هذا المقال جزء من ملفّ "بين الأسئلة المهنية والشخصية... رصيف22 في 2024"، بمناسبة نهاية العام 2024.
منذ تأسيسه، انشغل رصيف22، بسؤال المستقبل ومحاولة تخيّله. كان هذا التوجّه جزءاً من هويته الأساسية التي تطمح إلى إعادة الصحافة إلى دورها الحقيقي في التأثير والتغيير، من أجل بناء مستقبل أفضل لنا ولبلادنا التي خرج أهلها منذ أكثر من عقدٍ، مطالبين بحياة عادلة، حرّة، وكريمة.
برغم عدم تخصيص مساحة محددة للتفكير في المستقبل، فإن معظم ما نُشر من تقارير، مقالات رأي، مقابلات صحافية، ومدوّنات، كان يهدف إلى تسليط الضوء على قصص الحاضر وتغييرها نحو مستقبل أكثر شموليةً وإنسانيةً. مستقبل لا يُقمع فيه أحد، ولا يُقتل فيه إنسان، ولا يعيش فيه الأطفال تحت تهديد القذائف أو الخوف من غياب ذويهم في السجون.
في خضم المجزرة، تساءلنا: كيف يمكن أن نفكر في المستقبل ونحن محاطون بالأنقاض؟ كيف نرسم واقعاً مختلفاً وسط الخيبة والقهر؟ وإن فكرنا، كيف نخرج من هذه العتمة؟
التفكير في المستقبل في أوقات الكارثة
مع اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزّة وامتدادها إلى لبنان، والحرب الأهلية في السودان، وجدنا أنفسنا مضطرين إلى التفكير في المستقبل بشكل أكثر تركيزاً ومنهجيةً. وضعنا مشروعاً وخطةً وبرنامجاً لتخيّل المستقبل. لكن، في ظلّ الظروف الكارثية التي حلّت بنا، كانت أولويتنا التعامل مع الحاضر: القتل المكثّف، محو مدن وقرى بأكملها، الاعتقالات، التعذيب، الخوف اليومي على الناس، والتجويع. وجدنا أنفسنا نواجه أيضاً تأثير هذه الكوارث على صحتنا النفسية، التي أدركنا أهميتها ربّما متأخرين.
في خضم المجزرة، تساءلنا: كيف يمكن أن نفكر في المستقبل ونحن محاطون بالأنقاض؟ كيف نرسم واقعاً مختلفاً وسط الخيبة والقهر؟ وإن فكرنا، كيف نخرج من هذه العتمة؟
الإجابة كانت العودة إلى المعنى الجوهري للصحافة: التمسّك بالأمل. ليس الأمل كمجرد شعور، بل كفعل وحركة. وحتى إن بدا هذا الفعل بلا معنى في اللحظة الراهنة، فهو تدريب لعضلة الخيال. هذه العضلة التي تضرّرت بسبب القمع المتواصل الذي عشنا ونعيش في ظلّه، سواء في ظلّ الاستعمار أو الدكتاتوريات، والتي بصلبها يكمن نزع إنسانيتنا، ومنها تدمير القدرة على تخيّل حياة مختلفة، وسرقة فرصتنا في رسم ملامح مستقبلٍ مختلفٍ.
دور الصحافة في بناء الخيال
كوسيلة إعلامية عربية مستقلة، نسعى إلى أن نكون أكثر من مجرد منصة لنقل الأخبار. هدفنا هو توفير مساحة يومية للتعبير والتخيّل، سواء كان التخيّل عن المستقبل، الحاضر، أو الماضي. لا يعني التخيّل بالضرورة الوصول إلى صورة وردية؛ بل قد يقود إلى استكشاف سيناريوهات قاتمة (ديستوبيا)، أو بدائل لما هو قائم.
دورنا أيضاً هو أن نكون شركاء في رسم حيواتنا إلى جانب ناشطين وناشطات، أكاديميين وأكاديميات، صحافيين وصحافيات، كُتاب وكاتبات، فنانين وفنانات، وعاملين وعاملات في القطاعات الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والثقافية. نحن نؤمن بأن الجميع يمكن أن يكون شريكاً في صياغة الإجابة عن سؤال: "أين نريد أن نكون في المستقبل؟".
والمستقبل ليس بالضرورة بعيداً؛ قد يكون الغد.
كوسيلة إعلامية عربية مستقلة، نسعى إلى أن نكون أكثر من مجرد منصة لنقل الأخبار. هدفنا هو توفير مساحة يومية للتعبير والتخيّل، سواء كان التخيّل عن المستقبل، الحاضر، أو الماضي
الصحافة كأداة لتحقيق الخيال
على مدار أكثر من عشر سنوات، تعلّمنا وما زلنا نتعلّم أن الصحافة قادرة على أن تلعب دوراً محورياً في تحقيق الخيال الجمعي. مثلاً، من كان يتخيّل أن نظاماً مثل نظام الأسد قد يسقط؟ من الإجابات، تلك التي -وبكل تواضع- نجدها في أرشيف الكتابة السورية عبر صفحاتنا، حيث استطعنا توثيق تطلعات وآمال السوريين في بلادهم والمنفى.
إلا أنّ الأمل هو عملية مستمرة. سقوط أنظمة قمعية لا يعني بالضرورة الوصول إلى المستقبل المنشود، لكنه بداية الطريق. وبرغم أننا قد نكون في أوّله، إلا أننا نسير باتجاهٍ ما.
الطريق واسع، والخيال أيضاً، "لنا فيه حياة". انضموا إلينا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه