنا. ظننت الأمر مسلياً، ولكنه على ما يبدو لا يجد أي شيء مسلياً إلا إذا صاحبته الدراما. ألتفت إلى ماجد، الذي كنت أنام على السرير بجانبه، أيقظه وأطلب منه أن يلف لي سيجارة حشيش، لأن النوم لم يزل يشوش رأسي ولن أستطيع لف واحدة.
كيف يمكنني أن أرد؟ “لا، أنت لم تحبني يوما”؟ “هل تعرف كم مرة قلت ذلك؟ بكثرة، لدرجة أن كلماتك فقدت معناها”
على مدى سنوات تدخيني، لم أحترف لف السجائر. أعتقد أنني لم أتعلم لأن دائماً ما يكون هناك شخص بجواري يلف لي السجائر، فلا جدوى من الانتشاء بلا صحبة. يلف ماجد لي واحدة وندخنها قبل أن أنظر إلى الرسالة النصية مرة أخرى. يعود ماجد إلى النوم غير مكترث، فهو لا يحب أن يتدخل في شؤوني العاطفية. ألتقط صورة للرسالة وإرسالها إلى صديقي الحميم وأنا أعلم أنني سوف أندم على ذلك. يغضب ويخبرني أنه سوف يتعارك مع مرسل الرسالة... ياللفتيان! أنا ممتنة لكونه قالها عن طريق رسالة نصية، مما أتاح لي الوقت لتدخين سيجارة، وطلب المشورة، والاسترخاء قبل الرد. وممتنة لكون التكنولوجيا تجعل التواصل أسرع كثيراً وفي الوقت نفسه تتيح لنا أن نفكر مطولاً في ردودنا. إذا كانت هذه مكالمة هاتفية أرضية في التسعينات، كنت سأغلق الخط، مما كان سيعطيه الانطباع أنني لا أريد التحدث معه وربما نتشاجر - عادة نغضب من بعضنا البعض بسرعة. التكنولوجيا الجديدة لا تطور السرعة التي نتواصل بها فحسب، بل تقدم لنا تنوعاً في طرق التواصل ايضاً، اعتماداً على الموضوع والوقت الذي يتطلبه. من الغريب أنني في الثانية والعشرين فقط من عمري وأتذكر الوقت الذي كانت الرسائل النصية فيه امتيازاً نادراً. حسناً، مرت الآن ثلاثون دقيقة وأنا أحدق في شاشة هاتفي، وعلي أن أذهب إلى النوم؛ لدي امتحان يجب أن أنجح فيه بعد أربع ساعات ونصف الساعة بالضبط. لكن كيف يمكنني أن أرد؟ ماذا أقول؟ "لا، أنت لم تحبني يوماً"؟ "هل تعرف كم مرة قلت ذلك؟ بكثرة، لدرجة أن كلماتك فقدت معناها"!  هل أكذب عليه وأذيقه مر أفعاله؟ بصراحة ليس لدي الطاقة لبدء محادثة من شأنها أن تستمر أكثر من دقيقة. أتذكر شيئاً، كلمات من أغنية، أو مقولة، أو تراها تغريدة؟... أياً كانت، فهي الرد المثالي. أكتبها وأذهب إلى النوم، متأكدةً أن الأمر قد انتهى: "هذا الهاتف جديد، من يحدثني؟"

مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (7): ضغوط الصيف

مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (6): لا يمكنني أن اخبر أمي بأي من هذا

مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (5): جذبتني فتاة في حفلة عرس

مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (1): وعود ووعود


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image