شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
ما الذي يجري في بيت خليفة حفتر؟

ما الذي يجري في بيت خليفة حفتر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقيقة

الاثنين 16 أكتوبر 202302:20 م

"دخلوا المنزل علينا بعد كسر بوابته، ثم اتصلوا بالمهدي، وأبلغوه بأن صباياه بحوزتهم. عندها عاد، وسلّم نفسه". و"تعرّض المهدي البرغثي لإصابات بالغة خلال مواجهات مع قوات أمنية رفض تسليم نفسه لها".

سرديتان متباينتان تماماً لحدث واحد. الأولى لزوجة المهدي البرغثي، أدلت بها أمس لقناة "ليبيا أحرار"، بخصوص كيفية اعتقال زوجها، والثانية للمدّعي العام العسكري الليبي تصف عملية اعتقال الرجل نفسه.
فمن هو المهدي البرغثي؟ ولماذا يرى البعض تحركاته الأخيرة مؤشراً على وهنٍ أصاب قبضة حفتر الحديدية، وبدايةً لتفكك مفاصلها؟

ما حقيقة تحلل قبضة خليفة حفتر الأمنية في الشرق الليبي وانقلاب قادة وحداته عليه؟

علاقها يفرّقها السلاح

التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، كان نقطة تحوّل مفصليّةً في تاريخ الهيمنة العسكرية على مدينة بنغازي، مركز ارتكاز المشير خليفة حفتر والقوات التابعة له. فقد اقتحم وزير الدفاع الأسبق في حكومة السراج، المهدي البرغثي، محاطاً بحفنة من قواته، سكون بنغازي التي يحكمها الحديد والنار منذ أكثر من ست سنوات، بعد سيطرة المشير وقوّاته عليها، وهي سيطرة امتدت منها إلى كل مدن الشرق الليبي بدعمٍ وتعزيزٍ من البرلمان الليبي المنتخب الذي يرأسه عقيلة صالح.

وكان البرغثي أحد أبرز رجالات حفتر خلال قيادة عملية الكرامة، وقدّمت قبيلته "البراغثة"، المنضوية تحت مظلة قبيلة العواقير المتمركزة في شرق مدينة بنغازي، الدعم الكبير والعتاد الكثير والرجال لحفتر خلال العملية تلك.

لكن الصداقة القديمة تعكّر صفو مياهها، وطغى التوتر عليها، في أعقاب تكليف المهدي البرغثي، رسمياً من حكومة الوفاق الوطني، بتشكيل قوة عسكرية موالية له، الأمر الذي أخرج حفتر عن صمته، وبدأ بتحشيد الدعم الشعبي حول ولاء البرغثي لمؤسسة الجيش، التي أصبحت هي طوق النجاة المرسوم للجموع الشعبية وفقاً لتعبيره.

ضرب قبيلة البراغثة

بالعودة إلى بداية انطلاق عملية الكرامة التي أطلقها خليفة حفتر، في مدينة بنغازي عام 2014، وبالعودة إلى السرد التاريخي، فقد لاقى العديد من رجال الصف الأوّل الإقصاء خلال هذه السنوات، خصوصاً أولئك الذين حاولوا الظهور بمظهر المتفوقين على حفتر. وكان أوّلهم المهدي البرغثي الذي تم حلّ الكتيبة "204 دبابات"، التي يقودها والفصائل الموالية له كـ"قوة العمليات الخاصة" التي كان يقودها فرج قعيم البرغثي، "وزير الداخلية الحالي في الحكومة المكلفة من البرلمان".

وكانت هذه أولى خطوات إضعاف البرغثي وقبيلته، وتحجيم دورها في التأثير على الحشد الشعبي أو إضعاف الصورة المثالية التي تم رسمها لحفتر وأبنائه.

البرغثي والقوى المضادة

استعمل البرغثي الأسلوب المضاد في السيطرة على القوات المناهضة لحفتر، فموّل ودعم سرايا الدفاع عن بنغازي، في محاولة لخلق قوى مضادة تقف دون سيطرة الأخير على منطقة الهلال النفطي، بدعم من إبراهيم الجضران، ابن قبيلة المغاربة، بعد التحالف الذي شكلته قبيلتا المغاربة والبراغثة، والذي أخّر سيطرة حفتر على منطقة الهلال النفطي.

أما المتحدّث السابق باسم قوّات عملية الكرامة محمد الحجازي، فقد غرّد هو الآخر خارج السرب حيث أصدر تصريحات عدة توجّه الاتهامات إلى حفتر وأبنائه، باستغلال العملية لمصالحهم الشخصية وتحقيق مكاسب مادية وخلق الأجهزة الموازية لقوّات الجيش النظاميّة.

لكن الحجازي لم يصمد تماماً، وغادر إلى منطقة قصر ليبيا مسقط رأسه، ويتم محو وجوده كأحد قيادات عملية الكرامة، وإن كانت قوة قبيلته قدّمت له الغطاء الاجتماعي الذي يحول بينه وبين الاغتيال.

