في خطوة أثارت ردود أفعال غاضبة، دعا المنسق الإعلامي لمجلس سوريا الديمقراطية في أوروبا إبراهيم إبراهيم إلى قتل نصف الموجودين حالياً في محافظة إدلب لأنهم "إرهابيون"، على حد تعبيره.
وقال إبراهيم خلال لقاء على "تلفزيون سوريا": "50% إن لم نقل أغلب الموجودين في منطقة إدلب هم إرهابيون قتلوا وسرقوا ويستحقون القتل، وإذا كان الموجودون هم أربعة ملايين فإن نصفهم أي 2 مليون يستحقون القتل".
وكرر إبراهيم تأكيده على "ضرورة قتل نصف الموجودين في إدلب، وأنه مسؤول عن ما يتحدث به".
اعتذار وإقالة
سرعان ما تبرأ مجلس سوريا الديمقراطية، المعروف باسم "مسد"، من هذه التصريحات، من خلال بيان أعلن فيه عن إقالة إبراهيم من منصبه.
وقال البيان إن "إبراهيم إبراهيم، المنسق الإعلامي لمجلس سوريا الديمقراطية في أوروبا، أدلى بتصريحات لا تمثل مواقف مسد وإنما تعبر عن آرائه ومواقفه الشخصية".
وأضاف: "نؤكد للرأي العام أن مجلس سوريا الديمقراطية غير معني بتلك التصريحات وأن إبراهيم أُقيل في 15 نيسان/أبريل 2020 بسبب تلك التصريحات، ولم تعد له أي علاقة بنشاط مجلس سوريا الديمقراطية".
ويُعد المجلس الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية ("قسد")، وهي مشكلة بشكل أساسي من قوات "حزب الاتحاد الديمقراطي"، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، فضلاً عن مقاتلين من العشائر العربية وأقليات سوريا أخرى. وتُسيطر هذه القوات على أجزاء واسعة من محافظات الحسكة والرقة ودير الزور شمال شرق سوريا.
ويتهم الأكراد في تقارير موثقة بالفيديوهات منظمات سورية مسلحة، مدعومة من تركيا في إدلب وعفرين وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الأكراد والأقليات.
المنسق الإعلامي لمجلس سوريا الديمقراطية في أوروبا إبراهيم إبراهيم يدعو إلى قتل مليوني سوري في إدلب بعد وصفهم بـ"الإرهابيين". المجلس يرد بإقالته وردود متباينة حول خلفيات التصريح
وفي أول رد له، قال إبراھيم إنه "لم يقصد أبداً المواطنين المدنيين في إدلب وإنما كان يقصد الإرھابيين".
وأضاف إبراھيم: "أثناء مشاركتي في برنامج حواري على قناة سوريا التي تبث من تركيا حصل ھناك سوء فھم وفُھم كلامي في غير مقصده حيث فھم العديد من متابعي القناة بأنني اتھمت أھلي وأخوتي في إدلب بالإرھاب وھذا ما لم أقصده على الإطلاق بل قصدت الكتائب الإرھابية من الإخوان وجبھة النصرة بالذات".
دعوة للمحاسبة
ندّدت منظمات حقوقية سورية بتصريحات المسؤول الكردي، ودعت السلطات الدنماركية إلى محاسبة إبراهيم الذي يقيم في كوبنهاغن.
واعتبرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن "توجيه تهم الإرهاب دون دليل مادي ملموس من أي فرد، وبشكل خاص المنتسبين إلى الأحزاب والهيئات السياسية، يُشكل خطورة أكبر على المجتمع، ويولِّد ردات فعل عنيفة".
ونددت الشبكة بأي "خطاب تحريض على الكراهية والعنف والعنصرية صادر من أي جهة كانت"، مؤكدة على "ضرورة سيادة قيم المواطنة، واحترام وتعزيز حقوق وخصوصية المجتمعات الثقافية والدينية والعرقية، ونشر ثقافة المحاسبة وحقوق الإنسان ضمن مسار التغيير السياسي نحو الديمقراطية في سوريا".
