شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
منتخب الجزائر في مراكش... هل تصلح كرة القدم ما أفسدته السياسة؟

منتخب الجزائر في مراكش... هل تصلح كرة القدم ما أفسدته السياسة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 5 سبتمبر 202104:24 م

عندما اختارت الدبلوماسية الجزائرية إعلان قطع علاقاتها، بشكل رسمي، مع المملكة المغربية، كانت منتخبات بوركينا فاسو، وجيبوتي، والنيجر، التي ستواجه المنتخب الجزائري، ضمن التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2022 لكرة القدم، التي تحتضنها قطر، قد اختارت استضافة "الخُضْر" على الأراضي المغربية، بعد قرار الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، منعها من خوض المباريات على ملاعبها، بسبب هشاشة بناها التحتية.

بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، ستلعب الجزائر مباريات إقصائيات كأس العالم في المغرب. فما هي ردود الأفعال في المملكة؟

تساؤلات كثيرة طُرحت مباشرة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، وما أعقبها من تأويلات، كان من بينها التساؤل حول موقف الجزائر من خوض مبارياتها بدءاً من الثلاثاء 7 أيلول/ سبتمبر، أمام بوركينا فاسو على ملعب مدينة مراكش الكبير، وهل تنتقل بعثة المنتخب الجزائري إلى المغرب، أم ترفض، وتطلب نقل المباراة إلى بلد آخر؟ أو تُعدّ منهزمة في حال تشبث المنتخبات التي ستواجهها، باللعب في مدينة مراكش؟

"ترحاب مغربي"

منذ سنوات، اختار المغرب الانفتاح على الدول الإفريقية، ونسج علاقات متينة معها. وسبق لدول عدة، خاصةً من دول غرب إفريقيا، أن طلبت اللعب في المغرب، بعد منعها من اللعب على ميدانها، وهو ما استجابت له "الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم".

هذا العام، وبعد منع دول النيجر، وبوركينا فاسو، وجيبوتي، الموجودة ضمن مجموعة الجزائر في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم، من اللعب على أراضيها، طلبت أن تستضاف على ملاعب مغربية.

كان معلوماً لدى المغرب، أن الدول المذكورة التي ستستضيف بعضها البعض، ستستقبل أيضا الجزائر، وهو ما يعني أن المنتخب الجزائري كان مرحباً به أيضاً، حتى قبل إعلان قرار قطع العلاقات مع المغرب، من طرف الديبلوماسية الجزائرية. مسؤولو المنتخب الجزائري أقرّوا بالترحاب الذي لاقوه، من طرف المسؤولين المغاربة، وممثلي جامعة الكرة المغربية، وهو ما أكده أمين العبدي المسؤول في الاتحاد الجزائري لكرة القدم، والذي شدد في تصريحات، على أن البعثة التي ترأسها لتحضير ظروف إقامة منتخب بلده في المغرب، لقيت ترحاباً كبيراً من طرف السلطات المغربية، مشدداً على أن الأخيرة ساهمت في تسهيل مهمتهم، واستقبلتهم بحفاوة كبيرة.

وفنَّد العبدي أخباراً تحدثت عن عرقلة المغاربة لتحضيرات الاتحاد الجزائري لظروف إقامة بعثة المنتخب الجزائري في المغرب، مشيراً إلى أن الصعوبات التي اعترضته مرتبطة بالقواعد والإجراءات التي تفرضها السلطات المغربية على زائريها، بسبب تفشي وباء كورونا المستجد، فحسب.

وفي السياق ذاته، صرّح مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي، بأنه، شخصياً، يفضّل اللعب على الملاعب المغربية، بدل خوض مباريات ضد المنتخبات التي سيقابلها على ملاعبه، بسبب "جودة الملاعب المغربية"، غير متردد في أن يصفها بأنها أفضل من نظيرتها على الأراضي الجزائرية، مضيفاً أن المناخ المغربي يتشابه كثيراً، أيضاً، مع المناخ الجزائري، وهو ما سيسهل أكثر في رأيه، مهمة منتخب بلده في تحقيق نتائج إيجابية، زيادة على قصر مسافة السفر من الجزائر إلى المغرب، والتي تستغرق ساعة ونصف ساعة من الزمن فقط، بالطائرة.

الكرة توحد البلدين

إذا كان جزء من الصحافة الجزائرية قد تخوف من أن يعرقل المغرب إقامة المنتخب الجزائري، فإن المتابعين للملفات الرياضية في الجارة المغرب، أكدوا أكثر من مرة، أن المنتخب الجزائري مرحب به في المملكة. وتوالت ردود الأفعال الإيجابية على شبكات التواصل الاجتماعي في هذا الاتجاه، مؤكدةً على ضرورة الاستقبال اللائق لمنتخب الجزائر.