كيف نجح خليفة حفتر في القبض على المهدي البرغثي وسط أهله وعشيرته؟

هل سلّمت "البراغثة" ابنها؟

قتال دامٍ شهده حي السلماني خلال المدة الماضية بغية القبض على البرغثي، وبعد محاولات عديدة ومفاوضات عدّة، قرّرت قبيلة البراغثة تسليم ابنها عربون صلح وتصالح ورأباً للصدع.

في تصريح خاص لرصيف22، ومن داخل القيادة العامّة التابعة لحفتر، يقول أحد الضبّاط -رفض التصريح بهويته خشية الموت-: "حفتر وعياله اليوم أشبه ما يكون بمعمر القذافي وعياله. ما تغيّر شيء إلا الأسماء بل على العكس الوضع اليوم أسوأ. مؤسسة الجيش هي عبارة عن تمثال شمع. كل الدعم والمال والعتاد يذهب للكتائب المشكلة من قبل أبناء حفتر، بل على العكس هي اليوم تمارس الصلاحيات كافة في ما يخص الاستثمار العسكري والتعامل مع القوات الأجنبية وتسيير الأعمال كافة. ما يحدث اليوم في بنغازي هو نتاج صمت أهاليها عن اتخاذ موقف حقيقي حيال انتهاك حرمات مدينتهم المكلومة".

وفي وصفه للأحداث الجارية حول محاولات القبض على المهدي البرغثي، وشائعات دخوله المدينة برفقة جماعات إرهابية، يقول لرصيف22: "المهدي البرغثي كان أحد رجال حفتر، ومن مقرّبيه، وقد قاد لصالحه العديد من العمليات النوعية في فترة السيطرة على مدينة بنغازي، إلا أنهما اختلفا عندما حان وقت الظهور. المهدي لا يختلف كثيراً عن حفتر، فهو أيضاً لطّخ شرفه العسكري بالدماء عندما تحالف مع القتلة، وكان أحد مسببي قتل أكثر من 150 عسكرياً في قاعدة براك الشاطئ انتقاماً من حفتر. دخول المهدي اليوم جاء بعد محاولات منه للصلح كونه لم يستطع الصمود في المعسكر الموازي للقوات في المنطقة الغربية. حفتر لن يسمح للبرغثي بالعودة كونه أحد المتمردين العنيفين، وقد ساهم بشكل كبير في تصعيب مهمة حفتر في السيطرة على المنطقة الشرقية، وقبيلته كانت تحاول جاهدةً بسط سيطرتها، ولكن الوقت قد فات. حفتر وأبناؤه استطاعوا السيطرة على المدينة ومفاصلها بشكل كامل وكلّي، ويكاد يكون من المستحيل اقتلاعهم منها الآن".

هل نرى ثورةً داخليّةً؟

بعد الاقتتال وإغلاق المدينة، المهدي البرغثي في قبضة حفتر، وقواته وقبيلته ورفاقه رفعوا الراية. ولكن هل نرى ثورةً فعليةً داخل قوات حفتر على ما يجري؟ يصرّح لرصيف22 في هذا السياق، الخبير الأمني حسن محمد، والذي يحلل الموقف قائلاً: "عقب فشل البرغثي ورفاقه في فرض أنفسهم وتسليمه، بالإمكان الجزم بأنّ حفتر قد استطاع إحكام سيطرته الأمنية، وبناء الولاءات الداخلية على مبدأ السيادة لا التفرقة. وعلى الرغم من ثقل قبيلة البراغثة-العواقير، وأهميّة اصطفافهم في صف حفتر، إلا أن تسليمهم لم يكن مؤشّراً يصب في مصلحة القبيلة، خصوصاً على خلفية الصراع السياسي الذي تدور رحاه بين حفتر وعقيلة صالح، وكان لموقف درنة خير برهان على أنّ هذا الصف السياسي قد بدأ يفقد ثقله، وأننا قد نرى تغيّرات ديناميكيةً إذا ما تم التوصّل والضغط والدفع نحو وجود حكومة أخرى غير منتخبة، الأمر الذي سيؤثّر على الاصطفافات وشراء الولاءات، ولكنّ الأكيد أننا سنرى في الأيام القريبة ظهور انشقاقات جديدة ولو كانت مصغرةً".

مستقبل الحكم العسكري إلى أين؟

برغم كل هذه السنوات التي استحوذ فيها المدّ العسكري على منطقة شرق ليبيا، إلا أن النظام العسكري تتكشف هشاشته يوماً بعد يوم، وزعزعة صورة هيمنة حفتر في بنغازي التي هي مركز قوّته ووجوده، لا تعدو كونها مؤشّراً على احتمال فقدانه بشكل كلّي في القريب الذي ربما يكون عاجلاً، مخلفاً وراءه تبعات لا يعلم أحد مداها، ولا مسارها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image