أنا أحب حفلات الزفاف! أحب فساتين العروس التي لا تنتهي، ترتدي واحداً تلو الآخر طوال المساء، وأحب علامات الإرهاق على وجهي العروس والعريس مع حلول الفجر.
أحب كميات الطعام الهائلة التي تُقدّم في الحفل، وأحب كيف يبذل الجميع جهداً كبيراً للتعبير عن سعادتهم بكل السبل الممكنة.
أحب صور الزفاف، والأطفال الناعسين الذين فشلوا في الصمود حتى نهاية الليلة، والفرقة العالية الصوت التي تكاد تتلف معدات نظام الصوت. أحب عندما تقدمني أسرتي لعائلتي الكبيرة، وأحب أيضاً أن أتسلل مع الفتيان لندخن أو نحتسي مشروباً.
كان مجرد عرس آخر لفتاة من العائلة، يحتوي على كل ما سبق. أخيراً تزوجت ابنة عمي من صديقها بعد علاقة دامت خمس سنوات.
نحن جميعاً نحبه، أكثر مما نحبها، إن كنت صادقة. ارتديت فستاني الأسود الأنيق، مع أنهم وبخوني بسببه، لأن لونه غير "سعيد".
شعري كان مرفوعاً بعشوائية، وقدماي محشورتان في حذاء لا يمكنني الشكوى من الألم الذي يسببه لأنه جميل. كان مظهري رائعاً، ومعي زجاجة شمبانيا في السيارة وثلاثة أبناء عمومة اقتسمها معهم. بدت ليلة لن تنسى.
عندما ارتدت العروس فستانها الثالث، كنا جميعاً في مراحل السكر الأولى. لم يعد شعري مرفوعاً، وفقدت حذائي تحت الطاولة، وكانت ربطة عنق أخي ملفوفة حول خصري، وأنا أرقص بكل طاقتي، على الرغم من أن الجميع يعتقدون أن رقصي "غربي" لا يناسب الأغاني - لا أعلم كيف.
عندما تم تقديم العشاء، تصرفت كأي شخص جائع في حالة سكر. نظرت إلى ابن عمتي لأرى يده مدفونة في مختلف اصناف الطعام. لم أتمالك نفسي وضحكت بشدة حتى خرج الطعام من أنفي، كان والداي عندها يتصرفان كأنهما قد تبرأا مني.
جاءت حينها فتاة سمراء قصيرة رائعة ترتدي فستاناً لامعاً وبعض أحمر الشفاه يلطخ أسنانها. أمر لا يصدق! أجمل فتيات الحفل قررت الحضور بعد أن فقدت أنا جمالي وتحولت لوحش في فستاني! أي حظ هذا!
التفت حولي لأجد أن للجميع رد فعل مماثلاً لوجودها. جلست مع أصدقاء العريس، إذن لحسن الحظ لا تجمعنا صلة قرابة!
لم يسعني الانتظار لأتبعها لدورة مياه السيدات وأخبرها أن هناك بعض أحمر الشفاه على أسنانها، وأعرض عليها أن أمسحه من فمها. على الفور أرسلت رسالة لصديقي الذي أواعده وقلت له إنني قد وجدت فتاة جديدة أعجب بها، حاول أن يبدو مهتماً لما أقول، وبعد ست رسائل نصية، طلب مني أن أحضر له بعضاً من بقايا الطعام.
أحاول التفكير في خطة. كيف يمكنني أن أغازل فتاة مثلي في مكان عام أمام عائلتي المتعصبة؟ كيف يمكنني أن أعرف إن كانت لي فرصة معها؟
لا أهتم! لقد ثملت بعد أن خلت الزجاجة تقريباً من الشمبانيا وقررت أنني سأذهب وأتحدث معها. تشجعت وأمسكت بها لترقص معي، ثم همست في أذنها عن أحمر الشفاه، فبدا عليها الحرج. فاحت منها رائحة العرق، كان المكان حاراً، ولم أكن أمانع، رائحتها أعجبتني.
لم تكن ترقص بمهارة ولكنني لم أهتم. كنت أهز خصري أنا بدلاً عنها. التقطت سيلفي معها وطلبت اسمها لأذكره عندما أضعها على مواقع التواصل الاجتماعي. نقطة لمصلحتي!
استيقظت بجوار أخي يدق رأسينا صداع الخمر، وذهبنا لجولة بالسيارة. سخر من إعجابي بالفتاة، الأمر الذي ذكرني بأن أتحقق من صفحتها على فيسبوك! يا إلهي! إنها على علاقة مع شاب.
يا لسوء حظي! لقد أعجبت بفتاة أخرى لا تجذبها الفتيات، ومن المستحيل أن يحدث أي شيء بيننا، لكنني تخطيت الأمر بسرعة.
حسناً، لقد حاولت، وعبرت عن إعجابي. كان هذا منذ سنة تقريباً. ولكن الليلة الماضية، التقيت بها صدفة مرة أخرى. اشتريت لها مشروباً وبعض الطعام. استمتعت بالتسكع معها، وتبعتها عيون من حولنا، مثلما حدث في حفل الزفاف.
وعندما قررت أن لا فرصة لي معها، سألت عما إذا كنت أرغب في اصطحابها إلى منزلها. مارسنا جنساً مذهلاً! والآن أنا ممتنة للطخة أحمر الشفاه!
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (1): وعود ووعود
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (2): مباريات الجوع
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (3): لا يمكن إصلاحي
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (4): المبيت في منزل عائلته
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...