كما دعا "الائتلاف الوطني السوري" السلطات الرسمية في الدنمارك إلى التحقيق في تصريحات إبراهيم، واعتبرها نشراً للكراهية وتحريضاً على القتل والإجرام والإرهاب.
انتكاسة لجهود بناء الثقة
وصف الباحث السوري في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" حمزة المصطفى تصريح إبراهيم بأنه "غير مسؤول ويتسم بكثير من عدم اللباقة والعنجهية المكتسبة من فائض قوة وهمي تعيشه بعض القيادات الكردية في سوريا".
وأضاف الباحث السوري لرصيف22: " بات هذا التصريح عقبة جديدة أمام محاولات بناء الثقة بين المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية وتجاوز رواسب المرحلة السابقة بين الطرفين".
"الولايات المتحدة أجرت محاولات لتطبيع العلاقات بين تركيا والوحدات الكردية مقابل حوافز عسكرية لأنقرة لصد أي هجوم محتمل للنظام وروسيا"... باحث سوري يُشير إلى تداعيات تصريح المسؤول الكردي حول قتل سوريين في إدلب
وزعم المصطفى أن "الولايات المتحدة أجرت خلال الشهر الأخير محاولات لتطبيع العلاقات بين تركيا والوحدات الكردية مقابل حوافز أميركية عسكرية لأنقرة لتعزيز جبهة إدلب أمام أي هجوم محتمل للنظام السوري وروسيا وبادرت أنقرة بإطلاق سراح قيادي كردي وتفعيل بعض الاتصالات بين الأكراد وقيادات المعارضة".
وتابع الباحث السوري: "لاحظنا تراجع اللهجة الخشبية من قيادات المعارضة تجاه الوحدات الكردية، لكن جاء هذا التصريح ليحول دون ردم الهوة العميقة بين الطرفين، ولم تتعامل مسد بطريقة مناسبة تخفف من وطأة هذا الخطأ الجسيم، وراحت تبحث في ثنايا الاعتذار عن لهجة تبريرية".
في المقابل، قال الكاتب والأكاديمي السوري مهيب صالحة إن "هناك محاولة لعمل زوبعة من تصريحات إعلامي ضد مسد والأكراد عموماً. ويكفيهم مصداقية أنهم اعتذروا وتبرأوا وأقالوا إبراهيم، لكن كثيرين دعموا وقاتلوا في صفوف داعش والنصرة والجماعات الإرهابية الإخوانية الذين مارسوا كل أنواع القتل والسلب والسبي والتعذيب والتهجير بحق السوريين ولم يتقدم أي منهم باعتذار عن خطئه ولا تبرأ من عمل الإرهابيين".
وأضاف صالحة: "كلام ابراهيم إبراهيم مُدان لأنه يحرض على الكراهية وعلى القتل بدون تمييز لملايين البشر وغالبيتهم غير مسؤولة عن جرائم الجماعات الإرهابية تجاه الأكراد في عفرين وعين العرب وتل أبيض ورأس العين وغيرها".
واعتبر أن "المحطة التي ظهر عليها إبراهيم قامت بتجزئة حديث إبراهيم وإعادة منتجته خدمة لأهداف إخوانية بحتة، وبالتالي لم تكن المحطة كوسيلة إعلامية مهنية وأخلاقية، فالرجل لم يقل إنه مع قتل المدنيين في إدلب إنما قتل الإرهابيين ويقصد الجماعات الإسلامية الإرهابية التي فظعت في عفرين".
ورأى صالحة أن أي"حدث كبير كالمسألة السورية التي أدت إلى تهتك النسيج المجتمعي سيكون من الطبيعي أن تظهر فيها أصوات وأفعال مقززة، ولكن هذا لا يجب أن يُعمَّم على ظواهر أو مجموعة بشرية أو مكون مجتمعي أو سياسي طالما أن وسائل التعبير عن الموقف الرسمي معروفة، ليس من بينها مقابلة أو حديث صحافي أو مقالة، فالموقف الرسمي تعبر عنه هيئات سياسية مختصة ببيان أو منشور".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...