من المفترض أن تكون من في مثل عمري حالمة وسعيدة ولديها آمال لمستقبلها، ولكنني أعتبر نفسي واقعية إلى حد ما. أعلم كيف تسير الحياة، وأعلم أنها ليست عادلة، وأعلم أن الحقيقة لا تظهر دائماً، وأن المال يتحكم بالجميع.
تماماً كما أعلم أن النساء اللواتي يحطن بي في كل اتجاه أنظر إليه، على اللوحات الإعلانية وإنستاجرام وأغطية المجلات، لا يمثلن النوع الوحيد للجمال. وأنا أعلم أيضاً، أن هذا الجمال ليس كل ما تفتخر به المرأة، بل ربما لا يكون مدعاة للفخر على الإطلاق. أنا أعلم كل هذا.
ومع ذلك، ها أنا ذا، أدفع بأصابعي في حلقي للقضاء على أي سعرات حرارية لا تزال تتشبث بمعدتي، يصيبني الرعب من أن ترتسم فوق جسدي علامة تمدد أخرى أو أن أزيد في الوزن.
تبدو فتاة وزنها 65 كلغ وطولها 169 سم متوسطة الوزن عندما لا تكون أنا. لكنني لا أرى في نفسي فتاة متوسطة، بل سمينة، وهو أمر لا أستطيع أن أتعايش معه، فأنا أريد أن أكون جميلة، رائعة، مثيرة، صورة للكمال.
إذا كان الثمن الذي أدفعه هو اضطراب في الشهية، فليكن كذلك. أنا أعلم جيداً أن هذا ليس صحياً، ولكن إن كانت تلك هي الطريقة الوحيدة التي تمكنني من السيطرة على جانب واحد على الأقل من حياتي الفوضوية، فليكن كذلك.
بدأت الإفراط في تناول الطعام ثم دفع نفسي للتقيؤ عندما كنت في السابعة عشرة. بدأت تقريباً أمارس كل عاداتي السيئة في سن السابعة عشرة.
أصبحت مهووسة بالطلة التي أُطلق عليها اسم "هيروين شيك – أناقة الهيروين"، وأقسمت لنفسي أن أصبح نحيفة كما يمكن للمرء أن يكون دون أن يموت.
نجحت إلى حد ما في ذلك الصيف، كان وسطي نحيلاً، وساقي كالعصا وبرزت معظم عظامي. أحببت مظهري حينها. ولكن بعدها بوقت قليل، تجاوزت نسبة ما آكله نسبة ما أستفرغه ووجدت وزني يزداد مرة أخرى.
أفعل هذا منذ خمس سنوات، وبين كل ما أدمنه، هذا الإدمان هو الأكثر إيلاماً...
أنا أريد أن أكون جميلة، رائعة، مثيرة، صورة للكمال.. أصبحت مهووسة بالطلة التي أطلق عليها اسم "هيروين شيك"
كنت أظن أن الشره المرضي هو الحل السهل الأكيد لفقدان الوزن، لذا صدمني عندما خانني، وفكرت كيف أمكنني أن أفعل بنفسي هذا؟ كيف أمكنني أن أفكر، أنا الفتاة النسوية، والفخورة بإدراكي لذاتي، أن فقدان الوزن فكرة رائعة لا يمكنها الفشل؟ كيف يمكنني أن أتمسك بواقعي وفي الوقت نفسه أضل طريقي في الوهم؟
أنا أعلم أن كل عارضات الأزياء، والممثلات، والمغنيات، ونجمات البرامج، يزدن من أرباح صناعة الجمال ملايين الدولارات من خلال كونهن نحيلات بشكل غير واقعي وتحفيز الفتيات الصغيرات على أن يشبههن، وأعلم أيضاً أننا يجب أن نتصدى للعملية برمتها حتى جوهرها، ولكن ها أنا ذا، ضحية لها! كيف يمكنني أن أكون بهذا الغباء؟
أخبرت صديقتي وأنا في سن الثامنة عشرة واكتشفت أنها تفعل الشيء ذاته. وكلما تحدثت عن الموضوع، كنت أجد آخرين في المعاناة نفسها. كانوا جميعاً شباباً وشابات أذكياء ومتعلمين ويمتلكون قسطاً من الجمال، صدقوا حيلاً تسويقية مع أنهم كانوا يدركونها جيداً.
هذا ما جعل الاعتراف بما يحدث صعباً علينا؛ الخوف من أن نبدو أغبياء، سطحيين، يسهل التلاعب بنا. لم يسخر منا أحد من قبل بسبب وزننا، لم يرهبنا المتنمرون، ولطالما تقبلنا مجتمعنا. ولكننا كنا جميعاً مهووسين بشكل مرضي بالرقم الذي يظهره لنا الميزان، ولم يكن الشعور بالتضافر الذي خلقناه دون خطر، شعرنا كما لو أن اضطرابنا هو ما جمع بيننا وهذا قلل من فرصنا في التحسن.
كلما كبرنا بعدنا بعضنا عن بعض، العديد أقلع عن تلك العادة، والعديد سعى للبحث عن مساعدة طبية، وآخرون ظلوا يطهرون بطونهم بأصابعهم في صمت. ظللت أنا أفرط في تناول الطعام ثم أدفع نفسي للتقيؤ عندما أكون متوترة أو تحت ضغوط، وأشتريت المسهلات بعد أن جرحت حلقي. أفعل هذا منذ خمس سنوات، وبين كل ما أدمنه، هذا الإدمان هو الأكثر إيلاماً.
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (7): ضغوط الصيف
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (6): لا يمكنني أن اخبر أمي بأي من هذا
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (5): جذبتني فتاة في حفلة عرس
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (1): وعود ووعود
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين