شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
صراع الجاسوسية الإيرانية – الأمريكية على الأراضي العراقية

صراع الجاسوسية الإيرانية – الأمريكية على الأراضي العراقية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 8 فبراير 202103:35 م

في أحدث دليل على استخدام إيران للعراق ساحة في حرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة، نشر موقع "ذا إنترسبت" قصة عراقي تجسس سراً، ولسنوات، لصالح إيران على القوات الأمريكية العاملة في بلاده، وسعى إلى تجنيد مواطن له كان يعمل في قاعدة إنغرليك الجوية التي تضم قوات أمريكية في تركيا.

الوثائق المنشورة في السابع من شباط/ فبراير الجاري، والتي تسرد فصول قصة تجسس هذا العراقي، أتت ضمن مئات الوثائق العالية السرية التي حصل عليها الموقع من أرشيف وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية (MOIS) ونشر عنها للمرة الأولى عام 2019. ضم التسريب غير المسبوق برقيات وتقارير ميدانية - يعود تاريخها إلى عامي 2013 و2015 - تكشف تفاصيل مذهلة عن مدى تأثير إيران على العراق المجاور وتغلغل جواسيسها في البلاد.

عدا توثيق النفوذ الإيراني في العراق، تظهر الوثائق المسربة كيف استُغِل العراق "كساحة معركة للجواسيس الأمريكيين والإيرانيين"، وفق موقع "ذا إنترسبت" الذي شدد على أن تأثير إيران العميق على المشهد السياسي العراقي، منح جهازي المخابرات الرئيسيين في إيران، MOIS وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، فرصة العمل بحرية في جميع أنحاء العراق لسنوات، ما أدى إلى تطوير شبكة هائلة من المصادر السرية في جميع أنحاء البلاد.

علاوةً على ما سبق، جعل اختراق إيران للعراق البلاد وجهة مثالية لتجنيد جواسيس ضد أمريكا، خاصةً حين كان الوجود العسكري الأمريكي هناك في أوجه. وهو ما يدفع إلى الاستنتاج بأن تقليص الوجود الأمريكي في العراق، عاد بالأمريكيين والإيرانيين إلى معاركهم الاستخباراتية السرية.

جاسوسان عراقيان في الخدمة

بالعودة إلى حكاية الجاسوس العراقي الذي كشفت الوثائق المسربة قصته، فقد تبين أنه "قدَّم معلومات استخبارية ذات قيمة حول العمليات الأمريكية في العراق". رغم ذلك، تضاءل الاعتماد عليه مع سحب واشنطن معظم قواتها خلال تقليص وجودها في العراق عام 2011. وتوقف نشاطه مع رحيل الأمريكيين إلى حد كبير.

بحلول عام 2015، عاد الجاسوس العراقي المزعوم مدفوعاً بحاجته الشديدة إلى المال للتواصل مع مشغليه في وزارة الاستخبارات الإيرانية بعدما تولى وظيفة في جهاز الأمن العراقي. لإقناع الإيرانيين بتوظيفه مرة أخرى، قال في اجتماع سري أمراً واحداً مهماً لفت انتباههم؛ قال إن لديه صديقاً مهتماً أيضاً بالتجسس لصالح إيران، موضحاً أنه يعمل مع الولايات المتحدة في قاعدة إنغرليك.

"قدَّم معلومات استخبارية حول العمليات الأمريكية"... موظف أمن عراقي عمل جاسوساً لإيران وسعى إلى تجنيد صديق له

للتأكد من صدقيته، كلّفه ضابط المخابرات الإيراني المخول بتشغيله السفر إلى تركيا وتجنيد صديقه للتجسس على الأمريكيين لحساب طهران. أطلع الجاسوس العراقي مشغله على نتائج المقابلة في الاجتماع اللاحق.

في إحدى البرقيات المسربة، كتب العراقي للضابط الإيراني: "في زيارة الشهر الماضي المتفق عليها، زرته وتحدثت معه عن تعاونه مع إيران. من المرجح جداً أن يتعاون مع إيران". لكنه لفت إلى أن وجود صديقه في "إنغرليك" يصعّب المهمة لأن "القوات الأمريكية تسيطر بشدة على العناصر العاملة داخل قاعدة إنغرليك الجوية" ما يصبح معه "مغادرة القاعدة والسفر حول المدن مشكلة".

لم تدم تلك المشكلة طويلاً. بعد حضور هذا الصديق دورةً تدريبية في الولايات المتحدة لمدة شهرين، نُقل إلى قاعدة عين الأسد الجوية التي تضم قوات أمريكية في العراق. عاد العراقي ليخبر ضابط المخابرات الإيراني: "في هذه المرحلة، سيكون من السهل إقامة اتصال معه".

في غضون ذلك، أُعجب الضابط الإيراني بجهود الجاسوسين العراقيين، فأفاد في تقريره بأن "المراحل الأولية لملف تعاونه قد اكتملت، وهو مستعد لتلقي رمز التعاون" تمهيداً للخطوة التالية: تعيينه كجاسوس "بناءً على توجيهات المدير العام الموقر 364".

"مبدعون" في التجسس

ليس واضحاً في التسريبات إذا كان الصديق الذي يعمل مع القوات الأمريكية تم تجنيده بالفعل وسرّب معلومات للإيرانيين. ورفض متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التعليق لـ"ذا إنترسبت". لكن الموقع لفت إلى أن حالة العراقي لم تكن أول مرة ينجح فيها الإيرانيون في استخدام العراق كمنصة للتجسس على الولايات المتحدة.

قصة أخرى كشفتها الوثائق المسربة ونشرها الموقع بالتعاون مع "نيويورك تايمز" عام 2019، أظهرت أن MOIS جندت أو كانت تحاول تجنيد أحد الأشخاص داخل وزارة الخارجية الأمريكية. لم تُحدد هوية الشخص بالاسم، وتم الاكتفاء بوصفه شخصاً عمل في وزارة الخارجية بشأن قضايا العراق و"يتمتع بإمكانية وصول جيدة" إلى المعلومات السرية.

أخيراً، عام 2020، نفّذ مكتب التحقيقات الفيدرالي اعتقالات على ذمة قضية تجسس أخرى مرتبطة بدور إيران في العراق. اتُهمت فيها مريم طومسون، مترجمة من ولاية مينيسوتا تعمل لدى الجيش الأمريكي في العراق، بتمرير معلومات إلى إيران حددت مخبرين سريين أمريكيين يجمعون معلومات للولايات المتحدة تتعلق بـ"حزب الله"، الجماعة اللبنانية المسلحة المدعومة من إيران. تنوي المتهمة الاعتراف بالذنب، وفق ملفات القضية.

من أجل تجنب الخيانة أو كشف عملياتهم، لجأ الإيرانيون إلى توظيف عملاء عراقيين لديهم روابط عائلية أو مذهبية مع إيران

إلى ذلك، تُظهر البرقيات المسربة أن عمليات المخابرات الإيرانية تتم عادة في جميع أنحاء العراق من دون تدخل يذكر من المحققين الأمريكيين. عزا "ذا إنترسبت" ذلك إلى أن الإيرانيين يعتمدون "أسلوباً تقليدياً شاقاً وعتيقاً لتجنب اكتشافهم أثناء مقابلة مصادرهم"، بل وصفهم بأنهم "مبدعون أيضاً في الاستفادة من المؤسسات والأحداث الدينية والثقافية في العراق لأغراض استخبارية".

من إجراءات الحذر التي التزمها جواسيس إيران في العراق خلال لقاءاتهم مع ضباط المخابرات الإيرانيين، المشي مسافات طويلة، والتنقل بين الأسواق والمولات والمزارات الدينية ومعارض الفنون، واستخدام أكثر من وسيلة مواصلات.

أما من أجل تجنب الخيانة أو كشف عملياتها، فلجأ الإيرانيون لتوظيف عملاء ومخبرين عراقيين لديهم بعض الروابط العائلية أو المذهبية مع إيران. أشار أحد تقارير وزارة الاستخبارات الإيرانية حول ضابط استخبارات عراقي أراد التجسس لصالح إيران، إلى أن والده لجأ إلى إيران في سبعينيات القرن الماضي، وأنه هو نفسه "قضى ثلاث سنوات في المدرسة الابتدائية في إيران".




رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image