يعمد عالم الدين اللبناني السيد سامي خضرة، في كل مرةٍ يشعر فيها بخفوت نجمه إلى الخروج بمقطع فيديو صادم، يعيد الأضواء للسيد ويجعله هو محطّ نقاش لا كلامه.
إستراتيجية خضرة الناجحة وُلدت مع مقطع فيديو نُشر سابقاً، نصح فيه الأخير المرأة بعدم الخروج من بيتها، وإن خرجت لضرورات، فالأفضل أن تمشي "جنب الحائط" ورأسها منخفض "حرصاً عليها".
اعتراض خضرة هذه المرة كان على الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وما يرافق هذه الصور من تحضيراتٍ مسبقة كجلسات التصوير والفلترة، طبعاً بهدف الوصول إلى الشكل الأكثر إغراءً واستخدامه كصورة ومنشور.
ركز خضرة على المرأة في حديثه متجاهلاً فكرة العمل بالمثل عند الشباب على حدٍّ سواء، وسلّم بأن الشّاب لا يتصور بدل الصّورة دزينات بُغية الحصول على النّتيجة المثلى والشّكل الأفضل.
بغض النظر عن أسلوبه الفظ، انطلق خضرة من خلفية دينية ومجتمعيةٍ تُجمع الأغلبية على قبولها، فالإغراء في غير محله يعطي الصور معانيَ أكبر من كونها صورةً معروضةً كتعريف على صفحة، ولصور الإغراء مكانها الطبيعي ضمن مفاهيم واضحة، كمجلات الأزياء ومسابقات الجمال وغيرهما.
كلام خضرة نظرياً هو كلامٌ من الطبيعي صدوره عن رجل دين كان حتى الأمس القريب يصف نفسه بالمربي، لكن الخلل الذي وقع فيه خضرة كان في طريقة التّقديم، فالنظرية تختلف عن الممارسة، والتصنيف مرفوض.
نصح خضرة النساء بعدم نشر صورهن وإبدالها بصور لأحاديث شريفة أو آيات قرآنية أو مناظر طبيعية وشجر! والمعيار المعتمد في التّصنيف حوّل تلقائياً كل من تنشر صورها إلى ساعيةٍ للإغراء وهذا ما أثار موجةً وبلبلةً كبيرتين.
لا يمكن الجمع اليوم ما بين الجمال والإغراء والإثارة الجنسية، فالمقياس هو الناظر لا الناشر، والجمال هبةٌ نسبية، تختلف فيها الآراء وتوجد بالفطرة في الإنسان، أي أن إظهار الجمال ليس غايةً بل ميزة موجودة، أما الإثارة فيمكن أن تتجلى بنظرة، بكلمة، بهمسة أو لفتةٍ حتّى.
لذلك فإن الحكم على النيات هو كاصطياد الأسماك في الماء. لا يمكن كشف النيات فمن يبحث عن الإغراء قد يجده حتّى ولو في صورة شجرةٍ أو منظرٍ طبيعي، والمتحرش أو الساعي لغاية لن تردعه إجراءات خضرة الاحترازية ولا صور المناظر الطبيعية.
المدافعون عن وجهة نظر خضرة يتذرعون بحرية التعبير، بينما الأخير لم يُعبر بحرية بل صنّف بشكلٍ لا يحتمل التأويل من تضع صورتها على وسائل التواصل الاجتماعي كفتاة تهدف إلى الإغراء وبالتالي فنيّتُها عرضةٌ للمساءلة.
يحمل سامي خضرة رسالة لكنها ليست أولويته، بل الحفاظ على وجوده ككيان هو الأهم، وهذا ما نساهم نحن به من خلال تحويله لمادة للنقاش
كُثُرٌ استغربوا من عدم شمول كلام خضرة للرجل، وآخرون نصحوه بالحديث عن مواضيع أهم، أي الفساد والبطالة وغياب الخدمات، من منطلق كونه رجل دينٍ يحمل رسالةً توعوية، لكن لم يعِ الجميع أن هدف خضرة في كل مرّة هو إثارة الجدل لا أكثر...
أوقف برنامجه التّلفازي ولم يبق له أي منبرٍ ترويجي سوى وسائل التّواصل، وهذا المنبر بحاجة لتفاعلٍ ولو سلبي.
يحمل خضرة رسالةً لكنها ليست أولويته، بل الحفاظ على وجوده ككيانٍ هو الأهم، وهذا ما يفعله ونساهم نحن به من خلال تحويله لمادّةٍ للنقاش. يجب الاعتراف للسيد بأنّه مميّزٌ في الاستفزاز وناجحٌ في التّرويج.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 21 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت