شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"محاولة مقنّعة لمعاقبتي على نشاطي المعارض"... مصر تطالب إسبانيا بتسليمها محمد علي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 15 يوليو 202008:44 م

تسعى السلطات المصرية إلى إعادة المقاول الشاب محمد علي، من منفاه الاختياري في إسبانيا. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن محكمة إسبانية تنظر حالياً في طلب ترحيل علي إلى مصر، بعد طلب رسمي من السلطات المصرية التي تتهمه بـ"التهرب الضريبي وغسيل الأموال".

ولفتت الصحيفة إلى أن المقاول الذي أثار ضجة واسعة بسبب مقاطع فيديو نشرها واتهم فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقيادات الجيش بـ"الفساد ونهب المال العام وإهداره"، مَثل بالفعل أمام قاضٍ إسباني، في التاسع من تموز/ يوليو، عبر خاصية "الفيديو كونفرنس"، في جلسة استماع أولية، مُنح بموجبها مهلة 45 يوماً لعرض دفوعه ضد تسليمه إلى السلطات المصرية.

ويعيش علي، منذ عام 2018، في إقليم كاتالونيا، شمال شرق إسبانيا. وفي العام الماضي، نشر سلسلة من مقاطع الفيديو التي وجّه فيها اتهامات بالفساد لقيادات كبيرة في الحكومة والجيش المصريين، زاعماً تعرّضه لـ"النصب والاحتيال" من قبل هذه القيادات.

وأشعلت هذه المقاطع الغضب وساهمت في خروج احتجاجات نادرة ومحدودة في القاهرة ومحافظات مثل الإسكندرية والسويس، في 20 و21 أيلول/ سبتمبر 2019، طالب المشاركون فيها برحيل السيسي، وأسفرت عن عمليات اعتقال عشوائي لأكثر من 2300 شخص، وفق منظمة العفو الدولية.

مُهدد بالترحيل

وفي رسالة بريد إلكتروني، قال علي لـ"نيويورك تايمز" إن الاتهامات ضده "محاولة مقنّعة لمعاقبته على نشاطه" المعارض للنظام الحالي في مصر، معرباً عن أمله في أن تقف إسبانيا التي وصفها بأنها "دولة عادلة تناضل لأجل حقوق الإنسان" إلى جانبه.

علي، الذي تعاون مع الهيئة الهندسية في الجيش المصري طيلة 15 عاماً كمقاول ينفّذ مشاريع، أسهب في مقاطع الفيديو المذكورة في الحديث عن مظاهر "الترف والاستبداد" التي تعيشها أسرة الرئيس السيسي.

ولأشهر عدّة، نظر كثيرون إلى المقاول المعارض على أنه "متمرد شعبوي"، ورأى البعض أن بإمكانه قيادة ثورة جديدة في البلاد.

وكان علي قد أكد، في مقابلة مع "نيويورك تايمز" في العام الماضي، أنه ليست لديه أية "طموحات سياسية شخصية" وإنما يريد العمل على "توحيد" الجماعات المعارضة للسيسي، بما في ذلك الإخوان المسلمين.

ومع إعلانه مطلع العام الجاري "اعتزال الحديث في السياسة"، انحسر الاهتمام بما يقوله، خاصة عقب فشله في حشد تجمع مناهض للنظام المصري. في الأثناء، واجهت أسرته مضايقات من قبل قوات الأمن المصرية.

مصر تطالب بإعادة المقاول محمد علي من إسبانيا على خلفية اتهامات بـ"التهرب الضريبي وغسل الأموال"... والمقاول الشاب ينشد دعم إسبانيا "العادلة التي تناضل لأجل حقوق الإنسان"

وفي شباط/ فبراير الماضي، قضت محكمة مصرية غيابياً على المقاول المعارض بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة التهرب الضريبي، مع إلزامه بدفع غرامة قيمتها نحو 250 ألف دولار أمريكي، اعتبرتها "ضرائب متأخرة".

وفي ملف من 20 صفحة أرسلته إلى القضاء الإسباني، عرضت السلطات المصرية الاتهامات التي توجهها إلى علي، وفيها أنه أبرم صفقات عقارية تعود إلى عام 2006، "دون الكشف عن جزء من أرباحه".

وتطالب الدعوى السلطات الإسبانية بإعادة علي إلى مصر لمحاكمته على خلفية هذه التهم التي ينفيها، ويقول عنها: "غادرت مصر قبل عامين ولم يوقفني أحد. إذا كنت قد قمت بالاحتيال، فلماذا سمحوا لي بمغادرة البلاد؟".

حملة لإسكات المعارضين في الخارج

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن طلب تسليم علي ليس إلا "أحدث جهد مصري لاستخدام الأدوات القانونية ووسائل أخرى لإسكات منتقدي السيسي الأكثر صراحة في بلدان خارج نطاق صلاحياته الأمنية القوية".

وذكرت أنه منذ عام 2013، وجّه المدّعون المصريون العديد من طلبات التسليم إلى دول أوروبية وآسيوية لإعادة معارضين، وخاصةً قادة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في البلاد، لافتةً إلى أنه على الرغم من رفض غالبية هذه الطلبات، فإن "بعض المنشقين احتُجزوا في السجن أو جُمّدت أصولهم لأشهر في دول مثل ألبانيا وأوكرانيا والهند خلال مكافحتهم ضد تسليمهم".

وضمن حملة إسكات المعارضين في الخارج، تمارس السلطات المصرية الضغوط على أقاربهم المتواجدين داخل البلاد.

بعد الطلب من إسبانيا إعادته إلى مصر… محمد علي يقول إن الاتهامات ضده "محاولة مقنّعة لمعاقبته على نشاطه" المعارض للنظام

وتجدر الإشارة إلى ما قاله الناشط الأمريكي من أصول مصرية، محمد سلطان، عن تعرض أفراد عائلته في مصر ووالده المسجون إلى مداهمات أمنية وتنكيل وضغوط، لثنيه عن رفع دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد رئيس الحكومة المصري الأسبق حازم الببلاوي ومسؤولين بارزين آخرين، يتهمهم بتعذيبه خلال فترة اعتقاله بين عامي 2013 و2015.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي تستخدم فيها السلطات المصرية هذه التكتيكات ضد معارضيها، حيث شكا معارضون يقيمون في دول منها تركيا وقطر من حوادث مماثلة.

وفي رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في 30 حزيران/ يونيو الماضي، نددت مجموعة من الخبراء في الشؤون المصرية باعتقال خمسة من أقارب سلطان واعتبروا ذلك "محاولة واضحة لإجباره على إسقاط دعواه".

وأضافت مجموعة العمل الخاصة بمصر، والتي تضم مجموعة من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأمريكيين، وتسعى للتأثير على السياسة الأمريكية تجاه مصر، أن الاعتقالات "تمثل تدخلاً صارخاً في نظام العدالة الأمريكي وإساءة للحقوق القانونية لسلطان كمواطن أمريكي".

سابقة حسين سالم

بالعودة إلى علي، فإنه في ظل عدم وجود معاهدة لتبادل المطلوبين بين مصر وإسبانيا، فإنه ينبغي أن يبتّ قاضٍ إسباني في هذا الملف.

وكانت مصر قد قدمت طلباً مماثلاً، عقب ثورات الربيع العربي في عام 2011، لمطالبة السلطات الإسبانية بتسليم رجل الأعمال المصري البارز حسين سالم، الذي كان مقرباً من الرئيس الراحل حسني مبارك، واتهمته بالاحتيال.

وفي النهاية، رفضت المحكمة الدستورية الإسبانية الطلب المصري بعدما تنازل سالم عن الجنسية المصرية وأصبح مواطناً إسبانياً.

وقبل وفاته، أبرم سالم صفقة مع الحكومة المصرية سمحت له بالعودة إلى مصر عام 2017 مقابل دفع 600 مليون دولار.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image