تستقبل مراكش "منتخب الخضر" في مباريات إقصائية لكأس العالم. هل تصلح الكرة ما أفسدته السياسة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؟ 

وبالنسبة إلى الصحافي الرياضي المغربي هشام رمرام، فإن المباريات التي ستلعبها الجزائر في المغرب، لن تتأثر بالأجواء السياسية المتوترة بين الرباط والجزائر العاصمة.

وأضاف رمرام أن المجال الرياضي "ضمن العلاقات المغربية الجزائرية التي لا يمكنها أن تتضرر بشكل كبير"، مشيراً إلى "أن الجزائر ستحل ضيفةً على المنتخبات التي طلبت استضافتها في المغرب، وأن المنتخب الجزائري سيكون مستفيداً من الناحية الرياضية، في حال خوضه مباريات فيه".

وذكر رمرام، أن المشكلات السياسية بين البلدين، لم تطَل العلاقات بين شعبيهما، وبين جماهير الكرة فيها، أو الأنشطة التي تجمعهما، حتى في بعض الحروب التي نشبت بينهما، مذكراً بفرحة المغاربة بتتويج الجزائر في كأس أمم إفريقيا 2019، وبالتهنئة الرسمية من طرف الملك محمد السادس.

نهاية الشكوك

قرار الجزائر خوض المباراة، أنهى العديد من السيناريوهات التي تم تداولها، بعد قطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.

فمباشرة بعد اختيار المنتخبات المنافسة للمنتخب الجزائري استضافته على ملاعب مغربية، كانت متاحةً أمام الاتحاد الجزائري لكرة القدم ثلاثة سيناريوهات، أبرزها مراسلة اتحادات بوركينا فاسو، وجيبوتي، والنيجر، وأن تلتمس منها اختيار ملاعب أخرى بديلة، لبرمجة مبارياتها التي تجمعها بالمنتخب الجزائري. علماً أنه يحق للمنتخبات المذكورة رفض هذا الطلب، ويتمثل السيناريو الثاني في الالتزام بخوضها على الأراضي المغربية، من دون أي اعتراض. أما السيناريو الثالث، فيتمثل في رفض اللعب، وهو أمر مستبعد، بما أنه كان سيجر الجزائر إلى عقوبات يفرضها عليه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، في هذه الحالة.

ويرى الباحث المغربي المتخصص في السياسة الرياضية منصف اليازغي، أن موافقة المغرب، في المقابل، على استضافة المباريات التي سيكون المنتخب الجزائري طرفاً فيها، أمر اختياري، بما أنه كان متاحاً للسلطات المغربية رفض الطلبات التي وصلتها، من دون أن تتلقى لوماً من أي طرف.

وتابع اليازغي في حديث لرصيف22، أن المغرب منخرط منذ فترة في المشروع الإفريقي، وهو يسهل أيضاً مهمة المنتخب الجزائري، بعدم تنقله إلى دول بعيدة، ببنيات تحتية غير صالحة للعب مباريات كرة القدم.

واستبعد اليازغي رفض المنتخب الجزائري، أو انسحابه من خوض المباريات المقبلة على الأراضي المغربية، على الرغم من الإعلان عن قطع العلاقات الديبلوماسية مع المملكة المغربية، مضيفاً أن قراراً مشابهاً كان سيجر إلى الجزائر عقوبات من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم، والكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.

وأشار المتحدث إلى أن الحل الوحيد الذي كان مطروحاً أمام الاتحاد الجزائري لكرة القدم، لتفادي الانتقال إلى المغرب، هو ضرورة التنسيق مع الاتحادات التي ستلعب ضدها الجزائر، لنقل المباريات إلى دول مستضيفة أخرى.

ويبدو أن كرة القدم والرياضة ستظل حاجزاً أمام الواقع السياسي. فمن بين اللاعبين الذين سينتقلون إلى المغرب، لخوض المباراة التي ستجمع منتخب بلدهم بمنتخب بوركينا فاسو، لاعبان يحق لهما الحصول على الجنسية المغربية بشكل آلي، وهما رياض محرز لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي، واسماعيل بناصر، لاعب آسي ميلان.

ومحرز جزائري، أمّه مغربية، حرصت على تربيته منذ صغره بعد وفاة والده، بينما زميله بناصر من أب مغربي وأم جزائرية. وهذا الأخير، يحرص دوماً على زيارة مدينة تازة المغربية، في شرق المملكة التي يتحدر منها والده، لكنه اختار اللعب لمنتخب بلد أمه.

وسيجد اللاعبان محرز وبناصر نفسيهما، في وضع استثنائي، مقارنة مع بقية لاعبي منتخب الجزائر، حتى وإن كانت أواصر القرابة، والعوامل المشتركة بين شعبي المغرب والجزائر عديدة، وتسري على مواطني البلدين كافة. هكذا تذكّر كرة القدم مرة أخرى، بأخوّة سممتها خيارات السّاسة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image